بعفوية كبيرة وابتسامة لا تكاد تفارق محياه، استقبلنا فؤاد سبوتة في مكتبه، تحدثنا ثلاث ساعات كاملة عن مشواره المهني و"مغامراته" في مهنة المتاعب، وهو الذي شد الرحال من صحيفة إلى أخرى إلى أن استقر به المقام في التلفزيون الجزائري كواحد من الصحافيين البارزين في تغطية الشأن السياسي. بتواضع كبير، لا يرى ابن جيجل نفسه نجما بل هو مجرد صحافي يجتهد للوصول إلى المعلومة، ولا يزال يعمل ليل نهار في المهنة التي يقول إنها أصبحت تسري في عروقه مثل الدم. يحز في نفسه أنه لم يأخذ فرصته كاملة في التلفزيون الذي يحفظ له الجميل، ويحلم? ?أن? ?يقدم? ?نشرة? ?الأخبار? ?من? ?خلاله?. ? فؤاد? ?سبوتة? ?الذي? ?يعتبر? ?مثالا? ?للصحافي? ?الشاب? ?الطموح? ?تحدث? ?لنا? ?عن? ?مشواره? ?فكان? ?لنا? ?معه? ?هذا? ?الحوار?.? يعرفون? ?أهل? ?صنعتك? ?بأنك? ?مراسل? "?الحرة?" ?من? ?الجزائر،? ?لكن? ?نريد? ?معرفة? ?من? ?أين? ?بدأ? ?فؤاد? ?سبوتة? ?الإنسان? ?قبل? ?الحديث? ?عن? ?فؤاد? ?الصحافي؟ أنا ابن الميلية بجيجل من مواليد 1975، من عائلة بسيطة، والدي اشتغل شرطيا وكان من الدفعات الأولى بعد الاستقلال، اشتغل بالعاصمة ثم انتقل إلى جيجل. درست هناك ثم انتقلت إلى العاصمة لأدرس بالجامعة تخصص العلوم السياسية. هل? ?كنت? ?تحلم? ?أن? ?تصبح? ?صحافيا? ?في? ?يوم? ?من? ?الأيام؟ في? ?الحقيقة? ?لم? ?أكن? ?أفكر? ?يوما? ?في? ?الصحافة،? ?بل? ?كنت? ?أحلم? ?أن? ?أصبح? ?مثل? ?الوالد? ?شرطيا،? ?وأنت? ?تعرف? ?جيدا? ?أن? ?الابن? ?يحلم? ?دائما? ?أن? ?يصبح? ?مثل? ?والده?.? كيف? ?ولجت? ?عالم? ?الصحافة? ?إذن؟ بالصدفة، كانت البداية مع جامعة التكوين المتواصل في سنة 1997 في آخر سنة دراسية لي بمعهد العلوم السياسية، بالصدفة كانت جامعة التكوين المتواصل بحاجة إلى مقدم لحصة حول آخر الإصدارات، وعرضت علي الفرصة لأن مقدمتها سافرت إلى الخليج. اشتغلت كصحافي متعاون حوالي 7 أشهر دون أن أتمكن من الحصول على دينار واحد. ظروفي المالية كانت صعبة، فبعد تخرجي لا يمكن أن أطلب مصروفي من الوالد، وكنت مقتنعا من أن هذه التجربة الإعلامية لا يمكن أن توفر لي الاستقرار فاستقلت وبقيت أعاني من البطالة لمدة سنة كاملة. كيف? ?دخلت? ?عالم? ?الصحافة? ?المكتوبة؟ اشتغلت بجريدة "أخبار العاصمة" بين سنتي 1998 و1999 إلى أن تم حل هذه الجريدة. في "أخبار العاصمة" تعلمت أصول الكتابة الصحافية وفنيات التحرير، واجتهدت في كتابة الربورتاجات وإدارة الحوارات، وبدأت تتكون لدي شبكة من العلاقات التي هي رأسمال أي صحافي. تكويني في الصحافة? ?كان? ?إلى? ?حد? ?كبير? ?عصاميا،? ?لأن? ?دراستي? ?في? ?الجامعة? ?كما? ?أشرت? ?لم? ?تكن? ?صحافة? ?بل? ?علوما? ?