غياب الرقابة ساهم في تفاقم الظاهرة ومختصون يدقون ناقوس الخطر يشهد قطاع الصحة خلال الفترة الأخيرة، ظاهرة أقل ما يقال عنها غريبة، راح ضحيتها العديد من المرضى الذين وجدوا أنفسهم تحت رحمة مزاجية الأطباء في وصفهم أدوية تعجيزية غير متوفرة في الصيدليات ليبدأوا رحلة البحث من صيدلية إلى أخرى، ليجدوا أنفسهم يشترون الدواء من أشخاص آخرين باتوا يمارسون مهنة بيع الأدوية وبأسعار مضاعفة، فما هو هدف الأطباء في وصفهم أدوية تعجيزية للمرضى؟ وهل الصيادلة يمارسون سياسة سوق الجملة في احتكار الأدوية من أجل كسب المال؟ وما هو موقف وزراة الصحة من الوضع؟ ربورتاج: أناييس. ج إذا بحثت عن دواء "ديمتولوك" الذي يعتبر مهم لكل مريض بصدد إجراء عملية، فإنه سيتعذر عليك الحصول عليه وستلقى نفس الجواب في أغلب الصيدليات بالعاصمة، أترك رقم هاتفك وسنتصل بك فور وجود الدواء، ليتم بيعه بضعف سعره هذا إذا تم الاتصال وأي تأخر يجعلك في رحلة بحث عنه لينتهي بك المطاف في محطات سيارات الأجرة، من أجل شراء الأدوية بضعف سعرها، هذا ما وقفت عليه "البلاد" في أغلب بلديات العاصمة. أطباء يساهمون في توجيه المرضى إلى شراء الأدوية عن طريق "الكابة" بعيدا عن الصيدليات البداية، كانت بمستشفى "بشير منتوري" بالقبة، أين التقينا بشيخ طاعن في السن رفقة ابنته التي وصف لها الطبيب "أوفغكاغت" دواء للقلب، النادر في الصيدليات، مما جعله يفقد الأمل في الحصول عليه، غير أن أحدالمرضى أخبره أنه يستطيع الحصول عليه من سائقي الأجرة الذين يجلبون الأدوية عن طريق "الكابة"، مما جعل الشيخ يستعين بشخص من أقاربه عرفه على أحد سائقي سيارات الأجرة "بالقبة" الذي جلب له الدواء بضعف سعره. ما سرده لنا العجوز دفعنا للفضول أكثر للتأكد من حقيقة ممارسة سيارات الأجرة مهنة بيع الأدوية المفقودة في الصيدليات، توجهنا إلى لقاء بعض سائقي سيارات الأجرة ببوربة، والعاصمة وتظاهرنا بالمرض وحاجتنا الماسة إلى الدواء، في البداية تظاهر العديد من السائقين أنهم لا علاقة لهم بجلب الأدوية وبيعها للمرضى كونه ليس من اختصاصهم، إلى أن تقدم إلينا سائق بالعاصمة وأخبرنا إن كانت الحاجة ماسة إليه فتعالوا غدا في الثالثة مساء في نفس المكان واجلبوا معكم مبلغ 1200 دينارا للحصول على الدواء، أي ضعف السعر الحقيقي له، تركنا بلدية القبة وتوجهنا إلى براقي لمقابلة السيدة "أمينة. ن" عانت الأمرين في الحصول على دواء "ديمتولوك"، أخبرتنا أنها جابت أغلب صيدليات العاصمة إلا أنها لم تجد الدواء، وفي أحد الصيدليات ببلدية براقي أخبرتها مواطنة من ذات البلدية أنها اشترت الدواء من سائق أجرة ببلدية خروبة، ونصحتها بطلب الدواء لديهم كون أغلب الأدوية المفقودة في الصيدليات يبيعونها عن طريق "الكابة"، لكنها استمرت في البحث عن الدواء في الصيدليات خوفا من مخاطر بيعه بهذه الطريقة، لتكتشف في الأخير أن بعض الصيدليات تخبئ الدواء وتطلب من الأشخاص ترك رقم الهاتف للاتصال بهم وبيعهم الدواء "معريفة" بضعف سعره وهذا ما حدث معها. الأطباء مسؤولون على الوضع كونهم يلزمون المرضى بأدوية تعجيزية، والصيادلة يطبقون سياسة سوق الجملة من أجل كسب المال كشف العديد من المواطنين الذين التقت بهم "البلاد" في مختلف بلديات العاصمة، عن أن المسؤولية في وصول الوضع إلى ما هو عليه تقع على بعض الأطباء بالدرجة الأولى الذين يعمدون إلى وصف أدوية غير متوفرة في الصيدليات ويتركون المريض يعاني في سبل الحصول عليها، ليصل الدور إلى الصيادلة الذين يستغلون الوضع من أجل بيعها بأكثر من سعرها الحقيقي، مرجعين الوضع إلى غياب الرقابة على قطاع حساس كالصحة، تاركين العديد من الجهات تعمل كيف ما تشاء من أجل كسب المال على حساب المواطن البسيط. البروفيسور مصطفى خياط ل"البلاد": سائق الأجرة لا يمكنه وصف طريقة استخدام الدواء وعلى مديرية الصحة فرض الرقابة على القطاع من جهته، وصف البروفيسور مصطفى خياط، ظاهرة بيع الأدوية عن طريق سائقي الأجرة