قضت "الهداف" يوما كاملا مع بوالحبيب محمد أصغر رئيس في تاريخ شباب قسنطينة، والذي قاد الفريق في سن 28 لتحقيق الصعود إلى حظيرة الكبار ب 13 نقطة كفارق، كما أنه أكثر رئيس يعمر على رأس إدارة "السنافر" في التاريخ، حيث واصل مدة 4 مواسم متتالية، كما انفرد بكونه الرئيس الذي تابعته العدالة ودخل السجن إثر حكاية طويلة بسبب الفريق، وفضلا عن هذا هو أول رئيس ل "السنافر" يرفع لقب بطولة الجزائر، كما حظي بشرف لعب رابطة أبطال إفريقيا للمرة الأولى في تاريخ الكرة الجزائرية، مع المدرب سعدان الذي أعاده للعمل في الجزائر بعد 18 سنة من الغياب عقب مونديال مكسيكو... كيف هي أحوال بوالحبيب؟ الأحوال عادية، أنا إنسان بسيط كما تعرفونني دائما، "سوسو" بوالحبيب الذي كان عمره 20 سنة هو اليوم نفسه "سوسو" بوالحبيب في الأربعين، لا يتغير. بداية بوالحبيب أم بولحليب ولماذا "سوسو"؟ الألقاب في الجزائر قصة طويلة، لا ننسى أننا خرجنا من مرحلة استعمارية طويلة سنة 1962، الأسماء تكتب بالعربية وبالفرنسية، ودائما يوجد إشكال مادامت الجزائر تستعمل لغتين، جدي في وقت الاحتلال كان إداريا، ومن الطبيعي أن تكون كل وثائقه باللغة الفرنسية، وثائقه وجدناها بوالحبيب ومن الطبيعي أن نحمل نفس اللقب، ورغم أننا من عائلة واحدة إلا أننا اقتسمنا عدة ألقاب بوالحبيب، بولحبيب وبولحليب، والمفيد ليس في اللقب، لكن في الاسم، ومن طبيعتنا كمسلمين أن نحمل أسماء أجدادنا، اسمي محمد نسبة إلى جدي، ووالدي عبد القادر واسمي الآن من المفترض محمد عبد القادر محمد، وهو الإسم الثلاثي الذي يفترض أن يحمله كل واحد منا، أما اللقب فلا يستعمل إلا للضرورة عند الاستدلال. لكن اسمك ارتبط ب "سوسو"، لماذا هذه التسمية، أولم تعد كبيرا عليها؟ أنا كنت الابن الأكبر في العائلة، ما يعني أنني كنت مدللا حيث كان والدي يطلق علي اسم "سوسو" الذي ارتبط بي إلى اليوم. موسمك كمدير إداري مع شباب قسنطينة كان هادئا إلى غاية الجولة السابعة والحديث عن ترتيب "الداربي"، ما تعليقك؟ الزوبعة لم تبدأ في "الداربي"، ولكن من الصيف، لأنه ليس من المعقول لا منطقيا ولا أخلاقيا أن شخصا يدعي أنه رئيس مجلس إدارة يذهب في عطلة ولا يمنح أي سنتيم للفريق، قارورة مياه معدنية لم يجلبها، بل بالعكس هناك أموال دخلت خزينة الفريق، وحتى لو كنا نعرف أن له ديونا، إلا أنه لم يكن من حقه تحويلها والاستفادة منها، لكنه اليوم يأتي ويقول مجلس إدارة، وشرعية ولا أدري ماذا؟، أقول له لسنا في دكان، أو نزل، الشرعية الوحيدة هي شرعية الأنصار والجمهور، من يقدم عرقا وتعبا تلك هي الشرعية التي ينالها، إذا كان يتحدث عن شرعية اقول له اذهب إلى الصندوق وأتحداه أن يذهب إلى جمعية انتخابية. مادمت قد تحدثت عن هذه النقطة المتعلقة بالرئيس السابق أونيس في وقت سألناك عن "الداربي" والحديث عن ترتيبه، هل هناك ارتباط بين الرئيس السابق، والحديث عن تحديد نتيجة هذه المقابلة المحلية، أم ماذا؟ أولا بوالحبيب في كرة القدم لا يرتب، الترتيبات لا تساعدني، أنا إنسان انتصاري (gagneur) أحب الفوز فقط، لكن لو أجد الترتيب الذي يساعد فريقي لا أفكر تماما والجائع لا يقول لا للصدقة، وبالنسبة لي مستعد للقيام بأي فعل يساعد فريقي. سيرت في سنوات التسعينيات وهي سنوات الأزمة الداخلية في الجزائر، هل تنفي أن السلطات العليا أو حتى على مستوى الولاية كانت تحدد نتائج بعض المباريات لاسيما المحلية منها، لتفادي أي فتنة تزيد من اشتعال النيران؟ أقول لك شيئا، أقسم بالله العظيم، الناس يعرفون أنني لا أخاف، أصلا أنا الخوف عندي لا أعرف طعمه، لأن الله نزعه من قلبي، خلال فترة رئاستي، واجهت "الموك" في البطولة خلال 5 لقاءات "داربي"، أقسم بالله لم يسبق أن طلبت منا السلطات شيئا من هذا القبيل، يتكلمون عن أمور أخرى، كالروح الرياضية وتفادي الانزلاقات وهي أمور تهم الناحية الأمنية، أما من الناحية الرياضية فلم يسبق أن طالبنا أحد بترتيب نتيجة فنية، "الداربي" له طابع خاص ولا يمكن ترتيبه، حتى المقابلات المحلية التي انتهت (0-0) أو (1-1) من قبل ليست مرتبة، أحيانا وضعية الفريقين تفرض نفسها، أنا في اللقاء الأخير أمام "الموك" كنت أتوقع التعادل (0-0)، لأن هناك أهدافا في اللعب، واحد يستقبل والآخر في وضعية فريق متنقل، ناد يملك أحسن دفاع والمنافس أفضل هجوم، لو لاحظتم الشوط الأول قمنا بكل شيء وحاولنا التسجيل، لأننا لو تلقينا هدفا كان يمكننا التدارك في المرحلة الثانية، ولكن في الشوط الثاني "الدومينو تقفل"، المدرب "ألفاش" اختار خطته، وهي البقاء في الخلف والاعتماد على الهجمات المعاكسة لأنه يملك لاعبين سريعين في الأمام، لو بقينا نضغط لكان يمكن أن نتلقى هدفا، المقابلة خرجت من يد اللاعبين وحتى الجمهور الذي كان يريد الفوز، لكن خزار بحنكته لما شاهد "الموك" بقي يسير الأمور، اللقاء لعب تكتيكيا. نغلق ملف "الداربي" ونعود إليك، بعد غياب دام 9 سنوات بالضبط عاد بوالحبيب، ألا ترى أنك فقدت بسبب الغياب قوتك وهيبتك وحتى تأثيرك على الساحة الرياضية خاصة أنك كنت رئيسا كبيرا سنوات التسعينيات؟ الغياب سببه مهني عندما حصلت مشاكل ما بعد حصولنا على اللقب، رجعت إلى عملي بعيدا عن قسنطينة، والقانون القديم لتسيير الجمعيات الهاوية 90-31 لم يساعدني، القانون الذي يسمح ل 10 أو 15 متشردا بجمع التوقيعات للإطاحة برئيس هو بطل الجزائر قانون يساعد على اللصوصية، لهذا اغتنم الفرصة بدرجة أولى وأشكر رئيس الجمهورية على القانون الذي سنه وأحدث طفرة به على مستوى التفكير وليس على الإحتراف فأنا في نظري طبقته من دون مراسيم من سنة 1993 وإلى غاية 1998 وهو مرسوم سيحدث نقلة كبيرة، وأضيف لك شيئا. ما هو؟ شباب قسنطينة يكون دائما سباقا، أي شيء سيحدث في المستقبل فريقنا هو الذي يتعرض له أولا يعني أنه سباق دائما مثل الدول الكبرى التي تعيش مشاكل ثم تصدرها إلى الدول الصغرى، نحن حاليا نملك إشكالا حصل فيما يسميه "أخينا قضية الشرعية"، القانون لماذا هو جيد، الدولة سمحت للفرق بالتحول إلى شركات رياضية، في قانون كتب في صفحتين فقط ورغم ذلك هو قانون ممتاز، ففي المادة الأساسية، يحيل هذا المرسوم كل الأمور التنظيمية والقانونية إلى القانون التجاري الجزائري، القانون الجديد يمنحنا حرية المناورة في إطار النشاط الرياضي وما يتبعه من ركائز، لاسيما الجانب التجاري والتسويقي وكل ما يتعلق بنشاطات "الماركتينغ"، في نظري هذا القانون سيكون انعاكسا كبيرا نحو الأحسن. قبل ذلك، لو تلخص فترة تواجدك 17 سنة في الحقل الرياضي؟ لا تنسوا أنني كنت تاجرا وأسير شركة أجنبية، أعيش في الخارج لأنني منذ 1983 وإلى غاية بداية التسعينيات كان لي نشاط كبير وتعلمت الكثير بالاحتكاك بالأوربيين، لما جئت قمت بإسقاط للوضع الاقتصادي على الرياضي ومع بعض التعديلات نجحت. قليلون يعرفون أن بوالحبيب جامعي ومتخرج بشهادة علوم اقتصادية، لماذا لم تعمل بشهادتك واخترت التجارة؟ في العالم ككل أي إنسان يكمل دراسته لا يختار العمل بالشهادة إلا إذا اضطرته الظروف إلى ذلك، كلنا يسعى لإيجاد ظروف معيشية أفضل، وأنا وجدتها أفضل 20 أو 30 مرة مما يمكن أن أتلقاه نظير أن أعمل أجيرا، الحمد لله وجدت الأبواب مفتوحة واتجهت إلى التجارة الحرة، أين كونت رأس مال وأصبحت أعمل بمفردي لتكوين نفسي وتحسين ظروفي، الإنسان بطبيعته يفكر في الأكل والبيت، ومن البيت إلى الرفاهية ومن الرفاهية هناك من يفكر في أمور أخرى ربما حتى "خارج الطريق" (يضحك). قبل قدومك إلى شباب قسنطينة كنت شابا ورغم ذلك كنت غنيا والجميع يعرف أنك كنت مليونيرا في ذلك الوقت. نجحنا في ذلك الوقت في ظروف خاصة، كان الاقتصاد الجزائري في فترة انفتاح من اقتصاد موجه إلى حر، كانت الظروف مواتية، تعبت، عملت ونلت، لا أكذب عليك، كل شيء مرتبط بالتعب، مثلا في هذا الموسم لو لم نتعب لما وصلنا إلى المرتبة الأولى، كما كنت اقول لك قبل قليل شخص كان يقوم بالسياحة في تونس (يقصد أونيس) ويريد أن يأتي ويجد فريقا يلعب، هذا شيء لا يمكن أن يحصل إلا في "توم وجيري"، أنا كنت غنيا لأني اشتغلت ونجحت وحدي. هل صحيح أنه لم تكن لك ميول رياضية قبل أن تصبح رئيسا للشباب؟ لا أبدا، سأمنحك صورا لي لم يطلع عليها أحد في هذا الملعب (الحوار أجري داخل ملعب حملاوي) قبل أن أترأس الفريق بسنوات، لدي الكثير من الصور التي تجيب عن سؤالك، كما أن هناك سرا لا يعرفه كثيرون. ما هو؟ قفزت من هذا السور القريب إلى المدرجات المغطاة لمشاهدة مباراة لشباب قسنطينة، كنت صغيرا وتعرضت إلى إصابة ولم أقم بعلاجها إلى اليوم، وها هي الإصابة (يظهرها لنا). في سنوات شبابك، كانت لك ميول دينية... أنا انتمي إلى عائلة محافظة، لا يمكن الهروب من هذه الحقيقة، ولدت في عائلة تسير على الصراط المستقيم، كل أفرادها الآن صائمون منذ أيام، كأننا في رمضان، الصلاة وأمور الدين نطبقها كلنا ولا نتلاعب بها. هل كان يمكن أن تكون إماما عوض تاجر أو مسؤول رياضي خاصة أن البعض يتذكر كيف كنت ملتزما في مسجد البيضاوي بباب القنطرة، وحتى في مساجد الفوبور بداية التسعينيات؟ لم يكن بإمكاني أن أكون إماما، أصلي فعلا ولا أتوقف عن أداء هذه الشعيرة، أصوم الإثنين والخميس، أصوم كثيرا وقد يصل ذلك إلى 6 أشهر في العام، إلى درجة 3 أو 4 أيام في الأسبوع، لكن أن أكون إماما فهذا شيء لا يمكن أن يحصل لأنه لا تتوفر فيّ شروط الإمامة، الآن ليس كل من يصعدون المنابر أئمة، الإمام الذي يعرف قيمة هذه الكلمة نجح في الدنيا والآخرة، وأنا شخصيا لم تكن لي الجرأة لأحمل لقبا مثل هذا. قرأنا في جرائد من الأرشيف أن بوالحبيب قبل أن يرأس "سي.آس.سي" كان يستهدف "الموك" لكن فشله حوله للفريق الآخر؟ الصحافة أحترمها، ولكن أقصد الملتزمة، مثلما هناك مسيرون هناك أشباه مسيرين، وهناك أيضا أشباه صحفيين، توجد صحافة موثقة وهناك التي تعمل في الخفاء وأخرى مسيرة وبالدليل، أنا لم يسبق لي أن بحثت عن منصب بل أشترط دائما أن يكون هناك عرض، وعن رغبتي في ترؤس "الموك" فأنا "كابيست" ووالدي كذلك، ولكن لا أكره "الموك"، أنا لست شوفينيا أو متعصبا، في مباراة "داربي" أحب أن يفوز "سي.