مجلس وزاري مصغر لمناقشة الارتفاع الجنوني لأسعار مواد البناء تشهد أسعار مواد البناء في الجزائر، ارتفاعا جنونيا يهدد بشل ورشات قطاعات حيوية، حيث قفز سعر الإسمنت من 400 دينار إلى أكثر من 1000 دينار للكيس الواحد، في وقت تخطى سعر القنطار الواحد من الحديد 9000 دينار بعد أن كان في حدود 5600 دينار. وحسب مصادر عليمة، فإن نسبة الزيادات في كل مواد البناء فاقت 50 بالمائة متأثرة بتأخر الإفراج عن رخص الاستيراد لسنة 2017. وحسب شركات الإنجاز والمقاولات فإن الأزمة استفحلت أيضا بسبب غياب الرقابة من قبل فرق التفتيش وقمع الغش التابعة لمديريات التجارة عبر الوطن. وطالب ممثلو مؤسسات الإنجاز العمومية والخاصة والتنظيمات النقابية لشركات المقاولات مصالح الحكومة بالتدخل العاجل للحد من الانعكاسات الخطيرة لارتفاع أسعار مواد البناء، لأنها أصبحت تهدد غالبية ورشات قطاعات السكن والبناء والأشغال العمومية والنقل ومختلف القطاعات الأخرى بالتوقف عن العمل جراء عجزها عن مجاراة الأسعار التي تضاعفت بثلاث مرات بين 2015 و2017. وحسب التجار، قفزت أسعار الإسمنت، خلال الشهر الجاري، إلى أكثر من 1200 دينار جزائري للكيس الواحد وتجاوزت في الولايات الكبرى على غرار الجزائر العاصمة وعنابة ووهران وسطيف وقسنطينة أكثر من 1400 للكيس الواحد بفعل تضاعف نشاط شبكات المضاربة. وتوسعت الأزمة لتشمل سوق البناء في محلات الجملة والتجزئة. وفيما يخص أسعار الحديد، فقد ارتفعت لتصل إلى 9 آلاف دينار للقنطار بمختلف أنواعها، في بعض مخازن البيع بالجملة، وقد ترتفع بقليل لدى أصحاب بعض المحلات الأخرى، في وقت عرفت أسعار الرمال بدورها ارتفاعا رغم أنها تستخرج محليا، حيث قفزت الأسعار من أربعة آلاف دينار لشاحنة رمل مثلا تجلب من وادي سوف وذات حمولة 18 طنا إلى 5600 دينار، أما رمال سطيف وتيزي وزو وبغلية فتباع ب4500 دينار، بعد أن كانت محددة ب2300 دينار، أي بزيادة فاقت ألفي دينار. وأكد المتعاملون أن قرار الحكومة الرامي إلى تقليص فاتورة استيراد مواد البناء، بما فيها مادة الإسمنت هو محاولة لتقليص فاتورة الاستيراد في حد ذاتها، أدى إلى خلق خلل في سوق مواد البناء وسهل مهام المضاربين خاصة في المناطق التي تعرف برامج لإنجاز مشاريع كبرى في قطاع السكن. وأشار المصدر إلى مختلف المشاكل الكبيرة التي تحدثها مصانع الإسمنت الوطنية عند دخولها في عمليات صيانة على حجم العرض في السوق، الأمر الذي أدى إلى تفاقم شكاوى الشركات المقاولاتية من هذا الارتفاع المفاجئ، المتسبب في مشاكل كبيرة عرقلت نشاطاتهم، وأصبحت تهددهم بالإفلاس. وتراجعت القيمة في فاتورة استيراد مواد البناء في الجزائر إلى 1.74 مليار دولار خلال 2016، مقابل 2.14 مليار دولار سنة 2015، كما انخفضت الكميات المستوردة إلى 8.45 ملايين طن العام الماضي، مقابل 8.84 ملايين طن عام 2015، حسب أرقام كشفت عنها الجمارك الجزائرية مطلع السنة الحالية. وكانت الحكومة قد أعلنت أن البلاد ستعرف اكتفاء ذاتياً فيما يتعلق بمادة الإسمنت عند نهاية 2017، من خلال إنتاج 30 مليون طن بعد فتح مصنع "بسكرة" للإسمنت بشراكة مع شركة "لافارج" الفرنسية، وحسب عاملين في قطاع البناء، يبقى هذا الرهان مستبعداً في الوقت الحالي بالنظر إلى ارتفاع الطلب وتغول المضاربين والوسطاء على السوق. وعلمت "البلاد" أن الوزير الأول، عبد المجيد تبون قد استدعى مجلسا وزاريا مصغرا يحدد تاريخه لاحقا لمناقشة أزمة لهيب أسعار مواد البناء. وكلف تبون الوزراء المعنيين وهم التجارة، السكن والعمران والمدينة، المالية، الطاقة، النقل والأشغال العمومية، الموارد المائية بتقارير مفصلة عن الأزمة مرفقة باقتراحات عملية. وتعد تلك الوزارات من بين أكثر القطاعات المعنية بتقلبات أسعار مواد البناء من إسمنت وحديد، للحاجة الملحة في تفعيل المشاريع الحالية من قبل الحكومة.