التجار وهم أول من أيقظوا شعلة الاحتجاجات الشعبية في الجزائر يعرف عنهم القول المشهور ''فولي طياب'' أي إن كل واحد يمدح بضاعته في السوق بما ليس فيها! لكن أكل الفول (غير السوداني) عادة مصرية وليست جزائرية، فعادة هذه الأخيرة أكل الكاوكاو (النافخ للبطون).. وهذا قد يؤدي إلى الاعتقاد بأن أصل المثل مصري بالكامل! وعندما تقوم مظاهرات عفوية حاشدة في شوارع مصر ترفع شعارات ''أنتم السابقون (يقصدون التوانسة) ونحن اللاحقون''، و''ارحل يا جمال مع البابا (حسني)''، ويقابلها النظام بجيش عرمرم من البوليس. فإن طبيعة المواجهة غير المتكافئة بين حاملي السلاح والعصى ورافعي الأيادي والصياح تترجمها في الأعلى نظرية سياسية ملخصها ''فولي طياب وأحسن من فولك''، وقس عليه: بوليسي (أنا) أقوى من بوليسك! فالمسؤولون المصريون والعرب الذين أقضت مضاجعهم ثورة الياسمين (والهريسة في العينين)، يؤكدون في الردّ على إمكانية انتشار العدوى أن دولتهم أقوى ببوليسها بما تراكم له من خبرة وشجاعة وإقدام وإخلاص للحكام والنظام والأوطان، وهو ما يشكل ذراعا طويلة يمكن أن تلوي رقبة حتى فيلا بحكم فيل أبرهة ومن معه ممن يشاغبون بلا ترخيص ولا استذان! وهذا السياق هو نفسه الذي عبرت عنه لويزة حنون، وهي تنتقد المسيرة الضخمة التي قامت بها الشرطة لمنع سعدي من تنظيم مسيرته وترهيب كل من يفكر من قريب أو من بعيد بأن عصا البوليس من فولاذ وحديد! وما دام أن المراهنة على ''فولي أحسن من فولك'' قائمة في كل الأنظمة العربية التي تستشعر بوادر العدوى ومقبولة إلى حين، فإن ''أبو الفول'' وهو الرئيس المخلوع بن علي يبقى في كل الأحوال مرجعية باعتبار أول رئيس في العالم وليس في الوطن العربي حقق معادلة أكبر عدد من أفراد الشرطة مقارنة مع عدد السكان... ومع ذلك عرض عليه الفرنسيون، وهو في وضعية الهالك لا محالة على طريقة ''مولى التاج يحتاج''، خبرتهم البوليسية!!