دائما ما نبحث عن النجاحات والانتصارات عن طريق المعجزات الإلهية أو البشرية ، هناك في الأراضي المحتلة نأمل أن تقوم الحرائق بتوجيه رباني بمحو إسرائيل وغسل هزائمنا المتراكمة منذ 1948، وهنا ننتظر معجزة طبية من شخص مغمور علميا، ادعى أنه اكتشف دواء السكري لنبيع وهما لملايين المرضى في الجزائر ونتخلص في رمشة عين من فشلنا الذريع في توفير علاج كريم لهؤلاء. سألت صديقا دكتورا ، يشتغل كباحث في أحد المختبرات الأوروبية المرموقة عن إجراءات اكتشاف الدواء في الدول المتقدمة، فأجاب أن العملية معقدة ومكلفة وطويلة ، تستغرق سنوات من الأبحاث والتجارب والتحاليل بميزانية لا تقل عن مليار دولار وبمشاركة خيرة العلماء للتأكد أن الاكتشاف صحيح ولا يشكل أي خطر على صحة المرضى ، عندنا صدقنا "زعبيط" أنه اكتشف بقدرة قادر دواء للسكري ، والمشكلة أنه حصل بسرعة الضوء على ترخيص لتسويق دواءه دون إجراء أي أبحاث أو تحاليل يعتد بها ، وفي خرق واضح لكل إجراءات السلامة المعمول بها دوليا في الحالات المماثلة . مثلنا في البحث عن دواء للسكري، كمثل من أراد أن يطلق صاروخا في الفضاء وهو لم يحسن بعد صناعة ملعقة أو كيس بلاستيكي ، كيف نفكر في دواء للسكري عجزت عنه أرقى المختبرات الدولية وأحسن العلماء من أصحاب نوبل وأخواتها ، وحال الجامعات الجزائرية من سيئ لأسوء بصفر رصيد في براءات الاختراع والبحث العلمي ، جامعات تعاني من الغش والسرقات العلمية ولا تملك حتى مواقع إلكترونية بسيطة لتسيير شؤون الطلبة رقميا، كما أنها تختفي من أي تصنيف عالمي للجامعات على غرار تصنيف شنغهاي ، كيف نتحدث عن اختراع بهذا الحجم والمسئول الجزائري يهرع إلى مستشفيات أوروبا إذا أصابه زكام عابر، لعدم ثقته في المستشفيات الجزائرية التي تعاني هي الأخرى من الإهمال والاكتظاظ ونقص الأدوية وغياب إجراءات النظافة وسوء التسيير . أليس الأجدر بنا أن نواجه مشاكلنا البسيطة، قبل البحث عن حلول لمشاكل البشرية ، أليس الأجدر أن نؤسس أخيرا بعد 54 سنة من عمر الجزائر المستقلة لتعليم محترم ولطبابة كريمة للمواطن الجزائري، عندما نشاهد رجال الأعمال والمشاهير والمسؤولين الجزائريين يثقون في المدرسة الجزائرية ويوجهون أبنائهم إليها، ويثقون في المستشفيات الجزائرية عند مرضهم ، حينها يمكن لنا كشعب أن نفكر أخيرا في البحث عن دواء للسكري ! الانجاز الوحيد لمكتشف دواء "رحمة ربي" أنه نجح في إظهار هشاشة نظامنا الطبي، وعدم كفاءة المسؤوليين عن الصحة في الجزائر واستهتارهم بحياة الناس بحثا عن فقاعات إعلامية وإنجازات وهمية، ومصيرهم الوحيد إذا كنا دولة تحترم نفسها ، هو الاستقالة والرحيل وإفساح المجال أمام إطارات تعرف قيمة العلم وقيمة الحياة وطريق النجاح الذي يكون بالجد والعمل والصرامة ،وليس معلقا بالأوهام والخوارق ! للتواصل مع الكاتب من خلال صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك": https://www.facebook.com/anes87 تويتر: https://twitter.com/anesdjema أو من خلال البريد الإلكتروني: [email protected]