تشتكي قاعات العلميات الجراحية في معظم مستشفيات الوطن منذ أزيد من شهر، من الندرة الحادة في عقار أساسي يضمن نجاح التخدير في عمليات الجراحة ومن الاستحالة الاستغناء عنه، وقد سجل منذ ما يزيد عن الشهر النقص الحاد في عقار ''بروتوكسيد الأزوت'' المفقود حتى على مستوى الصيدليات المركزية للمستشفيات، فضلا عن الصيدليات العامة على خلفية انقضاء المخزون الاستراتيجي في الصيدلية المركزية· ورغم أن وزير الصحة، جمال ولد عباس، كان قد أعلن قبل أسبوع وصول شحنة ضخمة من المخدر المذكور إلى الجزائر، وذكر بأنها ستغطي حاجيات المستشفيات وغرف الجراحة لمدة 6 أشهر كاملة، إلا أن تعطل إخضاعها للتحاليل المخبرية من أجل التأشير على صلاحية استعمالها في المستشفيات ضاعف من معاناة هذه الأخيرة والمرضى على حد سواء· وذكر عدد من الأطباء الجراحين الذين تحدثت إليهم ''البلاد''، أن ندرة عقار ''بروتوكسيد الأزوت'' وعدم استعماله في البنج المخدر للمريض قد يجعل احتمال استفاقة المريض أثناء العملية واردا للغاية، الأمر الذي اضطر الجراحين إلى استبدال العقار المذكور في الحالات المستعجلة بمضاعفة جرعات عقارات أخرى وهو ما قد تكون له انعكاسات سلبية على صحة المريض من جهة وكذا نجاح عملية التخدير من جهة أخرى·من جهتهم، يشتكي المرضى من تأخر تزويد صيدليات المستشفيات بعقار ''بروتوكسيد'' خصوصا مرضى القلب الذين وجدوا أنفسهم مجبرين على إرجاء عملياتهم الجراحية رغم أنها تشكل الخيط الرفيع الوحيد الذي أصبح يشدهم بعالم الأحياء· وحسب شهادات حية استقتها ''البلاد'' من مصادر طبية في عدد من المستشفيات بالعاصمة، فإن بعض غرف العمليات الجراحية عاشت وقائع مريعة حينما استفاق بعض المرضى أثناء إجراء العملية ليشاهدوا أعضاءهم خارج بطونهم، في حين سجل دخول حالات أخرى في فترات غيبوبة دامت ساعات طويلة بسبب تأثير الجرعة الزائدة من العقارات المعوضة لنقص عقار ''بروتوكسيد'' رغم أن عملياتهم الجراحية كانت بسيطة ولا تستدعي قضاء كل تلك الفترة لاستعادة الوعي، على غرار عملية استئصال الزائدة الدودية·ويذكر أحد جراحين الأعصاب حادثة وقعت معه، حين استفاق أحد المرضى وجمجمته مفتوحة ما تسبب في خروج المخ بكامله من الجمجمة بسبب انقطاع استرخائه المؤدي بالضرورة إلى تقلص عضلاته انتهاء بخروج المخ·وحسب المعطيات المتوفرة، فإن ندرة العقار المفقود ليست المرة الأولى التي تعيشها مستشفيات الجمهورية، حيث عانت من المشكل نفسه خلال العام الماضي، الأمر الذي دفع هذه المرة الوزير المسؤول عن القطاع جمال ولد عباس، يعطي تعليماته أمام وسائل الإعلام لمدراء المستشفيات بإلزامية اقتناء العقار المفقود على مستوى الصيدلية المركزية مهددا بإقالتهم في حال لم يلتزموا بذلك·