أولا، لا يمكن لذاكرتي أن تنسى تلك الصفحة السوداء والقاسية في حياتي، يومها لم أكن أظن أنه سيأتي يوم وأرى الفرج ويخلى سبيلي، لكن إيماني كان قاطعا أنه لا بد لليل أن ينجلي وبالفعل انجلى ذلك الليل وها أنا حرة رفقة ابني الذي ولدته داخل السجن، وأنا اليوم في بلد المليون ونصف المليون شهيد وأحاول أن أنقل لكم رسالة السجينات، هل يمكن أن تصفي لنا اليوم الذي تم فيه اعتقالك؟ نعم أتذكر ذلك اليوم جيدا لأنه محفور في ذاكرتي، يومها لم أكن أعرف أنني حامل في الشهر الأول، نعم كان من الصعب علي أن أتحمل الحمل في سجن الاحتلال الإسرائيلي، لكن والله أتذكر أن الله تعالى أعطاني قوة وصبرا كبيرين، واعتبرت أن الحمل هدية من الله لي، عمري 40 سنة، اعتقلت في معبر فبيت حانون'' في يوم 20 ماي 2007 وفي ذلك اليوم كنت أرافق ابنة أختي روضة ابراهيم حبيب التي اعتقلت معي أيضا، وهي أم لأربعة أبناء، وذلك أثناء توجهها لإجراء عملية جراحية في أحد المستشفيات الإسرائيلية، لكن يومها تعرضنا لتحقيق طويل استغرق ساعتين وكان قاسيا بأسئلة استفزازية وتخدش الحياء في بعض الأحيان وتعرضنا للإهانة ومختلف صنوف التعذيب· كم حكمت عليك السلطات الإسرائيلية بالسجن؟ حكمت عليّ السلطات الإسرائيلية ب 13 سنة حبسا، لكن مشيئة الله وإرادته جعلتها ثلاث سنوات عرفت فيها الكثير من التعذيب والإهانات، كنت أعد الأيام والليالي لأرى أولادي وبيتي· ماهي التهمة التي وجهت لك؟ وجهت لي قوات الاحتلال الإسرائيلي تهمة محاولة القيام بعملية استشهادية مع الأسيرة فروضة الحبيب''، التي اعتقلت معها وكانت كل أسئلتهم تذهب في هذا السياق، لكن يومها لم يكن هدفي هو ذلك، بل كانت هناك شكوك تحوم حولي تسببت في اعتقالي· أين وضعت مولودك وكيف كانت حالتك يومها؟ وضعت مولودي يوسف في 18 جانفي 2008 في مستشفى فمئير كفار سابا فالإسرائيلي، ويومها اقتادوني لوضع مولودي تحت حراسة عسكرية مشددة· كيف كانت ظروف السجن في البداية؟ أولا، عدو الله لا يرحم ولن يرحمنا مادمنا نؤمن بالحرية، الظروف كانت لا إنسانية، مداهمات وتفتيش دائم وحرمان الأسيرات من زيارة أو لقاء إخوتهم المعتقلين أو أزواجهن، وتعرضهن للسب والإهانة اليومية، فضلا عن التعذيب اللفظي والجسدي والنفسي، خصوصا بالنسبة لي ولأمثالي من السجينات اللواتي حملن في أحشائهن فلسطينيا، وتحملن العذاب مثلي· لقد نقلت إلى سجنين، الأول ''الدامون'' والثاني''الشارون'' في منطقة بتاح تكفا، حيث تقبع العديد من الأسيرات هناك ولا زالت الكثيرات منهن هناك· متى رأيت النور الخارجي بعدما قضيت ثلاث سنوات في السجن؟ عرفت الحرية في 2 أكتوبر ,2009 في إطار صفقة ''الحرائر''، أي أنني بقيت ثلاث سنوات تحت التعذيب والإهانات ومنع من رؤية الأقارب ونقل بين الزنازين وتعرض للاستفزازات الخادشة وغيرها من أصناف التعذيب ، يوم إعلان حريتي قبلت الأرض التي مشيت عليها بقدمي وحملت بين يدي تراب بلدي، وكم كانت فرحتي وأنا أرى أولادي وزوجي وأهلي وشعبي، ولكن صدقوني لن أحس بالحرية التامة حتى يتم الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين نساء ورجالا · كم هو عدد السجينات الفلسطينيات؟ يوجد 36 أسيرة في سجن ''الشارون'' في قسم 12 يضم أسيرات من حماس والجهاد الإسلامي وأسيرات مستقلات· بينما في سجن فالدامون'' هناك 17 أسيرة من تنظيمي فتح والجبهة الشعبية· وكنت أضرب عن رؤية المحامي لأنهم منعوا عني رؤية أهلي وزوجي وأولادي· كم هو عدد أولادك؟ أنا من سكان غزة لدي تسعة أولاد ويوسف هو ابني الأصغر، وقد اخترت اسم يوسف تيمنا بسيدنا يوسف عليه السلام الذي تكبد الكثير من الأحزان ولكنه صبر وصابر عليها· أنت من سكان غزة·· ألا ترين أنها سجن مفتوح؟ نعم غزة عبارة عن سجن مفتوح وأنا مازلت أعتبر نفسي في رحلة شاقة بانتقالي من السجن الصغير بجدرانه وحراسه وبعذاباته إلى السجن الكبير في غزة المحاصرة، حيث تمارس قوات الاحتلال مختلف أصناف التعذيب والإهانات لشعبنا، لكن رغم أنه مؤلم جدا إلا أنه سيأتي يوم وتتحرر فلسطين وسنرى النور يوما ما·