عطاف: قرارات محكمة العدل الأوروبية نسفت المحاولات اليائسة لطمس ثوابت قضية الصحراء الغربية    تدخل ضمن برنامج الاحتفال المخلد للذكرى 70 للثورة التحريرية    مرابي يشرف على الدخول لدورة أكتوبر 2024 بوهران    القطاع أنجز عدة منصات للتكفل بانشغالات المهنيين وعصرنة الخدمة    عرض تصنيع "IVECO" النفعية المتوسط والثقيلة بالجزائر    اتفاقية تعاون بين سلطة حماية المعطيات ونظيرتها الموريتانية    مجازر الكيان الصهيوني في مخيم جباليا وفي غزة دليل على فشله    الغرب المتصهين لا يعرف الحياد..؟!    الخضر يحضرون لمواجهة الطوغو تحسبا كأس أمم إفريقيا 2025    طقسا مشمسا إلى ممطر عبر أنحاء الوطن    الأكياس البلاستيكية السوداء تعود بقوة للأسواق    الصولد يستقطب اهتمام الزبائن عبر المحلات    سايحي يرسل كمية معتبرة من اللقاحات إلى تمنراست وإن قزام    السفير الجديد للمجر يؤكد رغبة بلاده في تطوير علاقات الصداقة التاريخية مع الجزائر    المجلس الشعبي الوطني: عرض حول مشروع قانون يتعلق بحماية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة    التشكيلية نادية شراق تعرض آخر إبداعاتها بالجزائر العاصمة    مجلس الأمن: رئيس الجمهورية جعل من نصرة القضية الفلسطينية أولوية الأولويات    موسم الاصطياف: وفاة 762 شخصا وجرح 31705 آخرين جراء حوادث المرور    ملاريا/دفتيريا: إرسال كميات جديدة من اللقاحات والتجهيزات الطبية للولايات الجنوبية    تكوين مهني: إدراج تخصصات جديدة وإبرام اتفاقيات شراكة بجنوب البلاد    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: عرض أعمال تعالج مواضيع اجتماعية وإنسانية    حركة "حماس": مجازر الكيان الصهيوني في مخيم جباليا وشمال غزة دليل على فشله وعجزه عن تحقيق أهدافه    التوقيع على اتفاقية تعاون بين السلطة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي ونظيرتها الموريتانية    تصفيات كاس افريقيا للأمم 2025: "الخضر" يشرعون في التحضير لمواجهة طوغو    تصدر ترتيب أغلى المدربين في افريقيا..بيتكوفيتش يتقاضى 135 ألف يورو شهرياً    بوعناني سعيد بعودته للمنتخب الوطني    إعادة بعث وتوسيع السد الأخضر .. شرفة يأمر بتجسيد البرنامج الخاص بسنة 2025    صندوق النقد العربي ينوه بجهود الجزائر.. فايد: الجزائر حققت "خطوات معتبرة" في مسار التحول الرقمي    استشهاد 3 أشخاص في غارة للكيان جنوب لبنان.. حزب الله يقصف الاحتلال ب 85 صاروخا    مستغانم.. 810 مليون دج لترميم عدد من المواقع الأثرية    يفتح بابه غدا ل20 بلد ويشرّع نوافذه على التجارب الفكريّة والأدبيّة الجزائرية..الجزائر ضيف شرف معرض عمّان الدولي للكتاب    الذكرى ال20 لرحيل يحي بن مبروك : مسيرة حافلة في خدمة القضية الوطنية والثقافة الجزائرية    توقيع مذكرة تفاهم بين وكالة "النفط" وشركة "غلف بتروليوم ليميتد" القطرية    العرباوي يستقبل سفير إيطاليا بالجزائر : اتفاق على توسيع التعاون في مجال البحوث والحفريات الأثرية    التكفل الأمثل بمرضى الملاريا والدفتيريا : إرسال كميات جديدة من اللقاحات والتجهيزات الطبية للولايات الجنوبية    مع جوارها المتوسطي ومع الاتحاد الأوروبي.. عطاف: الجزائر تسعى لإقامة شراكة متوازنة ونافعة    صناعة : مجمع "ايفيكو" الايطالي يعرض مشروعا لتصنيع السيارات النفعية بالجزائر    المهرجان الثقافي الوطني لعكاظية الشعر الشعبي بمثابة المكافأة التي يستحقها أهل الشعر في الجزائر    الأهلي يعرض قندوسي للبيع    فرنسا تُرحّل مئات الجزائريين    الجزائر بوصلتنا    توقيع اتفاقية تقنية مع فيدرالية الفندقة والسياحة    ضخّ تدريجي للقهوة بالسعر المسقّف    الرئيس يستقبل سفيرَيْ الصين واليابان    الرئيس يأمر باستحداث هذه الوكالة..    جزائري يتوّج بجائزة أنغولا    انطلاق البرنامج الوطني للتظاهرات الرياضية    معرض وطني للألبسة التقليدية بقسنطينة    كرة القدم/كأس الكونفدرالية الإفريقية: اتحاد الجزائر يفتتح المنافسة أمام اورابا يونايتد (بوتسوانا)    اجتماع تنسيقي بوزارة الصحة لمتابعة الوضعية الصحية بالمناطق الحدودية    محرز يخيّب الآمال    لا زيادات في الضرائب    الاستلاب الثقافي والحضاري..!؟    أسماء بنت يزيد.. الصحابية المجاهدة    محارم المرأة بالعدّ والتحديد    خطيب المسجد النبوي: احفظوا ألسنتكم وأحسنوا الرفق    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلاميون في الجزائر «يتفرّقون»
بين حرب الزعامات وترتيب الأولويات
نشر في المساء يوم 02 - 11 - 2016

تعيد الأحزاب المنضوية تحت غطاء التيار الإسلامي في مجملها، طرح مشروع الوحدة والتكتل لتقوية موقعها ومكانة أنصارها ووعائها الانتخابي، الذي لازال يتوق لريادة المشهد السياسي في الجزائر، وتحقيق المكاسب التي حققتها الأحزاب الإسلامية في الكثير من البلدان كتركيا والجارتين تونس والمغرب. معظم قادة وقياديّي التشكيلات الإسلامية يلتقون عند الدعوة إلى التوافق والتكاتف والتكتل في الظرف الراهن، الذي يشجع أكثر من أي وقت مضى، على تحقيق الوحدة بالنظر إلى زوال العوامل الذاتية التي كانت تعترضها، وحاجة البلاد إلى التكافل من أجل التصدي للتحديات المتعددة التي تواجهها، فضلا عن الضرورة الملحة إلى تغيير واقع متناقض طغى على بيت الإسلاميين في الجزائر منذ مرحلة العمل السياسي السري، واستمر حتى بعد مرحلة الانفتاح السياسي، والذي يترجمه سؤالنا المنطقي الذي يستطلع آراء أبناء هذا التيار حول الأسباب التي تجعل أحزابا تبني برنامجها السياسي وتربط أهدافها بمبادئ الدين الإسلامي الحنيف، دين الاعتصام والوحدة والجماعة، بعيدة في واقعها السياسي عن الوحدة والالتحام.
