مرة أخرى يحرص المخزن على "حصرية" الخيانة و«الريادة" في إلحاق الضرر بجيرانه، حيث وقع مجدّدا في فخّ فضائحه اللامتناهية المرتبطة بالجوسسة، التي أصبح ينفرد بهما بدعم من حلفائه من القوى الاستعمارية، منها إسرائيل التي تزوّده ببرمجيات للتجسّس على المسؤولين من دول الجوار في إطار فضيحة بيغاسوس، قبل أن يتورط منذ أيام قليلة بفضيحة جوسسة جديدة في إسبانيا بدعم من فرنسا. كالعادة لم يصنع المخزن مجدّدا الاستثناء والتميز من خلال سلسلة فضائح التجسّس التي أصبحت "علامة مسجلة" باسمه في المنطقة المغاربية والمتوسطية، وبدا جليا أنه بات وفيا لسياسة إيذاء الجيرة من أجل خدمة مصالحه والأجندات الاجنبية، بعد تخويله القيام بمهمات عدائية بالوكالة في المنطقة لهز استقرارها. فقد تعزّز رصيد المخزن من الفضائح التجسّسية هذه المرة بالتجسّس على إسبانيا التي كانت ضحية سرقة معلومات عسكرية من جزر الكناري ومليلية بدعم من فرنسا، حسبما أكدته الجريدة الإسبانية "البيريوديكو"، التي كشفت في طبعتها الصادرة الأسبوع الماضي، أن شبكة متكوّنة من أربعة جواسيس تابعين لمصلحة المخابرات المغربية، قامت بسرقة معلومات عسكرية من الجزر المذكورة قبل أن يلوذ أفرادها بالفرار. وأكدت الجريدة الإسبانية أن "عملية التجسّس هذه التي تخصّ معلومات استراتيجية لجزر الكناري ومليلية متعلقة ببروتوكولات العمل العسكري، تعزّز الشكوك المتزايدة حول أهداف المملكة العلوية على التراب الإسباني"، مشيرة إلى أن كشف هذه الفضيحة الجديدة للجوسّسة يأخذ بعدا مقلقا أكثر كونها أدرجت طرفا ثالثا وهو فرنسا. وورطت الصحيفة الإسبانية مصالح الاستخبارات الفرنسية بناء على مصادر مخابرات أوروبية بتقديم دعم لوجيستيكي ومعلومات للمغرب في إطار حملة جوسسة ضد مناطق استراتيجية إسبانية، مضيفة أن باريس التي تعزّزت علاقاتها مع الرباط خلال السنوات الأخيرة تفضل مصالحها الثنائية مع المغرب بدل الاستقرار الجهوي أو دورها كحليف أوروبي، فضلا عن سعي المغرب لتحقيق طموحات جيوسياسية في المنطقة . ويبدو أن المخزن لم يتعلم الدرس منذ ثلاث سنوات من فضيحة التجسس "بيغاسوس"، والتي اتهم فيها البرلمان الأوروبي المغرب بالتجسّس بشكل غير قانوني على مسؤولين في إسبانيا التي كانت أكثر استهدافا، لتأتي بعدها بقية الدول الأوروبية ودول مغاربية وحتى مسؤولين من منظمات دولية كالأمم المتحدة. كما اتهم المغرب سنة 2021 باستعمال البرنامج الذي صمّمته شركة "ان اس او" الصهيونية وذلك بعد تحريات مكثفة أجرتها هيئة مشكلة من 17 وسيلة إعلامية دولية على أساس البيانات التي حصلت عليها منظمة "فوربيدن ستوريز" ومنظمة العفو الدولية، في حين وضعت حكومة الولاياتالمتحدة مجموعة "ان اس او" على اللائحة السوداء "للانخراط في أنشطة تتعارض مع الأمن القومي أو مصالح سياستها الخارجية." وقد تصاعدت أنشطة التجسس لدى نظام المخزن خصوصا بعد التطبيع مع الكيان الصهيوني باعتباره حليفا استراتيجيا يتقاسم معه نفس الأفكار الاستعمارية، لتنضم إليهما فرنسا التي تشاطرهما نفس المنحى خاصة بعد اعترافها بما يسمى بمخطط الحكم الذاتي في الصحراء الغربية ودوسها على القانون الدولي وإلحاق مؤخرا الأذية بإسبانيا عن طريق المغرب الذي قام في هذا الصدد بدور الخادم الوفي للمستعمر القديم. وبدا واضحا أن فرنسا التي تعاني من أزمات داخلية خانقة باتت تسير على نفس نهج المخزن بتنفيذ مخططات ضد دول الجوار، حيث سبق لها أن حاولت زعزعة استقرار الجزائر من خلال محاولة تجنيد إرهابيين من أجل زعزعة استقرار الجزائر، غير أن الأجهزة الاستخباراتية الجزائرية نجحت في إحباط المؤامرة. ولا يمكن سوى التسليم بالخطورة التي تمثلها القوى الاستعمارية في المنطقة المتمثلة في المغرب، الكيان الصهيوني وفرنسا التي تحاول إحياء "المجد القديم" عبر بوابة المخزن والذي لا يجد بدوره أي حرج للانبطاح أمام الكيان الصهيوني عبر تقديم الكثير من التنازلات بأبخس الأثمان ودعم اعتدائه على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة عبر تعزيز التنسيق الأمني والاستخباراتي، سواء عن طريق إرسال جنود مغاربة للقتال مع الجيش الصهيوني أو السماح بمرور السفن المحمّلة بالأسلحة نحو فلسطينالمحتلة والتي كان آخرها بداية شهر ديسمبر الجاري أو تسليم رقاب الفلسطينيين لمشانق الاحتلال الصهيوني. وبدل أن ينصاع المغرب لنداءات شعبه الداعية لوقف خيانته بعد مرور أربع سنوات من ترسيم علاقاته مع الكيان الصهيوني، إلا أن المخزن يصر على الانتشاء بإنجازاته في رهن البلاد للكيان الدخيل على المنطقة حتى ولو كان ذلك على حساب مواطنيه الذين يتعرضون للقمع الذي بات عنوانا لمملكة تستباح فيها كل المحرمات الأخلاقية والقانونية.