الفريق الجزائري سيبرهن للعالم أنه قادر على إحداث الاستثناء رغم قلة الدعم يحدثنا عمر عزيّز، وهو رئيس البعثة الجزائرية لتونس، المشاركة في بطولة المغرب العربي لمناظرات الجامعات المفتوحة باللغة العربية، بدعم من أكاديمية المناظرات ومناظرات قطر، عن التجربة الجزائرية في هذا المجال، مشيرا إلى الصعوبات التي يعيشها الشباب الجزائرية المميز والاستثنائي والذي لا يجد الدعم. حينما نتحدث عن المناظرة في وقتنا، يتبادر إلى ذهننا ذلك النوع من الجدار الذي قد يؤدي إلى العراك أحيانا، والذي تجسد مؤخرا في الكثير من البرامج التلفزيونية، حبذا لو تعرفنا على المفهوم الحقيقي للمناظرة وأن تضع القارئ في الصورة الحقيقية لها؟ إن تاريخ فن المناظرة باللغة العربية قديم، فقد كال العرب قبل الإسلام مجالسهم التي كانوا يتبادلون فيها الرأي والمشورة بأسلوب خطابي، ثم تطور مفهوم المناظرة بعد ظهور الإسلام وارتقت وتنوعت أساليبها وموضوعاتها، وقد استخدمت بشكل أوسع بين المدارس الفقهية والمدارس النحوية، وتطورت عبر دخولها مجالس الفلسفة وعلم الكلام.. وفي العصور المتأخرة تقهقر دور المناظرة وضعف، بيد أن المناظرة استعادت بريقها مرة أخوي في العصر الحديث، وتجدد ظهورها في الصحف والقنوات الفضائية، وعلى الرغم من هذه الصحوة المتأخرة لفن المناظرة فالمناظرات باللغة العربية، لا تزال حتى يومنا هذا تفتقد إلى التنظيم والتقنين. كما أن المؤسسات التعليمية لم تستفد من فنون المناظرة في تحسين العملية التربوية والتعليمية. إلى أي مدى عالمنا العربي بحاجة إلى هذا النوع من المبادرات، وهل هي أولوية في ظل هذا الوضع الإنساني الصعب الذي تعيشه المنطقة؟ لا شك أن الوضع الإنساني اليوم بحاجة ماسة إلى إيجاد سبل التعايش السلمي، وتوفير شروط التواصل بين البشر بصرف النظر على اختلافاتهم الثقافية وتباين أعراقهم وأجناسهم وألوانهم ولغاتهم، ذلك أنه عندما تتعطل لغة التواصل يهيمن منطق القوة عوضا عن منطق الحجة، ويصبح العنف بديلا عن العقل، وهذا ما يفرز الفوضى في العالم الإنساني ويولد التوترات والصراعات التي لا يكون نتاجها سوى الدمار وانحدار الإنسانية إلى همجية الحرب والإرهاب. ولعل هذه الاعتبارات هي التي تشكل إطارا ملائما لضبط دواعي الحاجة الملحة اليوم إلى خلق الظروف الملائمة لإبداع ثقافة حوارية قوامها التواصل عبر الاختلاف، والانفتاح على الآخر بصرف النظر عن جنسيته وثقافته وملته ولغته. وفي هذا السياق، لا يمكن تجاوز العلاقات المبنية على القوة والعنف من دون إرساء مقومات الحوار العقلاني، وأسس النقاش المفتوح عبر ترسيخ قواعد النقاش البناء. وبهذا الشكل يتمكن البشر من تبادل الآراء والأفكار ومن خوض غمار المناظرة بين المواقف بالاعتماد على مقارعة الحجة بالحجة لبناء أسس سليمة للنقاش وتتمكن الإنسانية الراسخة في منطق العقل من أن تكون المشترك بين مختلف البشر في مختلف أرجاء المعمورة. ماهي الصعوبات التي واجهتكم إلى الآن كفريق جزائري يستعد للمشاركة في تظاهرة بهذا الحجم؟ إن أي عمل تربوي كان آم تعليمي فإنه لا يخلو من معوقات وصعوبات، فعلى سبيل المثال نحن كفريق جزائري يهدف لتمثيل الجزائر في هذه البطولة لحد الآن لم نجد أي دعم معنوي كان أم مادي، فبطولة المغرب العربي للمناظرات ستتكفل بالقامة ولكن لا تتكفل بمصاريف السفر، ونحن الآن في بحث دائم على دعم لفريقنا لتمثيل الجزائر أحسن تمثيل. وبعد رحلة بحث خضتها شخصيا وخاضتها المسؤولة الإعلامية للفريق بين المؤسسات التجارية ومؤسسات الطيران في الجزائر فشلنا في تحصيل داعم واحد وكانت الإجابة دائما تصب في أنهم لا يهتمون بالتظاهرات الفكرية ولو أن الفعالية كانت مهرجان غنائي أو سينمائي كان سيكون الدعم دون مشكل، وهذا ما حز في نفسي ونفس الفريق المصر على إحداث الفرق من خلال هذه المشاركة التي تعد تحد في ظل هذه الظروف. ماهو الهدف الحقيقي من المشاركة الجزائرية في هذه التظاهرة رغم الصعوبات التي ذكرتها؟ نسعى لبناء جيل قيادي يساهم في رقي مجتمعه ووطنه، من خلال التمكن من فن التناظر وعبر العمل على تطوير أساليب التعليم، فكما هو معلوم فإن فن المناظرة فن عريق في تاريخنا الإسلامي أسهم بشكل أو بآخر في ظهور المدارس الفقهية وقد استخدمت بشكل أوسع عبر دخولها مجالس الفلسفة وعلم الكلام. نهدف من خلال مشاركتنا في هذه البطولة والتي تعد بطولة الأولى من نوعها في المغرب العربي على نشر ثقافة الحوار وأسس النقاش المفتوح على الآخر وإرساء مقومات الحوار العقلاني والذي من شأنه أن يشكل لنا جيلا مثقفا يفهم لغة الحوار ويعتز بلغته العربية والتي هي من مقومات الهوية العربية. ضف إلى ذلك أن المشاركة في بطولة المغرب العربي للمناظرات باللغة العربية سيفتح قنوات التواصل بين طلبة الجامعات من مختلف الأقطار العربية عبر فتح مجال النقاش أمامها. وتعرف أساليب التفكير المختلفة واكتشاف قدرة الإقناع والمحاججة وفنون الخطابة التي يتمتع بها الشباب الطلابي الجزائري. كذلك لإتاحة فرصة التعارف بين شباب الجامعات بما يضمن لهم تبادل المعارف والآراء وتطارح المسائل المشتركة وتمكينهم من التعبير عن مواقفهم وتقديم آرائهم في مسائل تهم الشأن العام العالمي والعربي على الخصوص بما يسهم في تنمية الحس النقدي عندهم وفي خلق تقاليد حوارية كفيلة بتطوير العلاقات القائمة بين مختلف الأوساط العلمية العربية. بما يعد الفريق الجزائري، الشباب الذي تمثلونه في الجزائر والذي ينتظر منكم الكثير؟ نعدهم بأن نبذل قصارى جهدنا لتمثيل الجزائر أحسن تمثيل، ونطمح للفوز بالبطولة بحول الله تعالى. وفي الأخير هدفنا الأول والأخير هو نشر ثقافة وفن الحوار في الجزائر عبر بوابة المناظرات وإتاحة فرص أكثر للشباب للتعبير عن أرائهم ومواقفهم بما يساهم في تنمية المجتمع ثقافيا.