بعض الفاعلين في هذا التيار ذاتهم يُرجعون تفرقهم إلى اختلاف التوجهات وأولويات كل فصيل مقارنة بالفصيل الآخر، وإلى طبيعة البيئة السياسية العامة والموانع التي يفرضها عليهم النظام الانتخابي. غير أن هذه الأسباب ولو كانت منطقية وواقعية وحقيقة لا يمكن إنكارها، فهي لا تغطي على المانع الذاتي المرتبط بالأسباب النفسية وعقدة الزعامة ونرجسية بعض القادة الإسلاميين، على شاكلة أولئك الذين صعب علينا التواصل معهم في إطار إعدادنا لملفنا هذا..
عبد المجيد مناصرة رئيس جبهة التغيير: النظام الانتخابي هو الذي أعاقنا
يرى رئيس جبهة التغيير عبد المجيد مناصرة، أن اختلاف التصورات والرؤى بين الأحزاب السياسية وصراع الزعامة لا يشكلان سببين أساسيين في فشل تحالف أحزاب التيار الإسلامي خلال المواعيد الانتخابية، وإنما السبب الأساس، حسبه، يكمن في «طبيعة النظام الانتخابي الذي يزهد الأحزاب في التحالف».
ويؤكد رئيس جبهة التغيير أن مساعي الوحدة والتكتل بين تشكيلات الطبقة السياسية للدخول في الانتخابات، لم تحصل إلا مع أحزاب التيار الإسلامي، التي ينفرد، حسبه، في تجربة التحالف الذي حصل بمناسبة تشريعيات 2012 في إطار تكتل الجزائر الخضراء، واصفا ذلك ب «سابقة أصحابها ثلاثة أحزاب تنتمي للتيار الإسلامي»..في المقابل، يعتبر السيد مناصرة أن النظام الانتخابي الجزائري لا يشجع على التحالف لأنه يعتمد القائمة النسبية، التي تعطي حظوظا لعدد من الأحزاب في التواجد، فضلا عما يسميه ب «غياب النضج السياسي لدى الأحزاب، وتشجيع الإدارة الحكومية للمترشحين باسم أحزاب وهمية أو باسم قوائم حرة لتفتيت الأصوات ومنع التحالفات». وإذ يرى محدثنا أن الإسلاميين هم الوحيدون الذين أنجزوا سابقة في 2012، كشف في تصريحه بأن النقاش حول بناء تحالف بين الأحزاب السياسية للدخول في الانتخابات هذه المرة، لايزال مطروحا، غير أنه من المهم، حسبه، «التريث لفترة معيّنة لنرى إمكانية ذلك». بخصوص العراقيل التي تعترض وحدة التيار الإسلامي في الجزائر، لا ينفي رئيس جبهة التغيير وجود عامل «الزعامة»، الذي قد يكون، حسبه، «جزءا من الأسباب التي تدفع الأحزاب إلى الترشح منفردة بدون تحالف»، مضيفا في نفس السياق، أن من ضمن الأسباب أيضا احتمال وجود «قيادات ولائية حريصة على الترشح، والتي ترى في التحالف عائقا يمنعها من ذلك، لا سيما عندما يضيق الأفق في التفكير وتغيب النظرة الاستشرافية وتقدير المصلحة العامة». ويبقى السبب الأساس في تغييب التحالفات الانتخابية بالنسبة للسيد مناصرة، يرتبط بالنظام الانتخابي الذي يثبّط، حسب رأيه، إرادة التشكيلات السياسية في التحالف والدخول في الانتخابات في تكتل واحد».
أحمد الدان الأمين العام لحركة البناء الوطني: على الإسلاميّين أن يخرجوا من خلافات الماضي
يرى الأمين العام لحركة البناء الوطني أحمد الدان، أن مسألة الزعامة تتدخل حقا في فشل وحدة الحركة الإسلامية في الجزائر، ولكن من زاوية غياب الزعيم والقائد الذي يُعتبر في رأيه، الحلقة المفقودة في تجسيد مشروع الوحدة. كما يعتبر محدثنا أن الوحدة المطلوب تحقيقها اليوم هي تلك التي تنبني على البعد الاجتماعي والشعبي وليس الحزبي الطائفي، حيث تكون موسعة لتشمل التيار النوفمبري بأبعاده الإسلامية والوطنية..