سياسية?.? كم? ?كان? ?يتقاضى? ?فؤاد? ?سبوتة? ?في? ?الأشهر? ?الأولى? ?من? ?توظيفه? ?في? ?الجريدة؟ 11 ألف دينار كبداية. رغم أن الأجر كان زهيدا غير أنني عشت التجربة بكل جوارحي. أشتغل بكل فرح وسرور وأحاول تفجير طاقتي وإثبات ذاتي في العمل. كان الجو داخل الجريدة رائعا فأكثر من 60 بالمائة من طاقم الجريدة من المتخرجين حديثا من الجامعة. كان الجو تسوده المنافسة? ?الشريفة? ?بين? ?الزملاء?.? أي? ?ربورتاج? ?أو? ?حوار? ?لا? ?زال? ?فؤاد? ?يحتفظ? ?به? ?في? ?ذاكرته? ?من? ?تلك? ?الفترة؟ أذكر أنني أنجزت روبورتاجا مهما حول بعض التلاعبات في بلدية بني مسوس، ومنها التلاعب بالعقار والتزوير، نشر لي في الصفحة الأولى، وكانت فرحتي كبيرة في تلك الأيام. وتصور عندما تشتغل وتنشر مادتك في الصفحة الأولى فهذا دليل على أهميتها، وقد أثار الروبورتاج ضجة كبيرة?.? لقد كانت تجربة "أخبار العاصمة" رائدة في مجال الإعلام المحلي في الجزائر، ونحن حتى اليوم نفتقر إلى إعلام محلي هادف رغم أنه في العالم بأسره الجرائد المحلية هي التي تحقق شعبية ومقروئية واسعة، وحلمي أن أتمكن من تأسيس جريدة محلية تهتم بمشاكل المواطنين وانشغالاتهم. للأسف حلت الجريدة فوجدت نفسي أبحث عن العمل من جديد، التحقت بجريدة "اليوم" في أوج عطائها، لكن الجو داخل قاعة التحرير لم يعجبني فقررت أن أغادرها، اشتغلت مع جريدة أخرى وبعدها طلقت عالم الصحافة لأنني كنت أبحث عن الاستقرار وتأسيس بيت وقد كنت وقتها في فترة الخطوبة?.? إلى? ?أي? ?ميدان? ?اتجهت؟ اخترت الأعمال الحرة في العاصمة، لكنني لم أستطع أن أتأقلم مع التجارة، وأدركت أن مهنة الصحافة قد أثرت على شخصيتي كثيرا ولا بد من العودة إليها بعد الطلاق. جاءت فرصة دخولي للتلفزيون الجزائري نهاية 2000 كصحافي متعاون، وتم توظيفي كمنشط نهاية 2001، وكان أول ظهور لي على الشاشة في حصة "بين الثانويات" التي كانت لها شعبية كبيرة وقاعدة مشاهدة عريضة في أوساط التلاميذ. حاولت أن أفرض وجودي رغم التحديات، وكان علي أن أواجه الكاميرا على المباشر وأمام جمهور غفير. أما التحدي الثاني فكان إثبات الذات في الفترة التي غادر فيها ألمع? ?الصحافيين? ?بالتلفزيون? ?إلى? ?الخارج?. ?الحمد? ?لله? ?أظن? ?أنني? ?قدمت? ?ما? ?علي? ?في? ?تلك? ?الفترة? ?التي? ?كنت? ?أشتغل? ?بها? ?في? ?الإنتاج،? ?حيث? ?كنت? ?أنشط? ?حصة? ?أخرى? ?شبابية?.? ألم? ?يسبب? ?لك? ?المباشر? ?وأنت? ?صحافي? ?مبتدئ? ?إحراجا؟ في الكثير من المرات في حصة "بين الثانويات" كانت تخونني الكلمات على المباشر أمام الجماهير الغفيرة التي كانت تفد على القاعة التي نقيم فيها تصوير المسابقة، كنت مكلفا بتنشيط ولايات الوسط بحضور المسؤولين والرسميين من السلطات المحلية تلك القاعات. حين? ?