وضعت التحالفات الجديدة التي أقامتها الأحزاب الإسلامية في الجزائر قوى التيار الإسلامي والوطني في مواجهة بعضهما البعض، مع بدء العد التنازلي للانتخابات التشريعية التي ستشارك فيها كبرى الأقطاب السياسية في الجزائر. وستكون الأحزاب الإسلامية خلال التشريعيات القادمة في مواجهة محتومة ضد أحزاب التيار الوطني عموما، والأفلان والأرندي خصوصا، وفق ما تشير عليه خريطة التحالفات الراهنة، التي عرفت إعادة هيكلة التشكيلات السياسية من خلال اندماج حركة التغيير لصاحبها الوزير الأسبق عبد المجيد مناصرة ضمن وعاء حركة مجتمع السلم حمس، فضلا عن الاندماج الثلاثي لحركة النهضة والبناء والعدالة والتنمية ضمن وعاء واحد قال عنه عبد الله جاب الله "إنه ليس ظرفيا ولا انتخابيا، لكنه استراتيجي". هذا الاندماج الخماسي في حركتين سياسيتين سيدعم حظوظ الأحزاب الإسلامية خلال الانتخابات القادمة، في مواجهة أحزاب التيار الوطني التي تعتمد على الوعاء الانتخابي التقليدي الذي يصب في صناديقها، وهي المرة الأولى التي تتوحد فيها جهود الأحزاب الاسلامية، إذ ما استثنينا حركة الإصلاح الوطني التي تغرد خارج سرب هذه التحالفات بسبب الصراعات التي تعيشها، تحالفات تخيف خصوم الإسلاميين الذين فقدوا الكثير من مواقعهم الشعبية، وفي الشارع الجزائري، الذي لم تعد تغيره خطابات التيار الإسلامي بسبب عوامل عدة، أبرزها سنوات المغالبة التي تلتها تجربة المشاركة للإسلاميين في السلطة التي تحولت إلى نقمة على كافة ألوان التيار الإسلامي في الجزائر. ورغم هذا التحالف، فإن الملاحظات الأساسية على مستقبل وثقل المشاركة لهذا التيار في الاستحقاقات المقبلة تشير إلى ضعف أداء التيار الإسلامي الذي لن يقوى على مواجهة ِآلة الأحزاب الأخرى "الأفلان والأرندي" خصوصا، فضلا عن عدم قدرته تعبئة الشارع القبائلي في تلك المنطقة التي تعتبر معقلا لجبهة القوى الاشتراكية والأرسيدي، وهما الحزبان الرئيسيان هناك. الأحزاب الإسلامية ستكون موحدة أكثر من ذي قبل، لكنها لن تقوى على منافسة خصومها بالشكل الذي يتطلع إليه المناضلون والمحبون، فهي رغم ذلك لازالت متفرقة ومن غير الممكن أن تحوز على أي أغلبية أو نسبة غالبة من المقاعد في أي تشريعيات مقبلة، فماذا لو توحدت الكيانات الخمسة زائد واحد ونقصد الأحزاب الإسلامية الخمس فضلا عن حركة الإصلاح؟ أكيد فإن الأرقام ستتغير، وأن التيار الإسلامي سيحصد أواتا معتبرة في أي انتخابات يقودها، فمجرد الوحدة بين الكيانات الحزبية المنتمية للتيار الإسلامي سيشجع الناخبين على المشاركة تفاؤلا بالمستقبل، وسيكون لابتعاد هذا التيار عن التسيير وعدم تورطه في العديد من القضايا المثارة خلال السنوات الماضية عاملا يدعم حظوظه في مخاطبة الناخبين لكسب تعاطفهم وأصواتهم، مما سيعزز من مواقعه هناك.وبخلاف ذلك، فإن الأحزاب المنتمية للتيار الوطني تعيش صراعات حادة ما قد تدعم حظوظ خصومها، لكن الواقع غير ذلك تماما، حيث حظوظ وأسهم أحزاب التيار الوطني لازالت مرتفعة جدا خلال أي استحقاقات مقبلة من شأنها أن تضع التيارين على خطين متعاكسين.