ويذكر أحمد الدان في حديثه إلى «المساء»، بأن مسار العمل الوحدوي بالنسبة للحركة الإسلامية والذي بدأ منذ زمن طويل، لم يستطع تحقيق المرغوب سواء على مستوى المذاهب الفقهية أو على مستوى مذاهب العمل السياسي، مرجعا ذلك إلى كون مسار عمل أغلب الحركات الإسلامية تضغط عليه المسارات السياسية، «وخصوصا عندما أصبحت الحركة الإسلامية على باب الدولة، ووصلت إلى المشاركة في الحكومات».فيما يتعلق بعامل الزعامة وتأثيره على فشل وحدة التيار الإسلامي في الجزائر، يرى محدثنا أنه على عكس الطرح القائل بأن صراع الزعامات أفشل وحدة الإسلاميين، «نعتقد نحن بأن غياب الزعيم هو الذي عطّل الوحدة وليس كثرة الزعامات»، لافتا إلى أنه «لو كان هناك زعيم للتيار الإسلامي في الجزائر لقلّت الانشقاقات والتمزقات بين أبناء التيار الواحد».في نفس السياق يطرح الأمين العام لحركة البناء الوطني مشكلة غياب المؤسسات التي يمكنها أن تعوّض غياب الزعيم الفكري أو السياسي الذي يحوز على ثقة الرأي العام، وتستطيع أن تستوعب الخلافات داخل الحركة الإسلامية، معتبرا غياب الزعيم والمؤسسات التي تخلفه من أهم مرتكزات التشرذم الحاصل في الحركة الإسلامية.كما أبرز أهمية توفر مثل هذه العوامل التي تُعتبر في رأيه، «قوة ساحبة كبيرة، إن وُجدت في المستقبل يمكنها أن تستوعب هذا التيار، ليس في بعده الإسلامي فقط وإنما كتيار نوفمبري ببعديه الوطني والإسلامي، يمكنه أن يشكل مرجعية تستوعب مشروع المجتمع خلال العشرين سنة القادمة». وإذ يُشترط من أجل نجاح هذا المشروع ضرورة ابتعاد تشكيلات التيار الإسلامي عن البحث عن نقاط خلافاتها في الماضي، يبرز السيد أحمد الدان ضرورة تثمين الأحزاب السياسية لكفاءاتها ونخبها من خلال هيكلتها في مؤسسات ومراكز للبحث والإنتاج، تسمح لها بتطوير قدراتها والاحتكاك بالنخب الأخرى، التي تكون خارج الفضاء الحزبي وحتى خارج البلد.
واستشهد محدثنا في حديثه عن الاختلافات التي ميزت مكونات التيار الإسلامي في الجزائر، بما يعتبره ابتعاد رؤى البعض عن مقومات مدرسة الراحل الشيخ محفوظ نحناح، «الذي بنى منهجه انطلاقا من زاويتي مدرستي حسن البنا والبشير الإبراهيمي». وأضاف في هذا الصدد يقول: «بعد وفاة الشيخ نحناح اختلف الناس في الرؤية السياسية التي انتهجها الشيخ، والذي أنتج مقاربة سياسية تقوم على المشاركة وعلى أنماط جديدة للمعارضة غير الأنماط التقليدية، وهي أن تشارك وتعارض، وتعارض وتشارك». وأوضح الدان أن الشيخ نحناح لخّص منهجه هذا بقوله: «نحن نشارك في الحكومة ولا نشارك في الحكم، وكذا في عمله على التغيير بالتدريج»، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي تمسّك البعض بفكر التدرج ظهرت رؤى أخرى مخالفة لهذا الفكر، «فاختلفنا معها حول المنهج السياسي المعتمد».
في سياق متصل أكد الأمين العام لحركة البناء الوطني أن هذه الأخيرة التي تتمسك بخياراتها الفكرية والسياسية، تطرح اليوم بدائل أمام الحركة الإسلامية، تتمثل في عدم البقاء في الإصرار على مبدأ الوحدة كتطبيق تقليدي وتنظيمي، وإنما اعتماد التنسيق في العمل الاجتماعي وفي التحالفات السياسية والانتخابية، معتبرا أن البعد الوحدوي للحركة الإسلامية ينبغي أن يكون اجتماعيا شعبيا ولا يكون حزبيا طائفيا.ويرى في هذا الصدد أن المؤسسات الكبرى لا يمكن ان تضطلع بها الأحزاب الإسلامية وحدها، «بل ينبغي أن نبحث اليوم عن المتاح، ونتطلع غدا إلى جزائر يتوحد فيها الناس على ثوابت وطنية، لأن مشروع الوحدة هو مشروع وطني وليس مشروعا حزبيا».وفي رأي نفس المسؤول فإن الظروف والإكراهات المفروضة اليوم على الأحزاب السياسية في الجزائر تُلزمها على الذهاب في توافقات وتحالفات انتخابية، تكون موسعة ولا تنحصر في إيديولوجية واحدة.وإذ اعتبر السيد الدان الانتخابات المقبلة فرصة لتحالفات قد تستوعب وفقا لمصلحة البلاد، مجموعة كبيرة من التيار الوطني والإسلامي، أشار إلى إمكانية التحالف أيضا في إطار الحكومات القادمة، مقدرا بأن «ما يعيق هذه الوحدة الانتخابية هو بعض الرؤى الحزبية التي ترى أنه بمقدورها الفوز لوحدها وترفض التنازل لصالح تكتلات انتخابية أكبر من الأحزاب».
القيادي في جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف: نحن مع «اندماج» الإسلاميين
يرفض القيادي في جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف تبرير فشل الإسلاميين في تحقيق الوحدة بما يُعرف بحرب الزعامة والقيادة، ويعتبر ذلك كلام مغرضين، الهدف منه التغطية على الأسباب الحقيقية للخلافات التي وقعت فيها التشكيلات السياسية المنتمية للتيار الإسلامي، ولا سيما منها تلك التي ترتبط بالخط السياسي وخيار المشاركة من عدمها في دواليب الحكم، فيما يعتبر نفس المسؤول السياسي أن الظروف اليوم أصبحت أكثر ملاءمة لتحقيق تحالف استراتيجي مستقبلي، يحقق الاندماج الحقيقي بين الإسلاميين في الجزائر.