رآك? ?الأصدقاء? ?والأقارب? ?في? ?أول? ?ظهور? ?على? ?الشاشة?.. ?كيف? ?كانت? ?انطباعاتهم؟ كانت? ?الفرحة? ?تغمرهم? ?وشجعوني? ?كثيرا? ?على? ?مواصلة? ?الدرب? ?وإثبات? ?الذات?. ? منحتك? "?حصة? ?بين? ?الثانويات?" ?شعبية،? ?هل? ?حدث? ?أن? ?تعرف? ?عليك? ?المواطنون? ?في? ?الشارع؟ بالطبع? ?في? ?العديد? ?من? ?المرات? ?حين? ?كنت? ?أتجول? ?مع? ?زوجتي? ?كان? ?الشباب? ?يسألونني? ?إن? ?كنت? ?أنا? ?منشط? "?بين? ?الثانويات?" ?وكنت? ?أجيبهم?.? هل? ?يعتبر? ?سبوتة? ?نفسه? ?من? ?نجوم? ?التلفزيون؟ لا? ?أبدا? ?لست? ?نجما? ?بل? ?أنا? ?صحافي? ?وكفى،? ?أحاول? ?أن? ?أجتهد? ?للوصول? ?إلى? ?المعلومة،? ?وأشتغل? ?بجد،? ?وأحب? ?مهنتي? ?كثيرا،? ?وهذا? ?بالنسبة? ?لي? ?أهم? ?من? ?النجمومية? ?والشهرة?.? كيف? ?كانت? ?المسيرة? ?بعدها؟ منذ البداية كنت أنتظر أن تأتي فرصتي وأنتقل إلى قسم الأخبار، ففي سنة 2002 كان معظم الصحافيين بالتلفزيون قد غادروا إلى الخارج، ما جعلني أنتقل من الإنتاج إلى الأخبار. لم أقض فترة طويلة في قسم الروبورتاج أو القسم الاجتماعي، بل بعدها مباشرة انتقلت إلى القسم السياسي. كنت رفقة الزملاء في قسم الأخبار نتحمل المسؤولية ونغطي أهم الأخبار الوطنية، وبالخصوص السياسية ابتداء من تغطية نشاط الرئيس إلى الأحزاب السياسية إلى تغطية العمليات الإرهابية. كانت لدينا رغبة إثبات الذات وأننا أهل لهذه الثقة التي وضعها المسؤولون لنا في التلفزيون?.? بالحديث? ?عن? ?العمليات? ?الإرهابية? ?والتفجيرات،? ?كيف? ?عايشت? ?سنوات? ?التسعينيات? ?الدموية،? ?خصوصا? ?وأنك? ?من? ?منطقة? ?جيجل؟ في جيجل كنا مستهدفين من الجماعات الإرهابية، لأن الوالد يعمل شرطيا، خصوصا وأننا كنا نقطن بحي للشرطة في جيجل ويقابله حي للدرك. كنت في تلك الفترة أدرس في جامعة جيجل، درست فيها سنة واحدة، وكنت في كل مرة أعود فيها إلى البيت أعيش الهلع اليومي خوفا من انفجار قنبلة? ?أو? ?ما? ?شابه? ?ذلك? ?إلى? ?أن? ?استتب? ?الأمن? ?من? ?خلال? ?سياسة? ?المصالحة? ?الوطنية? ?التي? ?اعتمدها? ?رئيس? ?الجمهورية? ?عبد? ?العزيز? ?بوتفليقة?. ? أنت? ?وجه? ?تلفزيوني? ?لماذا? ?لم? ?تقدم? ?نشرة? ?الأخبار? ?في? ?التلفزيون? ?الجزائري؟ هذا السؤال يحز في نفسي كثيرا وليس لدي إجابة عليه. أنا لم تعط لي الفرصة كاملة في التلفزيون الجزائري، لكنني أحفظ له الجميل، فمن خلال العمل به تطورت علاقاتي وأصبحت مراسلا ل"الحرة" ولا أنكر هذا الجميل ما حييت، إلا أنني كنت دائما أحلم بتقديم نشرة الأخبار أو تنشيط? ?حصة? ?سياسية?.? كيف? ?جاءتك? ?الفرصة? ?لتصبح? ?مراسلا? ?لقناة? "?الحرة?"