وغيرهم ممن يعملون على جلب الأدوية عن طريق"الكابة"، بشديدة الخطورة كون الدواء بكافة أنواعه يخضع للقانون، ومن الممكن أن يؤدي إلى إيصال المريض إلى التهلكة، ففي أغلب الأحيان يكون غير مستعمل في مكانه وسائق السيارة لا يمكنه وصف طريقة استخدام الدواء ولا تقديم النصائح، إضافة إلى أن القانون لا يسمح ببيع الأدوية بطريقة غير قانونية، وبالتالي هنا يأتي دور الرقابة، لأن تخزين الأدوية من طرف بعض الصيدليات أعطى الفرصة لأصناف أخرى في استغلال المريض وبيعه الدواء بضعف سعره، داعيا الأطباء والصيادلة إلى احترام المريض في عدم الزيادة في معاناته، وتدخل مديرية الصحة على مستوى الولاية بفرضها الرقابة على القطاع، كون الوضع يأخذ منحى خطيرا. المحامي بوغابة ل"البلاد": القانون يمنع بيع الدواء بطريقة غير قانونية، ويمنع استغلال الأطباء والصيادلة لمهنتهم في معاناة المريض كشف المحامي بوغابة ل"البلاد"، عن أن القانون يمنع بيع الدواء بطريقة غير قانونية، فبيعه عن طريق "الكابة" أو سيارات الأجرة أو بأي طريقة أخرى ممنوع منعا باتا في القانون، كون المكان القانوني هو بيعه في الصيدليات حتى ولو كان غير متوفر أو موجود بكميات قليلة، وبالتالي فإن قانون الصحة يعاقب كل من يبيع الدواء بطريقة غير قانونية، مبرزا في ذات السياق أن هناك قوانين تمنع الأطباء والصيادلة من استغلال المهنة في معاناة المريض. مسعود بلعمري رئيس نقابة الصيادلة ل"البلاد" احتكار بعض الصيادلة للدواء فيه إساءة للمهنة أكد مسعود بلعمري رئيس نقابة الصيادلة ل"البلاد"، أن ممارسة بعض الصيادلة لاحتكار الدواء وعدم بيعه، هو تشويه للمهنة، مبرزا أن القانون يمنع ممارسة بيع الأدوية بأي طريقة سوى بيعها في الصيدليات كون الصيدلي يقدم النصائح للمريض في طريقة استخدام الدواء، لأن القانون يلزم التموين عن طريق المعتمدين والموزعين. وفي نفس السياق، وجه بلعمري نداء إلى الصيادلة باحترام المهنة ومساعدة المريض بكافة السبل في الحصول على الدواء، وأي تصرف ضد القانون نحن كنقابة ضده، مستغربا مثل هذه التصرفات الصادرة عن بعض الصيادلة التي لا فائدة ترجو منها سوى جلب المشاكل والفوضى، ممكن أن تؤدي بهم إلى الغلق لأن الدواء يجب أن يباع بضمان. بن عربية طبيبة مختصة في الأمراض المعدية ل"البلاد" بعض الأدوية تفرض وزارة الصحة عدم استيرادها والطبيب لا يتحمل المسؤولية نفت بن عربية طبيبة مختصة في الأمراض المعدية، أن يتعمد الأطباء وصف أدوية غير متوفرة في الصيدليات، رغم أن هناك عدد هائل من الأدوية غير متوفرة في الصيدليات، والطبيب غير مسؤول على ذلك بل وزارة الصحة عليها التدخل من أجل توفير الدواء كي لا يقع المريض تحت ضغط البحث عنه. كما كشفت المتحدثة عن أن الطبيب يتبع عدة حالات في وصف الدواء منها الحالة المادية للمريض وحالته الصحية والدواء إن كان متوفرا، فلا يمكنه وصف الدواء وهو على دراية بعدم وجوده في الصيدليات لأن بعض الأدوية تفرض الوزارة توفيرها في أرض الوطن دون استيرادها، وإن لم يتم توفيرها يؤدي الوضع إلى نقص في الأدوية يضع الطبيب والمريض في مشكل كبير. وعن بيع الأدوية عبر "الكابة" أرجعت ذلك إلى غياب الرقابة، داعية وزارة الصحةإلى التدخل من أجل توفير الأدوية عوض ترك المريض يتخبط بين الصيادلة وسيارات الأجرة من أجل اقتناء الدواء. وزير الصحة عبد المالك بوضياف يتوعد الأطباء الذين يصفون أدوية تعجيزية ويطالب المرضى بالتبليغ عنهم طالب وزير الصحة عبد المالك بوضياف، خلال ندوة بالمستشفى الجامعي ببني مسوس، من المرضى، بالتبليغ عن الأطباء الذين يصفون لهم أدوية تعجيزية، ويتعاملون معهم بمنطق السماسرة، وبالتالي اتخاذ إجراءات ردعية ضدهم في حال ثبت وصفهم لأدوية غير موجودة في الصيدليات، معربا عن أن الوزارة لن تتسامح معهم وتفرض عقوبات في حقهم، كما أبرز وزير الصحة أن الوزارة لن تدخر أي جهد في محاربة الأطباء وحتى مافيا الدواء الذين يهدفون إلى بيع الأدوية عن طريق "الكابة".