تشير المعطيات المتوفرة عن التحالف الرئاسي، أن هذا الهيكل الذي ظهر كحامي لبرنامج الرئيس، يعيش حاليا مرحلة الموت الإكلينيكي، وينتظر أن يدفن نهائيا بعد خروجه عن أطره، والخلافات التي ظهرت بين أطرافه نتيجة مشاريع الإصلاحات، يضاف إليها انشقاقات داخلية في حمس والآفلان، وتخوف أويحيى من ظهور تيارات سياسية جديدة قد تخلط أوراقه بعد استحقاقات 2012. الموت السريري أو لإكلينيكي للتحالف الرئاسي المشكل من التجمع الوطني الديمقراطي، جبهة التحرير الوطني وحركة مجتمع السلم، يوشك أن يعلن عنه رسميا، ولعل قرب استحقاقات 2012 المزمع إجراؤها ربيع السنة المقبلة، ستعصف به نهائيا من خارطة السياسة في الجزائر بعد زوال أسباب وجوده، فالتوافق في الرؤى بين الأحزاب الثلاثة الذي حصل يوم كانت عزيمة الرئيس قوية في إرساء ثقافة المصالحة الوطنية قد زالت من الوجود، والعمل على دعم المشاريع الكبرى في مجالات الاقتصاد والعمران ظهر عكس ما كان مرجوا، والفكرة التي جمعت التيار الإسلامي المعتدل بالتيارين الوطني والديمقراطي على طاولة واحدة لم يعد لها حقيقة، فالحقائق على أرض الواقع بينت أن الأطراف الثلاثة لم تنجح في مشروعها إلا في الشق الذي دعم مسار المصالحة الوطنية، وكان ظاهرها خدمة لبرنامج الرئيس، وباطنها فرض منطق هذا الحزب على ذاك، ونتج عنه جمود في المشهد السياسي، وتعطل في مشاريع الرئيس بوتفليقة، خدمة لأغراضها الشخصية وصولا لتحقيق مكاسب حزبية على حساب المصلحة الوطنية، فحزب جبهة التحرير الوطني الذي يعيش حاليا تصدعا بسبب بروز الحركة التقويمية التي أخلطت أوراق بلخادم، واتهمته بجر الحزب إلى خسارة حتمية في استحقاقات 2012، وانكشفت بعد هذا التصدع نية بلخادم في الترشح لرئاسيات 2014، ووقوفه في وجه مشاريع الإصلاحات وتدخله في شؤون اللجنة القانونية للمجلس قصد تمييع قوانيين، رأى فيها الحزب تهديدا لوجوده، وهذا التصدع يضاف إليه تهجم بلخادم على خصومه في التحالف في كل مرة، فحركة حمس اتهمته بالوقوف في وجه الإصلاحات، ومحاولة فرضه عقلية الحزب الواعد ومنطق حزب الأغلبية، وهو ما جعل سلطاني يهدد بالانسحاب من التحالف، وما أجج خلافهما، هو مشاريع القوانين الثلاثة: قانون الانتخابات، القانون العضوي حول التنافي وكذا القانون المتعلق بالمشاركة السياسية للمرأة، حيث ظهرت حمس رافضة للتعديلات التي كان قد فرضها الأفلان والأرندي على اللجنة القانونية حسب إدعائها، وهو ما جعلها تمتنع عن التصويت لصالح هذه المشاريع، ومنه بدا دور حمس في التحالف بالضعيف، وما زاد من ضعفه هو انشقاقه لنصفين بعد خروج جماعة مناصرة عن طاعته، مما طرح جدوى بقائه في التحالف، أما التجمع الوطني الديمقراطي، الذي شن حربا على خصمه الأفلان، وتصويره على أنه حزب بدأ يتلاشى، يضاف إلى هذا وقوف الأرندي في وجه الإصلاحات والتناقض في مواقفه بين تأييد مقترحات الرئيس في مجلس الوزراء، ومعارضتها في المجلس الشعبي الوطني، غير أن هاجس أويحيى حاليا هو ظهور التشكيلات الحزبية الجديدة، والتغير الذي قد يطرأ على الخارطة السياسية بعد استحقاقات 2012.