?؟ كانت لدي تجربة مع الفضائيات قبل "الحرة"، حيث اشتغلت مراسلا للفضائية السودانية ما بين سنتي 2003 و2004. كانت هذه أول تجربة لي كمراسل لقناة أجنبية. ولم أر أن هناك فرقا ما بين شغلي في التلفزيون الجزائري وفي الفضائية السودانية. هل? ?كنت? ?تسوق? ?صورة? ?جيدة? ?عن? ?الجزائر? ?للشعب? ?السوداني؟ كان هذا مبدئي فقد حاولت الاشتغال على التقاليد الجزائرية. بدون شك كنت أحب أن أسوق الصورة التي ينبغي تسويقها عن الجزائر. بعدها كانت لدي مجموعة من العروض للسفر إلى الخارج والاشتغال في قنوات عربية في الخليج وحتى في إيران من خلال قناة "العالم". مع قناة "العالم" لم يكن مجرد عرض يتم التفاوض عليه، بل وصلت معهم إلى شبه اتفاق في 2005. تم تحضير الأوراق المطلوبة للسفر فذهبت إلى جيجل للاحتفال مع العائلة بالعيد، وكنت ذاهبا لأودعهم وأخبرهم أنني سأكون في غضون أيام في طهران. وكنت أنوي أن تكون هذه محطة للانضمام فيما بعد لقناة عربية مرموقة إعلاميا، غير أن القدر شاء لي مسارا آخر غير الذي فكرت فيه ونويت على السير فيه، ففي الوقت الذي كنت أنوي فيه الرحيل كلمتني قناة "الحرة" وعرضت علي أن أكون مراسلا من الجزائر، ودون تفكير في الربح والخسارة اخترت البقاء، لأن ما قدمته لي قناة "الحرة"? ?كان? ?كفيلا? ?بتحسين? ?مستواي? ?المادي? ?من? ?جهة،? ?ومن? ?جهة? ?أخرى? ?فقناة? "?الحرة?" ?واجهة? ?إعلامية? ?محترمة? ?تتمتع? ?بالاحترافية? ?رغم? ?ما? ?يصفها? ?البعض?.? قناة? "?الحرة?" ?تمولها? ?الحكومة? ?الأمريكية،? ?والأهداف? ?من? ?إنشائها? ?واضحة،? ?وهي? ?تبرير? ?الاحتلال? ?في? ?العراق? ?للعرب? ?والعمل? ?على? ?غزو? ?المشاهد? ?العربي? ?إعلاميا،? ?هل? ?فكرت? ?في? ?ذلك? ?قبل? ?أن? ?تشتغل? ?معها؟ في الحقيقة هذا السؤال طرح علي من أصدقائي الصحافيين ومن مسؤولين في السلطة في الجزائر، لكن كنت أرد عليهم دائما أن المهم نقل الصورة كما نحب لا كما يحب الغير. حدثت معي حادثة لا يمكن أن أنساها أبدا، فأثناء القمة العربية بالجزائر كانت المصادر شحيحة، فذهبت لإجراء حوار مع عبد القادر حجار علني أحصل من عنده عن بعض المعلومات وموقف الجزائر من تدوير منصب الأمين العام للجامعة العربية الذي اقترحته الجزائر في تلك الفترة، ففاجأني أنه لن يصرح للأمريكان وجرحتني هذه الكلمة. كان لي مع حجار حديث جانبي وقلت له إنه ليس العيب أن نتعامل? ?مع? ?قناة? "?الحرة?"?،? ?وأخبرته? ?أن? ?العالم? ?أصبح? ?مفتوحا? ?على? ?كل? ?الرؤى? ?والتوجهات،? ?وأي? ?فراغ? ?نتركه? ?يملأ? ?بما? ?لا? ?نحب،? ?ولأن? ?حجار? ?سياسي? ?محنك? ?فهم? ?مغزى? ?كلامي? ?وأصبح? ?يصرح? ?لي? ?دون? ?عقدة?.? معاناتك? ?مع? ?قناة? "?الحرة?" ?هل? ?