أعلن عمار سعداني، الأمين العام لحزب جبهة التحرير، استقالته يوم السبت، من الأمانة العامة للحزب ل«أسباب صحية"، وذلك بعد أخذ ورد وشائعات ملأت قاعة القناديل بفندق الأوراسي بالجزائر العاصمة، موصيا المناضلين بالجزائر والجبهة والرئيس بوتفليقة.لم يكن يوم أمس عاديا بالنسبة للساحة السياسية بصفة عامة وحزب جبهة التحرير الوطني بصفة خاصة، وسيسجل التاريخ أنه بتاريخ 22 أكتوبر 2016 وبنزل الأوراسي بمناسبة انعقاد الدورة العادية الثالثة للجنة المركزية، أعلن الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني استقالته من الحزب، ولكن بعد أخذ ورد وإشاعات ملأت القاعة التي عقدت بها اللقاء. فبمجرد الاقتراب من فندق الأوراسي بدأت الأخبار تتوالى إلى أسماع الصحفيين من طرف أعضاء اللجنة المركزية والمكتب السياسي للحزب أن سعداني سيعلن عن استقالته، المؤشرات في بداية اليوم لم تكن توحي بأن شيئا كهذا قد يحدث، ومع مرور الوقت بدأت مؤشرات صدق الإشاعة تتأكد شيئا فشيئا، وأول هذه المؤشرات هي الخطاب المهادن لعمار سعداني على غير العادة.
الخطاب الافتتاحي لسعداني مهادن! تجسدت أولى نبوءات الإشاعة في الخطاب المهادن الذي افتتح به عمار سعداني أشغال اللجنة المركزية للحزب العتيد، فعلى غير العادة ابتعد سعداني عن تلك التصريحات النارية التي عود عليها وسائل الإعلام، حيث ظهر خطابه على أنه مودع، مشددا على أن الاستحقاقات القادمة توجب الاستعداد ليبقى الحزب العتيد في الريادة "لأننا أهل لها"، مذكرا القيادة بأنه فتح الأبواب أمام الكفاءات والطاقات، موجها رسائل واضحة لخصومه بالقول إن "المؤتمر العاشر للحزب كان مرحلة فارقة كبر فيها طموح المناضلين وتصدر الحزب المشهد السياسي ليؤدي أمانة الشهداء" وهي "أن يكون الحزب في الطليعة".وأكد سعداني في خطابه أن حزب جبهة التحرير الوطني كان وما يزال وسيبقى وفيا للرئيس بوتفليقة، مقدما أسمى عبارات التقدير لرئيس الحزب ورئيس الجمهورية عبد العزيز بوتنفليقة "هيأ الله على يديه ليقود البلاد في أحلك الظروف ولم يتخاذل وتحمل المشاق وحمل ما تنوء الجبال حمله، وأعاد السلم والأمان"، مشددا على أن "التزام الافلان ووفائه للرئيس موقف ثابت".
سعداني لخصومه: "الجزائر تسع الجميع" وجه سعداني رسائل قوية للخصوم السياسيين للحزب، مشيرا إلى أن الرهانات الحالية والقادمة "تفرض التجند"، موضحا أن "جميع المنافسين يستهدفون حزبنا"، معتبرا أن الأمر "لا بأس به إذا كان في إطار القوانين والمنافسة الشريفة"، مضيفا أن "الجزائر تسع الجميع". واعتبر المتحدث أن "النقاش السياسي يجب أن يكون نزيها ويقدم إضافة للدولة والمجتمع"، مؤكدا بأن "الحزب يملك كل المؤهلات للاستمرار في الريادة". وفي السياق ذاته قال "أؤكد أن الرئيس زكاه الشعب، وأن الانتخابات تميزت بالشفافية والمصداقية وجرت داخل الحدود وليس خارجها"، مضيفا "إن الوصول للحكم لا يكون إلا بالإرادة الشعبية".
