في مواجهة أزمة الخليج يوم الأحد 12/08/1990 اجتمع مجلس الشورى لمناقشة كيف يتعامل مع بلية حزب البعث واجتياحه لديار المسلمين الكويتيين لأسباب واهية.. من سوء حظ الجبهة الإسلامية أن توجد في موقف لا تحسد عليه، أين يرفع عدو بعثي كافر راية الإسلام وفي نفس الوقت يغتصب ديار المسلمين ويتهمهم بالخيانة إذا طلبوا من الغرب استعادة بلدهم ويا للأسف يتبعهم في هذه الفلسفة اليهودية أغلبية الحركات الإسلامية ويزمرون لها بل يوفدون عناصرهم لإعانة قاتل العالم الجليل باقر الصدر رحمه الله صاحب كتاب »إقتصادنا« وقاتل الصالحين.. فكيف تحل معادلة من هذا التعقيد ومع من ستقف وكيف.. الحقيقة أنني لم أكن أطمئن أبدا للبعثيين وحيلهم وكيف يصدق صدام حسين وزبانيته وتاريخه معروف في جلب الشر والنفاق والإلحاد للمنطقة وانتشار مذهبه الفاسد، كيف نناصر رجلا يتخذ من ميشل عفلق نبيا له، وعندما اشتد الحبل عليه استتر ب»الله أكبر« ورفع شعارا كاذبا ليسلب إخواننا الكويتيين حقوقهم ويشردهم من ديارهم.. دارت مناقشات مجلس الشورى فقط حول كيف يسمح للقوات الأجنبية وهل يسمح للمسلمين الاستنجاد بغير المسلمين وهل هذه الوحدة شرعية أم يرفضها الشرع، ولم نخرج إلا بمسايرة الغوغائية المتواجدة في الشارع العربي، على أيدي قدماء الشعوبيين والشيوعيين والبعثيين الملقبين بالمثقفين مثل الخبزيست عطوان، ينظرون لشباب الأمة الإسلامية بحتمية الصراع مع الغرب وهم يقطنون في دياره ويتمتعون بخيراته.. وهو لعمرك الدليل على أن الإرهاب الفكري أخطر من الإرهاب الجسدي، حيث أن 16 من 24 فقط وافقوا على المسيرات لتدعيم العراق والذهاب للعراق لعرض مساعدتهم وجمع الإعانات.. فلم أكن من الراضين بهذا الأسلوب الغوغائي والاجتماع مع صدام ضد إخواننا الكويتيين المعروفين بنصرتهم لنا منذ الثورة ومازالوا يدعموننا وينصرون كل قضية إسلامية، كيف نقف مع معتد ضد مسلم بحجة استنجاد المسلم بالغربي وهل استطاع العرب والمسلمون كفّ النظام البعثي عن إشعال الفتن هنا وهناك، حرب على إيران ثم على الأكراد وأخيرا على الكويت.. وأذكر جيدا أن أعضاء من السفارة البعثية طلبوا من أحدنا أن يعينوهم على تهريب وثائق مهمة علمية وتخزينها في الجزائر.. ومازلت أتأسف لذلك الغباء المذهل الذي جرّتنا إليه الثلة المغرورة وكيف أن الشعب الجزائري انجرّ معها ونسي إخوانه الكويتيين ووقف مع المجرم ضد المحرم كما يقول الجزائري العربي القح. نعم المحرّم عليه ظلمه، أخوه المسلم الكويتي النبيل، الذي كانت دعواته مستجابة، فمن تشفى في أخيه المسلم لم يمت حتى يبتلى بما عيّر أخاه به.. نعم كذلك وقع للجزائريين، كأنهم فرحوا بمصيبة إخوانهم الكويتيين، فما هي إلا بضع سنين حتى حلّت بهم نفس المصيبة وأكثر على أيدي الذين ظنّوهم إخوانا فأصبحوا لهم قطّاع رؤوس وأعداء، كما انقلب البعث على الكويت عدوا بعد ما شبع من جيوب الكويت.. وللّه كم هي صادقة الحكمة من أعان ظالما سلّطه الله عليه.. لقد أعان إخواننا الكويتيون الظالم صدام على إخوانهم من الدولة الإسلامية الفتية الإيرانية، فدارت الأيام وردّ لهم جميل فعلهم بكسر الرقاب وتشريد الأولاد.. وكذلك الجزائريون وقفوا مع الظالم صدام ضد إخوانهم الكويتيين ودفعوا الأموال ونزعوا الحلي من الصدور لتشجيع الظالم على المظلوم باسم التدخل الأجنبي، ولكنهم ما دارت عشر سنوات حتى جاءهم الخبر اليقين فزلّفت الرؤوس وقطعت الطرق وأحرقت المدارس باسم نصرة الإسلام وانتشر الخوف والهلع، فذاقوا البأس والحزن الذي ذاقه إخوانهم الكويتيون ليتعلموا أن لا نصرة لظالم مهما كان اسمه ومهما كان فصله ولو تسمى بأسماء المسلمين وصلى صلاتهم