استمرت? ?مع? ?المسؤولين؟ الصعوبات استمرت لمدة سنة ونصف تقريبا، كان صعبا أن يتعاملوا مع مراسل صحافي، فما بالك أن يتعاملوا مع مراسل "الحرة"، لكن عندما يشهد عليك عملك وتربيتك تخدمك الظروف، وعندها يتقبلونك ليس لأنك مراسل "الحرة" بل لأنك فؤاد سبوتة. هل? ?تعتقد? ?أنك? ?سوقت? ?الصورة? ?التي? ?كان? ?يجب? ?أن? ?تسوقها? ?عن? ?الجزائر؟ عملت من أجل تحقيق ذلك في "الحرة" من خلال إبراز العادات والتقاليد والموروث الثقافي، وأتذكر أنه من بين التقارير التي كان لها صدى كبيرا في "الحرة" الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف من بني عباس ببشار. وقد أعجب به الكثيرون من العاملين بالقناة. كجزائري في كل مرة كنت أنقل فيها الصور المؤلمة للتفجيرات الإرهابية، كنت أحاول أن أنقلها كما هي دون تضخيم، وكنت أرفض نقل الصور التي يبثها الإرهابيون عبر مواقعهم الإلكترونية كموقف شخصي، لأنني لا أحب الترويج والدعاية لمثل هذه الأعمال الإجرامية. وبذلك لا أقبل أن يزايد أحد علي في? ?وطنيتي،? ?لأنني? ?حتى? ?من? ?خلال? "?الحرة?" ?أخدم? ?مصلحة? ?بلادي? ?أولا? ?وقبل? ?كل? ?شيء?.? هل? ?أجبرتك? ?القناة? ?على? ?تعديل? ?تقرير? ?أو? ?إرغامك? ?على? ?تصوير? ?حدث? ?من? ?وجهة? ?نظر? ?معينة؟ يوم? ?يطلب? ?مني? ?أن? ?أنجز? ?تقريرا? ?معينا? ?وأرغم? ?على? ?ذلك? ?فسيكون? ?الطلاق? ?بيني? ?وبين? ?القناة،? ?والحمد? ?لله? ?لحد? ?الساعة? ?أشتغل? ?بكل? ?حرية? ?ولم? ?أتعرض? ?إلى? ?موقف? ?من? ?هذا? ?القبيل?.? هل? ?تطورت? ?العلاقة? ?بين? ?فؤاد? ?سبوتة? ?والمسؤولين? ?في? ?الدولة? ?من? ?علاقة? ?مهنية? ?إلى? ?صداقة؟ هذا طبيعي وجزء من شخصيتي، فلما أرتاح إلى إنسان أرفع الكلفة بيني وبينه. علاقتي مع المسؤولين أو النافذين في السلطة أطورها وأعمل دائما على الحفاظ عليها فهي رأسمال الصحافي، فالعلاقة في كثير من الأحيان تتطور من الحديث العام إلى الحميمية، فعادة ما ألتقي في بيت أحد? ?المسؤولين? ?لنتحدث? ?بعيدا? ?عن? ?الكاميرا? ?وطريق? ?الاستجواب? ?الصحافي?. ?العديد? ?من? ?الوزراء? ?أصدقائي،? ?وأتحدث? ?معهم? ?في? ?ساعات? ?متأخرة? ?من? ?الليل? ?لما? ?يتعلق? ?بأمر? ?طارئ?.? من? ?هو? ?الذي? ?توسط? ?لك? ?من? ?الصحافيين? ?كي? ?تشتغل? ?مع? ?الحرة؟ بصراحة? ?رابح? ?فيلالي? ?عرض? ?علي? ?العمل? ?كمراسل،? ?وانطلقت? ?في? ?العمل? ?بعد? ?موافقة? ?المدير? ?العام? ?للتلفزيون،? ?لأن? ?القانون? ?الجزائري? ?يفرض? ?موافقة? ?الهيئة? ?المستخدمة?.? رغم? ?مشوارك? ?المهني? ?الثري? ?إلا? ?أنك? ?لا? ?تملك? ?شقة? ?حتى? ?هذه? ?اللحظة? ?التي? ?نجري? ?فيها? ?الحوار؟ هذا صحيح لحد الساعة لا زلت أقطن بغرفة بفندق مع الزوجة، وهذا الأمر صعب جدا وربما تشعر به الزوجة أكثر مني. في الحقيقة الصداقات التي تجمعني مع المسؤولين لم ولن أستغلها للحصول على سكن. حدث ذات مرة أن التقيت بعبد العزيز بلخادم وهو رئيس للحكومة، وفي سياق الحديث سألني أين أسكن، فأخبرته أنني أسكن في فندق فتفاجأ بهذا الجواب وطرح علي السؤال لماذا لم تكلمنا من قبل. ما ترك المسؤولين يحترمونني أنني لم أطلب منهم حتى اللحظة مساعدتي للحصول على مسكن وهذا من حقي كمواطن، وهو الشيء الذي خدمني عندما أصبحت مراسلا ل"الحرة". أما الآن? ?فأنا? ?أشتغل? ?ليل? ?نهار? ?للحصول? ?على? ?سكن? ?كريم? ?للعائلة?.? من? ?هو? ?الإعلامي? ?العربي? ?أو? ?الجزائري? ?الذي? ?تأثر? ?به? ?فؤاد? ?وتمنى? ?أن? ?يصبح? ?مثله؟ لا? ?يوجد? ?صحافي? ?تأثرت? ?به،? ?فؤاد? ?يحب? ?فقط? ?أن? ?تكون? ?له? ?بصمته? ?الخاصة؟ ما? ?هو? ?طموحك? ?خارج? ?عالم? ?الصحافة؟ السياسة،? ?وقد? ?أنجح? ?في? ?السياسة? ?أكثر? ?من? ?نجاحي? ?في? ?الإعلام،? ?لأن? ?السياسة? ?أقرب? ?ما? ?تكون? ?إلى? ?حقل? ?الإعلام،? ?وأنا? ?أستثمر? ?في? ?هذا? ?المجال?.? على? ?غرار? ?الحديث? ?عن? ?السياسة،? ?كيف? ?تتوقع? ?نسبة? ?المشاركة؟ يبدو لي أن المشاركة ستتعدى 50 بالمائة، لعدة أسباب أولها تحفيز المواطنين للمشاركة من خلال حملات التوعية، وثانيا أن الانتخابات الرئاسية تختلف عن الانتخابات التشريعية والمحلية. بالمناسبة أنا أتعامل كمحلل سياسي مع مجموعة من القنوات الفضائية مثل الفضائية المصرية? ?لتوضيح? ?الصورة? ?كلما? ?تعلق? ?الأمر? ?بحدث? ?سياسي? ?أو? ?أمني?.? أسعد? ?حدث? ?غطاه? ?فؤاد؟ تضامن? ?الجزائريين? ?في? ?المحن? ?بصفة? ?عامة?.? أسوأ? ?حدث؟ كان لي صديق من الحرس الخاص لزرهوني، وهو من اغتيل في تفجير قصر الحكومة. كنت أطلب هذا الصديق أكثر من مرة لحظة التفجير وكان هاتفه مغلقا، واكتشفت في الغد أن التفجير قد طاله في قصر الحكومة، فكان الأمر مؤلما جدا بالنسبة لي. هل? ?تفكر? ?في? ?البقاء? ?أم? ?الرحيل? ?للعمل? ?بالخارج؟ الظروف? ?هي? ?التي? ?تحدد? ?ذلك،? ?في? ?هذه? ?اللحظة? ?بالذات? ?لا? ?زالت? ?العروض? ?تصلني? ?من? ?قناة? "?الحرة?" ?ومن? ?قناة? ?أخرى? ?للالتحاق? ?بها،? ?لكنني? ?أقول? ?اليوم? ?الذي? ?تغلق? ?فيه? ?الأبواب? ?سأغادر? ?إلى? ?وجهة? ?أخرى?.? كلمة? ?أخيرة? ?تقولها? ?لصحافيي? ?اليوم? ?الذي? ?يشق? ?طريقه? ?في? ?عالم? ?الصحافة؟ المهنة نبيلة تحتاج إلى كثير من الصبر وإلى الجهد والتضحية. في المقابل أتمنى أن يجد الجيل القادم ظروفا أحسن، يجد قانونا أساسيا، وأتمنى أن نصل إلى مرحلة يكون فيها الصحافيون متضامنين مع بعضهم البعض. أجرى? ?الحوار?: ?الطيب? ?توهامي