هكذا أعلن سعداني عن استقالته وبالعودة الى مجريات رحيل سعداني فقد تواصل "السوسبانس" في الفترة المسائية، وازدادت حدة الإشاعة والتكهنات والتحليلات والقراءات في أوساط الأفلانيين أعضاء اللجنة المركزية بخصوص مغادرة سعداني للأمانة العامة للحزب العتيد، وبعد أزيد من ساعتين من الراحة تواصلت أشغال اللجنة بتلاوة البيان السياسي من طرف الأستاذ جمال بن حمدة.. وقبل لحظات من إعلان سعداني استقالته، تساءل أمين عام الحزب العتيد عن من يرغب في سحب الثقة منه، وهي إشارة واضحة لكيفية تنحية الأمناء العامين السابقين للحزب، لترتفع الأصوات "ولا واحد"وقال سعدياني إن "في السياسة طريقان إما أن تكون صادقا وفيا وصريحا وإما أن تكون مارقا ومنافقا وجبانا". وأضاف سعداني وقال "أصارحكم: غبت عنكم لحوالي ثلاثة أشهر لظروف صحية، وغيابي لم يكن دون سبب"، موضحا أن هذا الغياب كان أول مؤشر، أما اليوم "أريد أن أقدم أمامكم استقالتي"، مؤكدا "القانون الأساسي يعطي الحق بالاستقالة".
القاعة ترفض الاستقالة ومباشرة بعد انتشار خبر استقالة سعداني تعالت الأصوات رافضة لالستقالة من على راس الأمانة العامة للحزب العتيد، ليؤكد هو قائلا "أصر على الاستقالة حتى لو كانت مرفوضة فهي مقبولة"، معتبرا أن هذا الأمر "للمصلحة العامة للحزب والبلد". مؤكدا أن "الحزب ديمقراطي". أوصى سعداني، أعضاء اللجنة المركزية بثلاثة أمور وهي "الجز ائر أولا وثانيا وثلاثا، وأوصيكم بثلاث حاجات أخرى وهي الجزائر ثم جبهة التحرير ثم الرئيس بوتفليقة أحب من أحب وكره من كره".
جمال ولد عباس يعتلي المنصة ويؤكد :"الرئاسة لها صاحبها في 2019 ربي يطول في عمرو" سعداني بعد إعلان الاستقالة، صعد عضو مجلس الأمة وأكبر أعضاء اللجنة المركزية جمال ولد عباس للمنصة، ليتولى تسيير الحزب مؤقتا كما تنص على ذلك لوائح الحزب وقوانينه. وقال ولد عباس "يعجز اللسان عن التعبير"، معتبرا سعداني "أخا وصديقا ورفيق نضال". وخاطب ولد عباس أعضاء اللجنة المركزية بالتأكيد على أن "القاسم المشترك بين المناضلين"، رغم مغادرة سعداني، هو "الرئيس بوتفليقة"، مذكرا بأن الحزب دعمه في مختلف العهد الرئاسية الماضية "وإذا الله أطال في عمره الرئاسة في 2019 عندها ملاها". وقد زكي ولد عباس كأمين عام من طرف اللجنة المركزية من خلال رفع الأيدي ما يجعله أمين عام فعلي حتى انعقاد المؤتمر القادم ، والذي من المتوقع أن يكون مؤتمرا جامعا يشارك فيه جميع الأمناء العامين للحزب بمن فيهم عبد العزيز بلخادم وكل مناضل في الأفلان يحق له المشاركة والأسماء المتداولة عبد العزيز بلخادم، الطيب لوح وجمال ولد عباس.
كواليس رحيل سعداني وقد علمت البلاد ان قيادات من الصف الأول قد زارت سعداني ليلة الجمعة في بيته للوقوف معه على آخر ترتيبات اجتماع اللجنة المركزية الا ان سعداني فاجأهم بقراره بالتنحي من الامانة العامة للحزب رغم كل المحاولات لثنيه عن قراره "المفاجئ" ، غير ان هدا الاخير بقيا مصرا على المغادرة مبررا ذلك بأسباب خارجة عن نطاقه كما اقترحوا عليه تأجيل الدورة المركزية، لكنه رفض وأصر على موعد انعقادها.