يرى رئيس المجموعة البرلمانية لجبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف، أن أسبابا كثيرة تتدخل في فشل وحدة الإسلاميين، منها تلك المرتبطة بالفترة التي كان فيها هذا التيار يعمل في السرية، خاصة خلال السبعينيات، حيث كانت هناك مساع لتجميع أنصار التيار الإسلامي وتوحيد الرؤى والتصورات وتوحيد العمل داخل الصحوة الإسلامية، «غير أن كل تلك المساعي باءت بالفشل». ويُرجع محدثنا سبب هذا الفشل إلى الخلاف الذي كان سائدا حينها بين من يعتمد التمثيل الدولي في البلد ومن لا يعتمد هذا التمثيل ويعتبر نفسه مرتبطا فقط بالجزائر أو ما سمي حينها ب «الإقليمية»، «مثلما كان يطلَق علينا نحن الذين كنا تحت قيادة الشيخ عبد الله جاب الله، بسبب رفضنا الارتباط بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين؛ لأننا أدرى ببلدنا وبما يقع فيه في الوقت الذي كان غيرنا يرتبط بهذا التنظيم». بعد الانفتاح السياسي في الجزائر أصبحت نقطة الخلاف بين فصائل التيار الإسلامي، حسب بن خلاف، ترتبط بالأساس بالخط السياسي؛ «حيث هناك من اعتمد خيار المشاركة في دواليب السلطة ومؤسسات الدولة، خاصة بعد توقيف المسار الانتخابي، وهناك من اختار عدم المشاركة، على غرار كل التنظيمات السياسية التي قادها الشيخ جاب الله، والتي ترى أن هذه المؤسسات تفتقد للشرعية، ولذلك لا جدوى من المشاركة فيها».ويضيف محدثنا أن موقف الأحزاب التي قادها جاب الله يظل ثابتا إلى اليوم مع جبهة العدالة والتنمية، حيث «نعتبر أنفسنا كحزب وضع برنامجه موضع التنفيذ ويطمح للوصول إلى السلطة. كما وجدنا للمشاركة في مؤسسات الدولة، غير أن المشاركة التي نتطلع إليها هي المشاركة الحقيقية التي تأتي عن طريق الانتخابات الحرة والنزيهة والديمقراطية، والوصول فيها يكون وفقا لنسب النتائج المحصل عليها، وليست المشاركة التي تكون عن طريق التعيين، أو تلك التي تكون فقط في المؤسسات الانتقالية سواء المجلس الانتقالي أو الحكومات التي جاءت فيما بعد، وهذه كانت بالنسبة لنا نقطة خلاف بين أحزاب التيار الإسلامي لأنها متعلقة بالخط السياسي..»
في سياق متصل، يرفض القيادي في جبهة العدالة والتنمية التسليم بكون صراع الزعامات هو الذي كسر أحلام ومساعي الوحدة والتكتل بين تشكيلات التيار الإسلامي، ويقول في هذا الصدد: «من يرجع فشل مساعي الوحدة إلى الزعامة هم بعض المغرضين، الذين يريدون فقط إيجاد مبرر لمواقفهم والتغطية على الأسباب الحقيقية للاختلاف. ونجد هذا الرأي، بشكل خاص، عند أصحاب خيار المشاركة، وهو كلام غير صحيح..».
ولتدعيم طرحه يشير السيد بن خلاف إلى أنه بعد أن ابتعدت أحزاب التيار الإسلامي عن دواليب السلطة واختارت عدم المشاركة في مؤسساتها، لم يبق الخلاف الذي كان مطروحا في وقت سابق مطروحا بنفس الحدة التي كان عليها في الماضي سواء أثناء مرحلة السرية أو خلال الانفتاح السياسي، معتبرا أن الأولى اليوم بالنسبة لأحزاب التيار الإسلامي في الجزائر، أن تلتقي لتوحيد جهودها والعمل مع بعضها، مبرزا أهمية التجربة التي خاضتها أحزاب تكتل الجزائر الخضراء بمناسبة الانتخابات التشريعية الماضية «رغم أن الأمر لم يوسَّع إلى أحزاب أخرى». وإذ يعتبر بن خلاف أن هذه التجربة يمكن أن تناقش وتقيَّم للنظر في إمكانية تثمينها، لفت إلى أن الأحزاب السياسية في الجزائر تواجه اليوم مشكلا كبيرا وعائقا لتحالفها يرتبط بأحكام قانون الانتخابات الجديد، «الذي لا يساعد على التحالفات والتكتلات، ويمنعها من الاستفادة من 4 بالمائة المشترطة على الأحزاب السياسية للمشاركة في الانتخابات الموالية..». أمام هذه الوضعية الجديدة أعلن القيادي في جبهة العدالة والتنمية، أنه من الداعمين لفكرة التحالف الذي يكون على المدى البعيد للتنسيق في المواقف والتصورات والخط السياسي، والذي أسماه بالتحالف الاندماجي المستقبلي، «حيث يمكن التعامل بهذه الفكرة على أساس أنه يبدأ بتحالف انتخابي، ثم يصبح تحالفا اندماجيا، تلتقي جهود الجميع مع بعضها البعض، لتكون في النهاية إطارا واحدا، مثلما هو الأمر بالنسبة لتونس والمغرب، حيث كُلّلت وحدة الإسلاميين بالحصول على نتائج جعلتهما يتصدران المشهد السياسي في بلديهما». ويأمل بن خلاف لو أن التيار الإسلامي في الجزائر يستفيد من تجربة نظيره في البلدين الجارين، «حيث هناك حزب واحد في تونس هو النهضة، وحزب واحد في المغرب هو العدالة والتنمية، وكل الجمعيات الأخرى مثل «العدل والإحسان» و«التوحيد» وغيرهما، تصبّ كخزّان لتكوين الإطارات للحزب السياسي يدخل بها الانتخابي من جهة، وتُعتبر وعاء الأسبقية في المواعيد الانتخابية من جهة ثانية».كخلاصة لموقفه حول موضوع تحالف التيار الإسلامي يؤكد بن خلاف أن «التكتلات التي تريدها جبهة العدالة والتنمية في ظل الشروط التعجيزية التي تحملها القوانين الجديدة، هي تلك التي تكون اندماجية ومستقبلية، تمتد على المديين المتوسط والبعيد، ونؤسس من خلالها جبهة واحدة، وليس التحالفات الآنية التي تتم بمناسبة الانتخابات، وتنتهي مباشرة بعد الانتخابات بتوصيل بعض الإطارات إلى المؤسسات المنتخبة، ثم تتفرق مباشرة بعد انتهاء العهدة الانتخابية».
