شدد خبراء و مختصون على ضرورة ارساء ثقافة الحوار والمناظرة في المناهج التربوية لانتاج جيل متدرب على قبول منظور الآخر، واشادوا بتجربة الجزائر في اصلاح المنظومة التربوية باعتبارها تقوم على اسلوب المقاربة بالكفاءات كمنهجية للتقريب بين النظري في الوسط التعليمي ، و العملي خارج المحيط الدراسي . دعا المشاركون في المؤتمر الدولي الرابع حول "الخطابة والمناظرة و الحوار.. نحو تأصيل منهجية للتمكين في مؤسساتنا التعليمية" ، المنظم من طرف مركز مناظرات قطر بالدوحة ، الى ضرورة احداث تغيير شامل و جذري للمناهج التربوية قصد تكريس مفهوم المجادلة المنطقية و الاستماع الى " محاججات " الآخرين و بالتالي تأسيس حوار جاد و مثمر في الوسط التعليمي . وشدد اكثر من 150 اكاديمي و باحث و تربوي من مختلف دول العالم على ضرورة ممارسة لغة الحوار في الوسط العائلي كمرحلة اولى واساسية تكون امتداد لأسلوب المجادلة و قبول الرأي الآخر حتى و لو كان معارضا، في اوساط الجيل الجديد ، مادام التدريس هو مفتاح الجدل البناء، و لهذا لا بد حسب هؤلاء من التركيز على دور المؤسسات التربوية و المناهج البيداغوجية في تأصيل و تجذير التنشئة الحوارية و اكتساب مهارة البلاغة التي تساعد النشأ على قوة الاقناع و الخطابة . من جهتها، قالت رئيسة مجلس ادارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، الشيخة موزا بنت ناصر خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أن التعليم يمكّن التلاميذ من ادراك ان "منطق الحجة في مواجهة الحجة هو البديل الحضاري لفوضى الرصاص في مواجهة الرصاص" . واشارت الى انه مثلما في جميع القضايا الاخرى فإن التربية والتنشئة لا تتحقق خارج التعليم ففيه حسبها يُبنى الانسان و يبدأ التعبير عن الرأي بالاحتكام الى المنطق لينمو الفعل النقدي وينتج تفكيرا نقديا ابتكاريا وليس عقلا خاملا . وحذرت ذات المتحدثة من التهاون في اعداد الشباب لقيادة المستقبل، مشيرة الى أن البراعة في استخدامِ اللغة وتوظيف الفكر في فنون الخطابة والمناظرة والحوار هي أساليب تعبيرية استخدمها الإنسان منذ القدم وصار لها في العصرِ الحديث تأثيرا أبلغ في فضاءات الإعلامِ والسياسة والثقافة وإدارة الأزمات . من جهتها قالت الدكتورة حياة عبدالله معرفي المديرة التنفيذية لمركز مناظرات قطر ان الوطن العربي دخل حقبة جديدة من حرية الرأي والرأي الاخر تتسم بالجراة في الحوار بغية الوصول الى الحقيقة، مشيرة الى ان المركز يسعي من خلال هذا المؤتمر العملي ان يكون جسرا للتواصل بين حضارات وثقافات واديان متنوعة غايتها الوصول الي مجتمع يسوده احترام الراي، كما ان انعقاد المؤتمر حسبها يؤكد علي اهمية تمكين الشباب من اتقان مهارات واساليب التفكير الناقد والخطابة والحوار بهدف خلق عالم افضل تقل فيه الازمات والصراعات ويحتكم في خلافاته الي العقل والمنطق والحوار والدليل والبرهان .