يعرف المشهد السياسي التونسي تحولات كبيرة في الفترة الحالية، وينتظر أن يعلن خلال الفترة القادمة عن ميلاد أكثر من حزب سياسي جديد وأكثر من مبادرة يقودها سياسيون من زمن الرئيس السابق بن علي، ومن قادة ما بعد ثورة جانفي 2011. وهذه الكيانات السياسية الجديدة تطرح أكثر من تساؤل حول ما تحمله من برامج وما قد تقدمه من إضافات للمشهد السياسي التونسي. وتتزامن ولادة هذه الأحزاب الجديدة مع تراجع قوة الحزب الحاكم الفائز بانتخابات 2014 (نداء تونس)، الذي عصفت به الانقسامات الداخلية والانشقاقات، ففقد أغلبيته في البرلمان ليفسح المجال أمام حركة النهضة الفائزة في أول انتخابات بعد الثورة سنة 2011، لتكون الكتلة البرلمانية الأولى. وينتظر أن يعلن الأمين العام السابق لنداء تونس، محسن مرزوق، المستقيل منه على إثر خلافات داخلية مع شق يتزعمه ابن رئيس الجمهورية، حافظ قائد السبسي، بداية شهر مارس المقبل، عن حزبه الجديد، الذي قد يحمل اسم "تونس الحرة"، بينما سيعلن منذر الزنايدي، وزير حكومة بن علي، والذي سبق له أن الترشح للانتخابات الرئاسية سنة 2014، عن مبادرة سياسية أيضا نهاية الشهر الحالي، كما سيطرح رئيس الحكومة السابق المهدي جمعة، خلال الأيام القادمة، مبادرته السياسية، والتي سيجمع فيها عددا من الوجوه المعروفة منها من عمل مع نظامي بن علي وبورقيبة. وكان الرئيس المؤقت السابق، المنصف المرزوقي، قد أعلن منذ أيام، عن بعث حزبه الجديد "حراك تونس الإرادة"، الذي قال إنه سيكون البديل الأفضل للتونسيين. وضمت كتلة نداء تونس 86 نائبا، بعد نتائج الانتخابات التشريعية في 2014، مما جعلها الكتلة النيابية الأولى بمجلس نواب الشعب، إلا أن الاستقالات قلصت في عددها وجعلت منها الكتلة النيابية الثانية بعد حركة النهضة، حيث أصبحت تضم 64 نائبا بعد استقالة 22 نائبا لتصبح حاليا 58 نائبا بعد استقالة النواب ال6 الأسبوع الماضي، ولئن لم تظهر حتى الآن نتائج انقسام التقهقر في حزب نداء تونس واستقالة عدد كبير من ممثليه من كتلته البرلمانية على سير الحكومة والعمل داخل البرلمان، فإن انقسامه قد يكون السبب الرئيس الذي فتح المجال لبعض هذه الوجوه للتفكير في العودة للساحة السياسية. ويرى المحلل الصحفي نور الدين المباركي، أن ظهور هذه الأحزاب السياسية الجديدة وعودة الأسماء القديمة في هذا التوقيت بالذات أمر طبيعي، فالأزمة التي يتخبط فيها حزب "نداء تونس"، إضافة إلى الاحتجاجات الشعبية الأخيرة التي شهدتها تونس مع بداية شهر يناير، قد جعلت البعض يعتبر التوقيت مناسبا للعودة إلى المشهد السياسي.