محمد ذويبي أمين عام حركة النهضة:العوائق النفسية زالت ونحن مع تحالف واسع
لا ينكر الأمين العام لحركة النهضة محمد ذويبي أن العوائق النفسية وحب التزعم شكّلا إلى مرحلة معيّنة، عائقا أمام مشاريع بناء تحالف أو وحدة بين تشكيلات التيار الإسلامي في الجزائر، غير أنه يعتبر أن هذا العائق لم يعد له وجود في المرحلة الراهنة، معلنا عن إرادة ودعوة حركته إلى تشكيل تحالف سياسي وفكري أوسع وأكبر من الإيديولوجي، الذي يُعتبر، حسبه، غير كاف للجزائر بالنظر إلى التحديات الكبرى التي تواجهها.
السيد ذويبي أوضح في حديثه إلى «المساء» أن العمل السياسي حتى لو كان بالمرجعية الإسلامية، يُعد اجتهادا في البرامج والأفكار ولا ينطلق من النصوص القطعية ذات الدلالة في الثبوت، وبالتالي فإنه من الطبيعي، حسبه، أن تحدث في الاجتهاد اختلافات في الرؤى ووجهات النظر والتصورات والأولويات، مشيرا إلى أن العمل السياسي في الجزائر «سواء كان بالمرجعية الإسلامية أو بالمرجعيات الأخرى، لايزال يحتاج إلى بيئة تشجعه وتطور الفكر السياسي بشكل عام».
في رأيه فإن البيئة المشجعة على العمل السياسي غير موجودة في المرحلة الحالية، التي تتميز، حسبه، بالتضييق على الحريات. وذكّر في هذا الخصوص بالأحكام المشددة التي جاء بها قانون الانتخابات الجديد، التي اعتبرها «تراجعا عن المكتسبات المحققة، وأنها تَحدّ من حرية المشاركة السياسية في الانتخابات».
من هذا المنطلق يعتقد الأمين العام لحركة النهضة أن البيئة السياسية العامة في الجزائر، لاتزال تحتاج إلى جهد ونضال وعمل مشترك؛ «سواء داخل العائلة السياسية الإسلامية أو مع باقي تركيبات العائلة السياسية الأخرى»، لافتا إلى أن هذا المسعى هو الذي تؤكد عليه الحركة دوما في إطار إسهامها داخل تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي التي تجمع عدة أطياف من المشهد السياسي الجزائري. وإذ يعتبر السيد ذويبي أن التيار الإسلامي لا ينفرد عن غيره من التيارات بتعدد الأحزاب، «باعتبار أن حتى التيارات الأخرى فيها تعدد التشكيلات»، فهو يرى أن العمل السياسي يحتاج إلى تنسيق وتحالف بين التشكيلات السياسية، مشددا على أن هذا التحالف لا ينبغي أن يقتصر على العائلة الإيديولوجية الواحدة، «وإنما يجب أن يكون التحالف بمنطق سياسي، يشمل تحالف التيار الواحد مع التيارات الأخرى». وبرر ذويبي هذا الموقف بكون جميع الأحزاب السياسية اقتنعت اليوم بأن الجزائر تعيش تحديات كبيرة أمنية وسياسية واجتماعية واقتصادية، لافتا إلى أن الإضرابات الأخيرة التي شهدتها عدة قطاعات وطنية، دليل على هذه الضرورة. كما يرى محدثنا أن تيارا سياسيا واحدا لا يمكنه أن يقود الجزائر بمفرده ويضعها في مأمن من المشاكل والأزمات التي تعانيها، مجددا التأكيد على أن التحالف المنشود «يجب أن يكون تحالفا سياسيا أكثر منه تحالفا فكريا وإيديولوجيا وانتخابيا».بخصوص العوائق التي ظلت تعترض قيام تكتّل كامل ومكتمل بين تشكيلات التيار الإسلامي في البلاد، اعترف السيد ذويبي: «بالفعل توجد عوائق سياسية وعوائق فكرية وأخرى نفسية متعلقة بمحاولة الاستئثار بالمشهد أو ما يسمى بالزعامات». غير أنه يرى أن هذا العائق الأخير «في طريقه إلى الزوال؛ لأن المرحلة الحالية تتجه نحو مأسسة العمل السياسي ومأسسة القرار، (بمعنى أن القرار يكون على مستوى المؤسسة وليس على المستوى الشخصي)، والظواهر التي كانت أثناء مرحلة السرية ومرحلة ما بعد السرية هي في طريقها إلى الاندثار». حول وجود بوادر لتشكيل وحدة بين التيار الإسلامي في الوقت الراهن، قال ذويبي الذي فضّل عدم الخوض في مواقف الأحزاب الإسلامية الأخرى، بأن حركة النهضة التي بادرت في 2012 وساهمت مساهمة معتبرة في تكتل الجزائر الخضراء، تجعل من مسألة التكتلات قضية مبدئية مكرّسة في وثائقها ولا سيما لوائح مؤتمرها الخامس». وأضاف في نفس الصدد: «نحن مع التحالفات الفكرية والسياسية لأن التحالف الإيديولوجي مهم ولكنه غير كاف للجزائر بالنظر إلى التحديات التي تواجهها، ونحن نرى أن الجزائر تعيش اليوم تحديات حقيقية على كافة الأصعدة، لا يستطيع أي تيار لوحده أن يواجهها بمعزل عن التحالفات، ولذلك نحن مع التحالفات السياسية الواسعة مع كل التيارات (كما أكد) أو ما قد يسمى بعد الانتخابات حكومة وحدة وطنية، يكون بإمكانها مواجهة هذه التحديات ووضع الجزائر في مأمن عن أي انزلاق في المستقبل».