آس.سي"، لكني أحب أيضا أن أشاهد "الموك" وأتمنى أن تفوز عندما تواجه فرقا أخرى، لو كانت الناس واعية وتعرف تاريخ هذا الفريق لكانت تحب أيضا المولودية. ما هي الأسباب التي تفرض على مناصر لشباب قسنطينة أن يحب "الموك"؟ مولودية قسنطينة سنة 1939 أسست من صلب شباب قسنطينة والتاريخ موثق ومحفوظ، حيث تأسست من اللاعبين الذين لم يحظوا بفرصة اللعب في فريقنا فأنشؤوا ناديا لهم، لهذا لا يمكن أن نكره من وجد من صلبنا، وفي النهاية الإنسان يختار لونا معينا يبقى وفيا له، لأنه لا يمكن مناصرة الفريقين معا. قلت إنه يجب أن يكون هناك عرض حتى تتقدم، هل هذا يعني أن هناك من طلب منك رئاسة الفريق في صيف 1993؟ موسما قبل ذلك أي 92-93 كان الرئيس هو الدكتور بولحبال، ومعه الأمين العام مجمج المتواجد معنا الآن، بالإضافة إلى بودشيش الذي كان "مير" بلدية قسنطينة، الثلاثة عرضوا عليّ مساعدتهم، في وقت أنني قمت بأمور لا يعرفها كثيرون، ولدي وثائق لم يسبق لي أن أظهرتها لأحد، ستنال أنت فرصة الإطلاع عليها. فيم تتمثل هذه الوثائق؟ في موسم 92-93 يمكن أن أقول لك إنني منحت مبلغا في ذلك الوقت لا يمكن لأحد أن يمنحه، لا أقول نصف ميزانية أو ربع، لكن آنذاك المبلغ كان هائلا، وأتذكر حينها أنني كنت أفضل لاعب في شباب قسنطينة أمضى مقابل 4 ملايين سنتيم، قبل أن تحدث مشاكل حيث أكملت البطولة في التسيير وهذا الشيء لا يعرفه كثيرون، ولما جئت إلى الجمعية العامة، كنت المرشح الوحيد لكنني رفضت ذلك وقلت "لا"، يجب أن يكون هناك منافسون، وبالفعل ترشح بوجريو الذي مارس صلاحيات كثيرة قبلي وترأس حتى بلدية قسنطينة، وكذلك بن الشيخ لفقون الذي هو معنا هذا الموسم ولم يكن ذلك سهلا، أنا كنت مجهولا أمام عملاقين، ورغم ذلك فزت بالانتخابات ووضعت على رأس الفريق. كان عمرك يومها 28 سنة، ألم تكن خائفا من مسؤولية الإشراف على فريق كبير خاصة بجمهوره وأنت الذي لا تملك خبرة؟ لم أكن خائفا أبدا، لأنني كنت أملك خبرة في التسيير لا يملكها سوى من يبلغ من العمر 100 سنة. هل تتذكر الجمعية العامة التي نصبت فيها. لما جئت إلى شباب قسنطينة كان "هامل" لا يملك جمعية عامة، وجدت 15 أو 20 شخصا فقط، هل تعرف أين أقيمت تلك الجمعية الانتخابية؟ الأمر الذي يعطيك صورة حول الانحطاط الذي وصله النادي، لقد أقاموها في معهد تكوين إطارات الشبيبة والرياضة في قاعة صغيرة جدا هناك (يشير بيده إلى مكان غير بعيد). كثيرون كانوا متخوفين من فشلك خاصة أنك مجهول بالنسبة للأغلبية، هل تعرف هذا؟ أنا عندما آتي إلى مشروع لا يمكن أن أدخله دون دراسة، أنا مثل الأمريكيين، أدرس كل التفاصيل، كيف تكون الانطلاقة وكيف تكون النهاية خاصة النهاية "اللي هي الصح"، لأنك عندما تنطلق وأنت لا تعرف النهاية فذلك يعتبر مشكلا كبيرا. خبرتك في التجارة أسقطتها على كرة القدم كما قلت لي قبل قليل، كيف سارت الأمور في أول موسم؟ عصب المنافسة في كرة القدم هو فترة التحويلات الصيفية، وهذا الشيء لا يعرفه الناس، من يملك مليارا في الصيف، كمن يملك 100 مليار في آخر السنة، كما أنه من الطبيعة البشرية أن الإنسان يؤمن بالملموس، لأنه ينظر إلى ما تشاهده عيناه والعين تسبق الأذن، كما يمكن أن أقول لك بكل فخر إنني كنت من بين موقعي تطور كرة القدم الجزائرية الحالي على مستوى الهيكلة، لأنه ليس سهلا أن فريقا لم يلعب بطولات من قبل أن يتغير إلى النقيض، لما جئت إلى شباب قسنطينة كان الفريق عمره قرن تقريبا ومع هذا لا يلعب أبدا الأدوار الأولى، لأنه ينقصه شيئان مهمان، هما الجرأة في التسيير ورفع المستوى، وأنا ارتقيت بالشباب من فريق يعيش بالترقيع، إلى ناد يملك اسما، والاسم لم يصنعه اللاعبون بدرجة أولى لأنهم عبارة عن وسائل استعملتها، حقيقة ما حدث معنا أني أخرجت النادي من مستوى إلى آخر، حتى طريقة التفكير تغيرت، قبلي كان المهم هو الانطلاقة ونقوم بالاختبارات للاعبين ثم نذهب إلى اختيار لاعب من سكيكدة على أساس أننا قمنا بالاستقدامات، ثم نبدأ اللعب وحينها نتساءل عن الهدف، في وقتي الهدف يسطر في المكتب وليس على الميدان، ثم يعلن في الجمعية العامة، لما أردت أن ألعب على البطولة سنة 1996 قلتها في الجمعية العامة بأننا نهدف إلى تحقيق اللقب، دون غرور خرجت من مرحلة "بريكولاج" وظلامية إلى مرحلة التخطيط وإيجاد وسائل الوصول إلى الهدف. هل تتذكر الثورة التي قمت بها في الاستقدامات؟ حتى تصعد يجب أن تقوم باستقدام لاعبين، وليسوا أي لاعبين ولكن عناصر معروفة، أعدت تكوين الفريق 100 بالمائة، ذلك الموسم البعض كان يعتقد أن بوريدان وصالح بداش وبوشططو كانوا مرتبطين، لا، فالقانون الذي كان يسير انتقالات اللاعبين يقضي أن النادي الذي يسقط إلى القسم الثاني ولا يصعد موسمين يصبح كل لاعبيه أحرارا دون حاجة إلى تسريح، أعطيك مثالا، بوريدان الذي لعب معنا جلبناه من مكارم ثليجان، حيث تنقلت إلى هذه القرية ووصلت على السادسة صباحا وارتشفت القهوة مع الحاج غلاب الذي أقنعته بأن يعيده إليّ رغم أن ملفه دفع على مستوى رابطة باتنة الجهوية، حيث أرجعت له الأموال وتدبرت أمري وألغينا إجازته، يومها لم أجد أي لاعب، وكونت فريقا جديدا. ركزت على الأسماء في تلك الفترة. كان معنا بوريدان، بوشططو، بوالفلفل، حلوي رحمه الله، باداش، بن كنيدة، ثم استهدفنا لاعبين من الدرجة الأولى مثل بن حمادي (حمامة) من عين مليلة الذي كان هداف البطولة، قطاي جلبناه من أولمبي باجة بعد أن حقق كأس تونس، دريس من عنابة، ماتام الذي كان يلعب في الدرجة الثانية الألمانية، ولاعبين آخرين مثل عبد العزيز، بودماغ، وقد كان لنا وقتها فريق كبير كدنا نفوز معه بالكأس. التوفيق أدار للفريق ظهره في هذه المنافسة، أليس كذلك؟ فزنا على المولودية ببجاية في مباراة لا تنسى، ثم واجهنا البليدة التي كانت في القسم الأول، 90 دقيقة ونحن نضغط عليها في منطقتها ولما انتهى اللقاء بالتعادل السلبي "ماتو فرحة" ولا زال الشقيقان زواني على قيد الحياة ويمكن أن تسألوهما، فازوا علينا بركلات الجزاء أمام ناد قالوا إنه من المفترض أنه هو الذي يحمل كأس الجزائر، حتى أنصارنا احتفلوا لأننا قدمنا مباراة كبيرة ومشوارا رائعا على العموم. اتهمت برفع الأسعار في تلك الفترة لأنك منحت اللاعبين أضعاف ما كانوا يحصلون عليه، لاعب مثلا دون أن نكشف عن الاسم كان يتلقى 3 ملايين سنتيم وفي الموسم الموالي أمضى معك نظير 35 مليونا. كل شيء يخضع عندي لقانون العرض والطلب، أعطيك مثالا، هناك فرق تمنح اللاعبين 100 و200 مليون في حين سطيف تمنح مليارا، وفي آخر الموسم نجد أن الوفاق يحصد الألقاب إن لم ينل البطولة يحصل على الكأس مثلما حصل الموسم الماضي، أظن أنك يجب أن تستثمر لتجلب نتائج والنتائج تجلب لك اعتمادات ومساعدات و"سبونسور". استثمرت من أموالك أم تلقيت مساعدات من قبل السلطات المحلية؟ لم أتلق ولا سنتيم، ولا سنتيم (كررها مرتين ) وهذا ما جلب لي مشاكل كبيرة. في سن ال 28 سنة نريد أن نعرف كيف كانت علاقتك باللاعبين، بما أن الكثير منهم كانوا أكبر منك سنا. ليس لاعبا واحدا وإنما العديد منهم، العايب، لعور، بونعاس، كانوا أكبر مني سنا، علاقتي بهم كانت رائعة، حيث كانوا يحترمونني أفضل من الرؤساء الذين عمرهم 80 سنة. الصعود في ذلك الموسم كان سهلا بدليل فارق 13 نقطة الذي أنهيتم به البطولة. لا، لا ... قمنا بانطلاقة سيئة اعتبرها أسوأ انطلاقة يمكن أن تحصل معي، حيث بدأنا الموسم بتعادل أمام بناء قسنطينة في حملاوي، وتعادل مع تبسة هنا، في أول 6 مباريات النتائج كانت كارثية، كما فزنا على مولودية العلمة في الدقيقة الأخيرة بكرة ميتة من الركنية مباشرة إلى الشباك، أتذكر أن بوعراطة عندما كان اللاعبون يأخذون حمامهم قال لهم إن اللقاء انتهى بالتعادل السلبي لأن الهدف الذي سجله ماتام سجل والصفارة في فم الحكم، وهنا تصرفت، كيف ذلك؟ الجمهور جاءني بقوة وضغط لإبعاد المدرب، كنت صغيرا وقتها وأملك سيارة BMW صعدت على سقفها وقلت لهم "ربما لا تعرفونني، أو لا تعرفون كيف أفكر، أنا أسطر برنامج موسم وليس مقابلة، والفريق أسيره مثلما أريد أنا وليس مثلما تريدون أنتم"، بعدما حصل مع الأنصار، جاء "الداربي" الذي حررنا وانطلقنا بعدها. سيطرة مطلقة وقتها وفوز ثقيل في الشوط الأول ب (3-0)، هل تتذكر تلك المقابلة الأسطورية؟ "الداربي" كان محسوما من البداية، فريقان في وضعية متناقضة ليس مثل الآن، في ذلك الموسم كانوا في مشاكل، ولو لم يكونوا كذلك لما تمكنت من أخذ بونعاس، "الموك" كانت في الإنعاش، والفرق كان واضحا في المستوى، وفي التسيير وقيمة اللاعبين، أي على كل المستويات، لهذا سحقناهم. ألم تلم اللاعبين على كونهم لم يسجلوا في الشوط الثاني لأن الفرص كانت لا تعد ولا تحصى؟ الحكم من وهران نسيت اسمه، قال لي في النفق ما بين الشوطين (3-0) نتيجة كبيرة على "داربي" لم يحتسب هدفا بعدما دخلت الكرة وصار في قرارة نفسه يتمنى أن تتوقف الأمور عند ذلك الحد، هذه النتيجة في الشوط الأول لا يمكن أن تتكرر من جديد ولن تحدث مستقبلا لأنه لا يوجد "داربي" الآن في العالم ينتهي في 45 دقيقة. خلال ذلك العام لم يكمل بوعراطة الموسم بعد مشكل مع اللاعبين، كيف حصل المشكل؟ أقول اليوم إن الرئيس الذي يقيل مدربا على النتائج يعني أنه شكك في مصداقيته هو نفسه، يعني أنه لما يقيله بعد 4 أو 5 جولات لأسباب تقنية يكون قد أثبت أنه غير مقتدر، لما تجلب مدربا "تروح معاه" ولا تغيره حتى تجد أخطاء فادحة وكبيرة، من المفارقات في الجزائر أن الفريق يؤدي مباراة جيدة، وتتاح له ركلة جزاء ولا تسجل، وفي النهاية يشتم الرئيس أو المدرب، المدرب لا يمنح التمريرة الأخيرة، وليس هو من يضع الكرة في الشباك، لماذا جمهور شباب قسنطينة ارتقى في وقت ما إلى أعلى مستوى؟ لماذا؟ لأنني كثفت من التصريحات بشأن هذه النقطة في الصحف، لأنه مرات لا يمكن أن يتحمل المدرب المسؤولية مكان عدم التوفيق. نعود إلى بوعراطة، هل يمكن بعد حوالي 13 سنة أن نعرف السبب الذي جعله لا يواصل؟ بوعراطة لم يكمل الموسم رغم أن النتائج كانت رائعة، كنا في المرتبة الأولى ومتأهلين في كأس الجزائر، هو يملك طريقة تعامل مع اللاعبين صارمة إلى أحد أقصى حد، حدث مشكل بينه وبين 3 أو 4 لاعبين، ما أوقعني في حرج، في ذلك الوقت قال كلمة في التدريبات، وكنا نملك لاعبين من غير قسنطينة قال عنهم أنهم" مغلوقين" ومن "ضيعة" (دوار)، بعضهم لم يتقبل الأمر وحصل المشكل، وبعدها فضل الانسحاب هو بنفسه، عندما ألح لم أعارض لأنني فكرت في المستقبل. هل يمكن أن نعرف لماذا قبلت مغادرته وأنت الذي قلت في البداية للأنصار إنك سطرت بقاءه موسما كاملا؟ كنت أعرف أن الأمور لن تتواصل وسيتجدد الصراع، وأنه عليّ أن أضحي بطرف من الإثنين، فتقبلت قرار بوعراطة، لم أجلب مدربا آخر وأكملت بمساعده، هذه سياستي دائما، وقد حافظت على نجار حتى في الموسم الموالي، الأول لنا في القسم الأول. جاء بعدها الموسم الأول في القسم الأول بعد غياب طويل... (يقاطع) الناس ربما تنسى وأنا لا، والإنسان يذكر فالذكرى تنفع المؤمنين، قبلي لم يسبق لشباب قسنطينة أن حافظ على مكانته بعد الصعود إلى القسم الأول، في مسيرة قرن النادي حقق بقاء واحدا بعد الصعود، كان ذلك موسم 71-72 مع والد بن شيخ رئيس مجلس الإدارة حاليا وبعدها مباشرة سقط، راجعوا التاريخ والأرشيف وأتحدى من يقول عكس ذلك، أنا بالمناسبة أول رئيس لشباب قسنطينة أدخل هذه الروح الجديدة، وأقنعت الجميع بأن الفريق يمكنه فعلا أن لا يسقط وأصبح لا يسقط، وبقيت في القسم الأول عدة سنوات، في وقت أن الفريق كان يصعد حاملا معه فيروس السقوط في عروقه، وحتى الأنصار كانوا يعرفون أنه بعد الصعود هناك مباشرة السقوط، عندما صعدت، بقوا معي 4 سنوات في الدرجة الأولى كما حققت لهم بطولة، قبل أن أغادر في جمعية العار يوم 19 نوفمبر 1997 حين قلت لهم: "عليكم إيجاد إنسان قوي وشرس لأن هذا الفريق ليس سهلا". في أول موسم لك في القسم الأول، قمت بمفاجأة لم ينتظرها أحد، هل تتذكر ماذا فعلته؟ أكيد أنك تقصد تسريح كل اللاعبين، نحن خسرنا أموالا كبيرة في الصعود، فاتجهت من النقيض إلى النقيض، فريق الأحلام الذي كونته، سرحته، وهو شيء لم يقم به أي رئيس حاليا، سرحت كل النجوم، ماتام، دريس، بن حمادي، قطاي، بن كنيدة، تقريبا الكل، والسبب بسيط وهو أن طبيعتي اقتصادية، أنا تاجر صرفت مليارا و200 مليون أو أكثر. (نقاطعه) هل هو رقم صحيح للمصاريف؟ نعم صحيح، كما أنه لا يمكن الصعود بأقل من هذا المبلغ وتقارير من كانوا قبلي تؤكد ذلك، ما عدا الموسم الذي سير فيه جريك وبتشين حين صرفا أكثر ولم يصعد الفريق، في أول موسم في "الناسيونال" فكرت وقلت إنه بنفس النجوم من المستحيل أن ينالوا أقل من الموسم الماضي، خاصة في القسم الأول، كما أن بقاءهم يعني أن تلعب على البطولة، نحن كانت لنا عقدة تجاه السقوط، فكيف أن نلعب على اللقب؟ هذا شيء مستحيل فقررت الاعتماد على الشبان واستهداف اللقب بعد موسمين، الخطة التي رسمناها نجحت، في ذلك الوقت لما تقول اللاعب طارق ذياب من يعرفه؟ لم يسبق أن لعب في سطيف لا في الوفاق ولا في الاتحاد لأنه كان في الأواسط، جلبناه ليلعب في الدرجة الأولى وهو قرار لا يمكن أن يتخذه إنسان عاقل، عندما تجلب درداشي من القل مباشرة إلى القسم الأول فهذه مغامرة، بوصلصال وبوهيان أيضا، كما أن هناك مشهوق الذي لم يكن يعرفه أحد، حتى دني جلبناه من بناء قسنطينة مباشرة للقسم الأول حارسا أساسيا من أول مباراة، كما أن عرامة كان لاعبا مجهولا في "الكراك" ومعنا أصبح أساسيا. (نقاطعه) هل نسيت باجي؟ لا أبدا، باجي شارك قبل أن نجلبه في بعض اللقاءات مع الحراش خلال مرحلة العودة مثلما يشارك الآن الشاب شرماط في "الموك"، استقدمناه برخصة لاعب آمال، كنت أتابعه وكان يبهرنا في كل لقاء، كنت أعرف أنه يستحيل أن ينال مالا من الحراش، فتنقلت إلى العاصمة وعرضت عليه أموالا والدراسة في قسنطينة فقبل دون تردد. كم منحته؟ قيمة كبيرة مقارنة ببقية اللاعبين الذين كانوا مجهولين، أمضى مقابل 50 مليونا وكان أغلى لاعب، في سنة 1994 ذلك المبلغ كان رهيبا، منحته لباجي لأن فريقي كان ينقصه محرك وأنا أعرف أنه يمكنه أن يحدث ثورة، وبالفعل توقعاتي كانت في محلها، وباجي منحنا نفسا كبيرا. مادمنا نتحدث عن باجي نهاية ذلك الموسم أي 1995-1996 حدثت ثورة كبيرة بسببه حيث تحول إلى بلوزداد دون ورقة تسريح، وكسب الرهان الرئيس لفقير وأهله في ظروف غامضة، هل لك أن تشرح لنا ما حصل؟ كل ما في الحكاية أن اللاعب أمضى في شباب بلوزداد دون استشارتنا، ودون تسريح، كما أن الفدرالية وقتها هي التي حددت قيمة ورقة التسريح، منحونا 100 مليون و20 بالمائة من قيمة التحويل إذا احترف في أوربا، والنشرة الرسمية للفدرالية (PV) لا زالت في البيت، وأعلمك اليوم وبعد 15 سنة أن هناك فضيحة كبيرة في الموضوع، حيث لم نستفد من 100 مليون، والصك لم يظهر له أثر. هل من توضيح لهذه النقطة؟ شباب بلوزداد أخذ الصك من الفدرالية وصرفه من جديد، أو عضو من الفدرالية استولى عليه، حتى في الأرشيف لا أثر له، إلى غاية هذه اللحظة شباب بلوزداد له دين تجاه "سي.آس.سي" متمثل في 100 مليون، نحن لم نتلقها حتى الآن، كما لدينا نسبة 20 بالمائة من قيمة العقد الذي التحق به باجي بالبطولة تركيا. من تتهم أنت؟ من فعل هذا المشكل وأهل باجي بورقة صنعها بمفرده وبقرار اتخذه من تلقاء نفسه معتديا على القوانين، أخرجته أنا من الباب الضيق وقضيت عليه رياضيا، وطردته كليا من الساحة، ويمكن حتى أن أمنحكم الأسم، هو بريك رئيس الفيدرالية، لم يظهرله أثر بعدها، وقد قلتها أن باجي أمضى في بلوزداد وكذلك على شهادة وفاة بريك رياضيا. ماذا كان موقفكم وقتها؟ رفضنا ال 100 مليون، وال 20 بالمائة، واللاعب لم يلعب 15 مقابلة في الذهاب ولم يلبس القميص إلى غاية ثالث لقاء في العودة بعد تدخل أطراف أخرى قالت إنه سيلعب للمنتخب الوطني، وبالنسبة لنا باجي ضيع مشوارا كبيرا، لو لم يحدث ذلك المشكل أقول لك إنه كان يمكنه اللعب بصفة عادية في برشلونة، وأنا أعي ما أقوله، قدراته لا يمكن تصورها، إلى الدرجة التي أتحدث لك عنها يمكنكم تخيل أكثر، باجي يقوم بمراقبة للكرة ثم يستدير بلمسة واحدة (contrôle orienté) في وسط الميدان، ليسقط لاعبين اثنين، في نصف ثانية تجده عند منطقة العمليات كأنه ركب في الطائرة، فيصل حطم نفسه بذلك المشكل لأنه كان قادرا على الذهاب بعيدا جدا. وهل لك علاقة به إلى اليوم؟ علاقة ممتازة، كان يمكن أن يكون معنا في بداية الموسم لنستفيد من خبرته ولو واقفا على أرضية الميدان، عندما أتنقل إلى العاصمة يستقبلني في بيته وإقامتي على حسابه، إنه إنسان رائع كنت أتمنى له مستقبلا أفضل لكن...