أصبح هذا العنوان رائجا في مواقع التواصل الاجتماعي، ويسلط على القنوات الخاصة في الجزائر لانتقاد أدائها ، طبعا يجب الاعتراف أنها تعاني حقيقة من مشاكل تقنية وتحريرية واضحة للجميع ، وفي مقدمتهم الصحفيين والتقنيين العاملين فيها ، تهاجم هذه القنوات من السلطات في الجزائر التي تتهمها بالغوغائية والقرصنة وغياب المهنية ، وتهاجم من المعارضة التي تتهمها بمجاملة السلطة وعدم نقل معاناة المواطنين بالشكل الكافي، كما تتهم من المشاهدين بالضعف والجمود والتخلف مقارنة بالقنوات الفرنسية أو العربية ، طبعا كل هذا الكلام صحيح، وقد قيل فيها ما لم يقله مالك في الخمر فلا داعي للتكرار ! لكن كيف نجلد القنوات بهذه القسوة وهي معدومة الإمكانيات ، ضعيفة التمويل ، تستند على إطارات بدون خبرة أو تكوين، مع جامعة لا تزال تدرس تقنيات إعلامية بالية .. قنوات تعمل في ظل أسعار إشهار متدنية تكاد لا تغطي تكلفة البث ، فما تنفقه في سنة تنفقه قنوات الخليج في ساعة واحدة ، ثم نأتي لنقارن ما لا يقارن ! رغم كل ما سبق ، هل يمكن أن ننكر سيطرة هذه القنوات "بكل عيوبها" على المشاهد الجزائري الذي كان سابقا خاضعا للجزيرة وأخواتها ، ويتذكر المسئولون جيدا كيف كانت ترتعد فرائسهم عند تناول القناة القطرية للشأن الجزائري ، وعند استضافتها للمعارضين في لندن وغيرها ، وكيف كانت نشرة حصاد اليوم تشد ملايين الجزائريين ، أما اليوم فهي غير موجودة أصلا على خريطة المشاهد الذي أصبح يتابع الأخبار والتطورات والنقاش في بلاده من "قنوات الصرف الصحي"، فهي وإن لم تملك الإمكانيات الضخمة والخبرة الصحفية ، فهي تملك الميدان ، لأنها قربه وتعيش همومه وأفراحه في وهران والجلفة والبويرة و بجاية و ورقلة وغيرها ، وليس في استوديوهات الدوحة ودبي. حتى المعارضة الجزائرية التي كانت تتمنى أن تتذكرها القنوات العربية والفرنسية مرة في الأسبوع لتحظى ببضع دقائق ، أصبحت حاضرة بالساعات كل يوم في الجزائر، لتقول "تقريبا" ما تشاء دون رقيب أو حسيب ، طبعا هذا حقها، الحكومة أيضا استفادت رغم أنها لا تزال تنظر بتوجس لهذه القنوات وتحاول دائما أن تبقيها بين الحياة والموت ، فالجزائري أصبح يتلقى أخباره من قنوات تراعي على الأقل الأمن القومي والمصالح العليا للدولة، ولا تتآمر خدمة لأجندات أو لتصفية الحسابات كما تفعل القنوات الأجنبية . ثم ألم تُنفس قنوات الجزائر من احتقان الشارع بإفساح المجال أمام المواطن ليعبر عن رأيه وحتى غضبه في وجه المسئولين ، وكم شاهدنا من مشاكل محلية وتنموية تم حلها بعد عرضها في نشرات الأخبار ، وكم من مريض تم إنقاذه أو عائلة معوزة منحت سكنا ، أو موظف مفصول عاد لعمله، وكم واكبت أفراح الجزائريين وأحزانهم ، وكم عرفتهم بتاريخ الجزائر وبجمالها ، وبأبنائها المبدعين في مختلف المجالات . طبعا هذه التجربة الفتية تحتاج للتطوير والإصلاح بشكل عاجل ، لكنها على الأقل أصبحت ملجأ للمواطن إن ظلم ، كما أظهرت للجزائريين أن قنواتهم ، ولو كانت ضعيفة وغير مدعومة ومهمشة ، تبقى نابعة منهم ، تنتقد وتصوب ، لكنها لا تقامر بهم لتخريب بلدهم خدمة لمخططات لا ناقة للجزائريين فيها ولا جمل !
للتواصل مع الكاتب من خلال صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك": https://www.facebook.com/anes87 أو من خلال البريد الإلكتروني: [email protected]