أبوجرة سلطاني الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم:على الإسلاميين أن يخرجوا من «الفوبيا الانتخابية»
يعتبر الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني، أن الخوف من تكرار سيناريو 1992، أدى إلى تنامي «فوبيا» انتخابية، تتداخل في إطارها عدة عوامل وأسباب تعترض تشكيل تكتلات بين أحزاب التيار الإسلامي في البلاد، مؤكدا في المقابل، أن المطلوب من هذا التيار اليوم هو إقامة تكتل سياسي وليس انتخابيا فحسب، من أجل إحداث التوازن السياسي المطلوب الذي يخدم المصالح العليا للوطن.
ويشير السيد سلطاني إلى أن التيار الإسلامي منذ تجربة 1990 و1991، أيقن أن الدخول من باب واحد يشكل مخاوف لدى شرائح واسعة في فئات المجتمع الجزائري، ولذلك صار هذا التيار، حسبه، مقتنعا بأن «الدخول من أبواب متفرقة يعطي ضمانا أكبر لإحداث التوازن السياسي المطلوب بألوان مختلفة لا تثير مخاوف الذين لا يفرقون بين تيار المغالبة وتيار المشاركة وتيار المقاطعة».
وذكر محدثنا في هذا السياق بأن الأحزاب الإسلامية التي جربت حظها خلال الفترة الممتدة بين سنتي 1997 و2012، وجدت بأن السقف المحدد لكتلتهم لا يتجاوز 25 بالمائة في أحسن الأحوال بالنظر إلى العزوف الواسع للكتلة الناخبة، وتشابه البرامج الحزبية وتطابق الخطاب الانتخابي أثناء الحملة الانتخابية.
ويشير السيد سلطاني إلى أن صعوبة الخيار السياسي الذي فرضته هذه الظروف، فرض على الأحزاب المعنية نوعا من الواقعية السياسية، «حيث يحاول كل فصيل أن يحافظ على كيانه السياسي، ويترقب تحسن البيئة السياسية التي تمكن أصحاب المشاريع الكبرى من تحقيق انتصارات سياسية متناسبة مع حجمه الحقيقي».وفي رأي محدثنا فإنه عندما تكون القيود على الحريات صارمة، فإن الصراع يتحول من صراع على البرامج والسياسات إلى صراع على التموقع والزعامات، معتبرا ذلك «ممارسات خاطئة لا تساهم في تطوير الأحزاب السياسية ولا في أخلقة الممارسة السياسية ولا في تحقيق التنمية الوطنية».
ويضيف سلطاني أن أمام هذا الاحتكاك في البرامج ومع التضييق في الحريات، «تصبح التكتلات السياسية تشكل «فوبيا» انتخابية يتم محاصرتها، خوفا من تكرار سيناريو 1992»، مذكرا بأن «ذلك ما حصل لتكتل الجزائر الخضراء في سنة 2012، حيث تمت قصقصة أجنحته، ليبقى في هامش النسبة المحددة سلفا لنزع فتائل الخوف الذي سببته أحزان المأساة الوطنية». ولا يرى الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم أي فائدة في تكتل التيار الإسلامي من أجل الانتخابات، بل يرى، في المقابل، «واجب تكتله سياسيا ليُحدث بكتلة ثقيلة التوازن المطلوب للتيار الوطني الواسع». وذكر في هذا الصدد بأن تكتل التيار الوطني بمفهومه الواسع، كانت نواته صلبة في إطار التحالف الرئاسي الذي عمّر خلال الفترة الممتدة ما بين 2003 و2013، مشيرا إلى أن هذا التحالف كان بمثابة «فرصة سياسية ثمينة للوطن لو تم تعزيزه وترقيته من تحالف إلى شراكة سياسية، لا تخدم الأحزاب والألوان السياسية فحسب، بل تخدم أيضا الوطن، لأننا نعتقد دوما بأن الجزائر فوق الأحزاب وفوق الرؤوس والرؤساء».
فيلالي غويني الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني: السلطة أسهمت في تأجيج خلافاتنا
يؤكد الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني أن فكرة وحدة التيار الإسلامي في الجزائر، تربط كل أبناء هذا التيار، وتبقى هدفهم وغايتهم باستمرار إلى أن ترى النور وتتحقق، فيما يرجع أسباب فشل هذه الوحدة إلى حد الآن، إلى عدة عوامل، منها ما هو مرتبط بطبيعة العمل الحزبي والنظم التي تحكمه، ومنها ما يتعلق باختلاف التصورات والأولويات وكذا العوامل النفسية المرتبطة بحب التزعم عند البعض، وعوامل أخرى موضوعية «ترتبط بالعراقيل التي تضعها السلطة والإدارة أمام هذه الأحزاب».
وإذ يحرص السيد غويني على التأكيد بأن التيار الإسلامي لا ينحصر في الأحزاب السياسية فقط بل هو أوسع من ذلك ويضم، إلى جانب الأحزاب، الجمعيات وكذا الشخصيات الإسلامية وأهل الدعوة الذين يجمعهم هدف الوحدة»، فهو يعتبر أن ما هو حاصل على مستوى الأحزاب السياسية ذات التوجه الإسلامي، هو أن واقع العمل الوظيفي الحزبي وما يحكم ويربط العلاقة بين الأعضاء داخل الحزب، يختلف بشكل كبير عما يصبو إليه أنصار التيار الإسلامي الموجودون داخل الأحزاب، حيث يقول محدثنا في هذا الشأن إن «الحزب السياسي تضبطه أحكام ونظم كالقانون الأساسي والنظام الداخلي وكذا الوظائف الحزبية التي يتم إسنادها وفقا لما تمليه قواعد الديمقراطية في الاختيار وكذا الانتخاب، حيث تصبح الكلمة للصندوق».
