شهدت أغلب الطرقات بالعاصمة وما جاورها من مدن اختناقا مروريا رهيبا تزامنا والدخول الاجتماعي، فرغم مساعي وزارة النقل في التخفيف من حدة هذا المشكل باستحداث وعصرنة شبكة الطرقات من خلال المخطط الاستراتيجي لتهيئة العاصمة الذي أخذ حيزا هاما من خلال برمجة وإنجاز عدة مشاريع، إلا أن ظاهرة اختناق الطرقات بالسيارات تتكرر بمجرد عودة العمال من عطلتهم إلى مناصب شغلهم وكذا التلاميذ إلى مدارسهم. ويجد المواطن نفسه في كل عشية دخول اجتماعي أمام مشكل الاختناق المروري الذي يضرب موعدا في كل موسم، حيث شهدت أغلب الطرقات الرئيسية والفرعية اختناقا مروريا لا يطاق، سواء تعلق الأمر بالجهة الغربية وحتى الشرقية للعاصمة. وتكلف هذه الظاهرة في كثير من الأحيان مدة طويلة من الانتظار وسط الطريق، ضف إليها سوء الخدمات المقدمة من طرف السائقين الذين لا يزالون يعتمدون على الحافلات القديمة التي تقدم خدمات لا ترقى للمواطنين خاصة ونحن في فصل الصيف. وعادت ظاهرة شلل حركة المرور من جديد للواجهة بشكل كارثي في أول يوم من الدخول الاجتماعي مع عودة الموظفين والتلاميذ والطلبة إلى مناصبهم بعد عطلة سنوية سمحت للعاصمة أن تتنفس كونها مقصد آلاف المركبات يوميا.
آلاف المركبات تخنق العاصمة وفي سياق مغاير وحسب ما وقفنا عليه، فإن الأزمة المرورية بالعاصمة تكون بشدة في ساعات الذروة أي بين الساعة السابعة الثامنة صباحا بسبب ولوج آلاف المركبات إلى العاصمة يوميا، حيث توجهت ما لا يقل عن 128.000 مركبة إلى وسط العاصمة، فيما يتم تسجيل ما لا يقل عن 325.000 مركبة أخرى بطرقاتها تصلها عبر المداخل الجنوبية والشمالية والغربية، وهو ما يفسر الازدحام المروري الكبير في تلك الساعات والذي يشكل عائقا لدى المواطنين القاصدين عملهم حيث مشكل التأخر يطاردهم في كل مرة وهذا ما يرجع بالسلب بالدرجة الأولى على الاقتصاد الوطني.
استحداث وسائل نقل جماعية لم يحل المشكلة من جهة أخرى، ورغم استحداث وسائل نقل جماعية بالعاصمة وما جاورها من مدن بالقطار وتدعيم الجهة الشرقية للعاصمة بالتراموي والميترو والمصاعد الهوائية، إلا أنها قللت بشكل طفيف من حدة الاختناق المروري الموجود بالطرقات السريعة الرئيسية على غرار الطريق الرابط بين بومرداسوالجزائر العاصمة وكذلك بين بئر خادم والعاصمة وعين طاية والعاصمة. وفي هذا السياق، قال بعض المواطنين في حديثهم مع "البلاد" إن الضغط والازدحام المروري الذي تعرفه عاصمة البلاد يحتم على السلطات المعنية التوجه نحو تدعيم كل أشكال وسائل النقل الجماعي للتخفيف من حدة هذا الازدحام الذي يتسبب في ارتفاع الضغط لديهم بسبب الوقت الضائع، مؤكدين أنه أصبح من الضروري تدعيم الحظيرة الوطنية بوسائل النقل الجماعي للتخفيف من حدة الازدحام المروري الذي تعرفه العاصمة واتخاذ إجراءات سريعة من شأنها التخفيف من هذا المشكل الذي يؤرقهم.
مركز مراقبة سير حركة المرور حبر على ورق ويجدر الذكر أن مصالح زوخ قد كشفت فيما سبق عن إنشاء مركز مراقبة سير حركة المرور عن طريق شركة مختلطة جزائرية وإسبانية، تعمل على نصب ما بين 250 إلى 300 إشارة ضوئية، مع تشخيص المشاكل المرتبطة بالاختناق المروري للتقليل من الفوضى التي يعرفها القطاع وما يتسبب فيه من انعكاسات سلبية على حياة المواطنين ولكن للأسف لا يزال هذا المشروع حبرا على ورق. من جهة أخرى، وعدت وزارة النقل بإنجاز مشروع مركز تنظيم حركة المرور بالوسط الحضري بالعاصمة الذي يعد مشروع نموذجي من المفروض سيتم تعميمه على المستوى الوطني شهر سبتمبر الحالي كونه يعمل على استعمال الأنظمة الذكية لتسيير ديناميكي للحركة المرورية من خلال الإشارات الضوئية التي تتماشى مع حدة الازدحام المروري، حيث أعطى مجلس مساهمات الدولة موافقته مؤخرا على تجسيد هذا المشروع في انتظار انطلاقه الفعلي. للتذكير، فإن مشكل الازدحام المروري بالعاصمة يرتبط أساسا بنمو حظيرة المركبات التي وصلت إلى 200.000 مركبة تجوب العاصمة حسب إحصاءات سنة 2010، في حين أن الإحصائيات الحديثة صادرة عن مديرية النقل بولاية الجزائر بلغت أزيد من 450 ألف مركبة تدخل العاصمة يوميا في ساعات الذروة في وقت لم تعرف شبكة الطرقات التطور المطلوب الذي يتماشى مع نمو هذه الحظيرة. وأمام هذا الوضع، يبقى المواطنون يعانون وسط الزحمة المرورية التي تكلفهم يوميا قرابة ساعتين من الزمن وسط الطرقات الرئيسية والثانوية بالمدن الكبرى والعاصمة بشكل خاص.