فلا نصرة لظالم على مظلوم ولا حجة له ولا نقبل منه إلا رد المظالم أولا وإن لم يفعل قاتلناه ولو استعنّا بأي كان، فالظلم والفساد في الأرض مرفوض كليا، شرعا وطبعا، فهي سنّة بني إسرائيل ومنهاج فهمهم: يقتلون إخوانهم في الدين ويخرجونهم من ديارهم ويرون ذلك من الدين.. يا لفساد سريرتهم وعقولهم.. وهي إحدى الحكم التي من أجلها كررت قصص بني إسرائيل في القرآن الكريم لكي تستفيد الإنسانية والمسلمون خاصة من تاريخ أمة رسالية كيف ضلت وكيف كانت تفكر وتتصرف وهو الذي أسميه منهاج بني إسرائيل في الفهم والذي للأسف يتبعه اليوم بن لادن وجماعة الظواهري ويسمونه جهادا، والشك أن في جيناته الوراثية شيء من بني إسرائيل، كيف لا أشك وهو يصدر الفتوى ويرسل صبيانا وخنافيس ينتحرون على صدور وممتلكات المسلمين فيخسرون الدنيا والآخرة ويسمونها عمليات جهادية، يا أعداء الله كيف نقبل منكم قتل سيد الأسياد شاه مسعود، أعداء الإسلام سمّوه أسد البانشير وشيطانكم الصهيوني الساكن في عقولكم وسوس لكم بقتله.. رحمه الله وآخرين لا نحصيهم من البلدان الإسلامية وغيرها.. هي ذي عندي ثاني أكبر خطيئة وقعت فيها قيادة الجبهة الإسلامية، فنالت جزاءها أوَلم يكن إخواننا الكويتيون يدعون الله في تلك الأيام الصعبة وهم يرون شعوبا إسلامية تساق كالنعاج في الطرقات تلبي نداءات الجهاد لمناصرة ظالمهم، أولم تكن تلك النداءات ضربات ونزفات لقلوبهم أولم يتنهّدوا ويقولوا يا رب انصرنا على من ظلمنا واخذل من خذلنا، أفلم تكن تلك خذيلة لهم وهم المظلومون، كذلك وقع للقيادة الفالسة المفلسة خذلت المظلوم ووقفت مع الظالم، فانتهت مسيرتها بخذلانها وانقطاع شوكتها وانتهاء مسيرتها وها هو اليوم يجر كالحمار زعيم البعثيين صدام حسين ويرفع يده كالطفل في المدرسة في المحكمة ويتذلل وسوف يطلب العفو والصفح ويبقى درسا لمن أراد أن يتذكر.. وهكذا شد رحاله سيد الشيخ حاملا معه الذي كان يدّعي أنه لا يحب الألقاب والتصوير علي بن حاج إلى العراق وجيرانها.. فإذا به يرجع إلينا كما يقول العربي مخلوع مما رآه في طهران، لقد تم استقبالي بحفاوة وبروتوكول رسمي وسيارات رسمية وعرضوا عليّ الأفلام التاريخية للثورة الإسلامية وكيف أطاحت بالنظام بالشارع فقط.. مسكين شيخنا كأنه كان نائما وها هو يصحو، ألم تكن تعرف كيف قامت الثورة الإيرانية وكم دامت وهل عندك ثقافة وأسلوب الشيعة في تنظيم الغوغاء وهل عندك حوزاتها ومدارسها.. ومن يستطيع التسلق على رقاب أسياده ليلقب بالشيخ ببعض المحاضرات والدروس كما هو معروف في مجتمعاتنا السنية، أطلق لحيتك والق بعض الدروس وتشدد في الفتوى وها أنت أصبحت شيخا.. ويا للأسف.. تقرر اتباع الأسلوب الغوغائي الحبيب إلى قلب الشيخ: مسيرة مناصرة من؟ العراق.. ولكن أهم ما تقرر في تلك الجلسة كذلك استكمال إنشاء لجان مجلس الشورى، حيث كلفت بلجنة التخطيط والبرمجة واخترت نائبين لي وهم قمر الدين خربان والسهلي بن قدور والأخ بن نعمية كلف بلجنة الاقتصاد ورجام كلف باللجنة الإعلامية. عرض الشيخين حول سفرهما الى العراق.. اجتمع مجلس الشورى يوم الأربعاء 19/09/1990 للاستماع الى عرض الشيخين حول سفرتهم والوساطة التي قاموا بها، وقد استقبلوا في بغداد وقالوا ما قالوا ومرت قافلتهم وبقي الكلب صدام في مكانه حتى أخرج من تحت الأرض وها هو اليوم يتعلم كيف يقول بسم الله ويحمل مصحفا في يده ولعله يوما يفيق ويتوب حقا ونسمع حكايته أو نقرأها وما ذلك على الله بعزيز ويا ليته ينطق بالحق يوما ما ويفضح كل من أعانه على ظلمه عراقيا كان أو عروبيا أو غربيا ويومئذ يفرح المومنون بنصر الله ويقبر الى الأبد بني وي وي إن شاء الله...