وفي رأي السيد غويني فإن «هذا الأمر قد يرضي البعض ولا يرضي الآخرين، إذ يصعب أحيانا التحلي بالإيمان الحقيقي والتطبيق الفعلي لمقتضيات الديمقراطية، وخاصة ما تعلّق بضرورة احترام الأقلية لرأي الأغلبية»، مشيرا في نفس الصدد، إلى أنه «في الكثير من الحالات وليس في كلها، فإن الأقلية وعوض أن ترضخ لرأي الأغلبية، تجنح للتمسك بالرأي والتصلب عند الموقف، وتذهب لتحضّر لنفسها إطارا جديدا أو حزبا جديدا ينشأ ليضاف إلى الأحزاب الأخرى الموجودة».
من هذا المنطلق يعتبر الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني، أن أحد مكامن الاختلاف بين تشكيلات التيار الإسلامي والذي يُعد سببا في التشتت «يتعلق أساسا ببعض الاختلافات الموجودة في بنيتنا الفكرية وقاعدتنا التكوينية في إسناد المسؤوليات واتخاذ القرارات وتقدير الأمور واتخاذ المواقف مع ما يتطلبه ويفرضه الاحتكام إلى الآليات الديمقراطية، التي هي الصندوق والانتخاب».
من جانب آخر، يشير محدثنا إلى عامل ترتيب أولويات وخيارات كل حزب من أحزاب التيار عن الآخر، حيث يقول في هذا الخصوص: «إن هناك من الأحزاب الإسلامية من اجتهدت في مرحلة من المراحل ورجحت المشاركة في السلطة والحكومة ورأت فيها ضرورة، لأنها تخدم الجزائر»، مضيفا أن تلك الأحزاب شاركت بالفعل في السلطة، «وانتقلت من مرحلة إلى مرحلة أخرى، فيما بقيت أحزاب أخرى متمسكة برأيها، الذي ترى من خلاله أن العمل في إطار المعارضة أفضل وأضمن وأكثر قدرة على تمثيل المجتمع بالبقاء وفيّة لمطالبه..»، وهو ما أدى، حسبه، إلى نشوب خلافات بين الأحزاب الإسلامية «التي تدخل في صراع فيما بينها بتبادل للانتقادات؛ مما يؤثر على قواعدها».
العامل الآخر الذي يراه غويني من الأسباب المتدخلة في اعتراض تكتل الإسلاميين، يرتبط، حسبه، ب «كون السلطة لا تريد لأي كيان أن يكون مجتمعا؛ لا التيار الإسلامي ولا التيار الديمقراطي ولا التيار الوطني ولا أي كيان آخر»، محملا إياها مسؤولية تأجيج وتعفين الخلافات والصراعات الحزبية الداخلية، «وإطالة أمدها».
في سياق متصل، لا ينفي السيد غويني وجود صراع زعامات داخل الأحزاب، لكنه لا يقتصر، في رأيه، على الأحزاب الإسلامية فقط. ويقول في هذا الصدد: «الحديث عن الزعامة لا أنفيه لأنه موجود، لكنه لا يقتصر على التيار الإسلامي فقط، بل موجود في كل التيارات الأخرى». أما ما يجعل هذا الصراع أكثر حدة داخل تشكيلات التيار الإسلامي ويتسبب في إحداث الفارق في مستوى ظهوره، حسبه، فهو «خصوصية التيار الإسلامي على الأحزاب الأخرى، حيث إن الأحزاب الإسلامية في الجزائر تبلورت وتطورت من فكرة الجماعة، التي لها قيادة ولها شيخ يرأسها، ثم يصبح بعد ولوج العمل السياسي رئيس الحزب..».
ويضيف محدثنا أنه انطلاقا من هذه الخصوصية فإن الجمع بين المواصفات السابقة والمواصفات التي تقتضيها المهمة الجديدة، طبقا للقانون والأدوات والميكانيزمات التي تضبط العمل السياسي، أحدثت نوعا من الإرباك في الكثير من المحطات والمواقف»، غير أنه يكاد يجزم بأن «مشكل الزعامة هو مشكل مقدور عليه، لما يتم احترام القواعد الحزبية ومؤسساتها الكبيرة على غرار مجالس الشورى، التي تعود لها في النهاية سلطة القرار، مشيرا في هذا الإطار إلى أنه «عندما تقرر هذه المجالس الذهاب في مشروع معيّن، فما يكون أمام قادة الأحزاب وأمنائها العامين سوى الموافقة ومسايرة العمل الذي يتم إقراره أو الانسحاب وترك المجال لمن هم أقدر على الدفع في اتجاه إحداث هذا التقارب وهذه الوحدة المأمولة».
وحول إمكانية استمرار تكتل الجزائر الخضراء في الانتخابات القادمة، يشير السيد غويني إلى أن بوادر هذا الاستمرار على نفس التوجه لم تظهر بعد، «غير أن الآمال مازالت قائمة، والاحتمالات لازالت واردة في أن تتعزز تجربة هذا التكتل»، وذلك كونها، في رأيه، «تجربة ناجحة، حققت مبتغاها عكس كل التجارب الأخرى التي لم تر النور».
كما يرى الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني عناصر نجاح تجربة تكتل الجزائر الخضراء في «قوة تمسّك قيادات هذه الأحزاب بإنجاح التجربة والمرونة التي كانت بين تشكيلاته، والتي عملت على أن لا يؤدي العمل التنسيقي الانتخابي على مستوى الكتل النيابية، إلى ذوبان الأحزاب السياسية المشكّلة له، فضلا عن قبول المجتمع سواء أنصار هذه الأحزاب أو المتعاطفين معها لهذا الإطار المتكتل والدفع به للاستمرار في هذا الاتجاه، باعتبار أن الأمل كان معقودا من قبل جميع أبناء التيار الإسلامي على وحدة الأحزاب الإسلامية».
من جانب آخر، لفت السيد غويني إلى أنه إضافة إلى الصعوبات التي كانت موجودة سابقا لتحقيق التكتل بين الأحزاب، «أضاف قانون الانتخابات الجديد عراقيل أخرى، تتمثل أساسا في شرط حصول الحزب السياسي على نسبة 4 بالمائة للمشاركة في الانتخابات». وأوضح في هذا الشأن أن هذا الشرط يفرض على الأحزاب الراغبة في الدخول في الانتخابات المقبلة في شكل تكتل، مراعاة هذه النقطة جيدا؛ «لأنها إذا دخلت في تكتل لا تدخل باسم الحزب، وبالتالي في الانتخابات الموالية ستصبح مطالَبة بجمع التوقيعات من جديد»، متوقعا أن يتسبب هذا العامل في تثبيط إرادة الأحزاب في الدخول في تكتلات، وهو ما يؤثر، حسبه، سلبا على مشاريع الوحدة والتحالف بين الأحزاب.
وبالرغم من كل مكامن إضعاف التحالفات السياسية بين الأحزاب ولا سيما منها الأحزاب الإسلامية، إلا أن المسؤول الأول في حركة الإصلاح الوطني، يعتقد أن الحاجة للذهاب في تكتل انتخابي بين الأحزاب الإسلامية، تبقى قائمة، لأنها تتطابق، حسبه، مع حاجة البلاد إلى عودة الديناميكية للعمل السياسي، فضلا عن كون التحالفات «تُخرج الكثير من القواعد من اليأس والعزوف عن الفعل الانتخابي، وتصبح المجالس المنتخبة بقاعدة شعبية أكثر عرضا من الحالية، ويسمح بذلك بترقية الحوار الرسمي الذي يتم داخل المؤسسات والمجالس المنتخبة».
حسن عريبي قيادي في جبهة العدالة والتنمية: الأولويات أعاقت الوحدة وجاب الله ليس عقبة
يجزم البرلماني والقيادي في جبهة العدالة والتنمية حسن عريبي، بأن الحديث عن كون التيار الإسلامي فشل في تحقيق وحدته بسبب صراع الزعامات، «كذب وبهتان»، مؤكدا أن رئيس الحزب عبد الله جاب الله لا يُعتبر عقبة في طريق أي تحالف أو وحدة بين تشكيلات هذا التيار، بل على العكس، هو من الداعين إلى تحقيقها؛ بدليل أنه قدّم العديد من المشاريع التي تصب أهدافها في هذا الاتجاه.
وفي رأي عريبي فإن الاختلاف في وجهات النظر والتصورات التي يحملها كل حزب من أحزاب التيار الإسلامي وكذا تقديم كل منها أولويات عمله التي قد تختلف عن أولويات غيره، يُعتبر أبرز عائق اعترض وحدة التيار الإسلامي في الجزائر، مشيرا إلى أن «الخلاف الواقع بين تشكيلات هذا التيار العريض لا يُعد خلافا على الجوهر أو الثوابت ولا خلافا على المذهب».
ويضيف البرلماني في حديثه إلى «المساء» أن الخلاف في التصورات وفي تقديم الأولويات، جعل هوة كبيرة بين التيار الاسلامي، حيث أصبحت الوجوه القديمة لا يمكن أن تلتقي مع بعضها البعض، بداعي رفض كل طرف من الأطراف التنازل عن بعض تلك التصورات والأفكار التي كانت سائدة من قبل، مبرزا، في المقابل، أنه على مستوى البرامج والتوجهات والدعوة والثوابت، فقد كانت كلها تلتقي في نفس المنوال، ولا يوجد فرق بين هذا وذاك..
ولا يوافق السيد عريبي الطرح القائل بأن فشل وحدة التيار الإسلامي مرده حرب زعامات، «بل أعتقد أن هذا كذب وبهتان..». وأوضح في هذا الصدد أن اختلاف كل فصيل من هذه الفصائل الإسلامية في أولوياته وتمسّك كل طرف منها برأيه وتوجهاته وتصوراته، أحدث تباعدا فيما بينها، مؤكدا: «لو كانت أو تكون هناك سياسة للتقريب بين هذه التشكيلات لتمكنت من التعاون فيما تتفق عليه، وتعذّر بعضها البعض فيما تختلف حوله».
وشدّد محدثنا على ضرورة أن تقدم التشكيلات السياسية المنزوية تحت لواء التيار الإسلامي، أولوياتها كتيار عريض في الجزائر وليس كأحزاب مشتّتة، وتتعاون في الأشياء الكبرى والكلية التي تجمع الأهداف الحقيقية في هذا التيار، معتبرا أن الاختلاف في الوسائل يمكن تأجيله إلى ما بعد تحقيق التحالف المنشود.
وحول وفرة الظروف المواتية لتحقيق التكتل الكامل بين الإسلاميين في المرحلة الراهنة، يعتبر السيد عريبي أن «هناك إمكانيات كبيرة تجمع التيار الإسلامي، ولا يوجد ما يفرق وما يبعد بينها»، مضيفا أن الضرورة تقتضي أن يتوحد التيار الإسلامي، «بل وأكثر من ذلك، حتى التيار الوطني الذي يُعتبر تيارا إسلاميا - وإن قدَّم الوطنيّ على الإسلاميّ - تجمعه بالتيار الإسلامي مبادئ وثوابت وطنية راسخة»، فيما لم يفوّت محدثنا الفرصة لتوجيه الدعوة إلى ضرورة بناء التحالف السياسي الذي تتطلع إليه الأحزاب الإسلامية. وذكر أن الشيخ عبد الله جاب الله رئيس جبهة العدالة والتنمية، سبق أن دعا إلى هذا التحالف، وقدّم عدة مشاريع لتجسيده، مؤكدا في نفس السياق، أن «الشيخ جاب الله الذي نأى بنفسه حتى عن أن يكون له دور بعد تحقيق الوحدة بين التيار الإسلامي، لا يُعتبر عقبة في طريق هذه الوحدة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.