تتورط آلاف النساء سنويا في قضايا خطيرة في المحاكم تتعلق بالسرقة والخطف والقتل والتعذيب، وبعضها تتعلق بالاحتيال والمتاجرة بالمخدرات وتكوين جماعات أشرار، فقد أصبحت الأيادي الناعمة في السنوات الأخيرة تلمس السلاح والمخدرات مثلها مثل الرجل، وكل ذلك وسط استنكار شديد من طرف المجتمع. فالتركيبة النفسية والجسدية للمرأة، من ضعف جسدي وعاطفة قوية تجعل ميولها منطقيا للإجرام قليلة مقارنة بالرجل، لكن الواقع المعيش يثبت عكس ذلك، خاصة في ظل التغيرات الحاصلة في المجتمع، في السنوات الأخيرة، ما جعل الكثير من المختصين يطرحون التساؤل حول الأسباب التي تدفع المرأة للتخلي عن خصوصيتها وتدخل السجون بهذا العدد الكبير. «البلاد" رصدت بعض القضايا التي تورطت فيها نساء من مختلف الأعمار وحاولت التعرف على خلفيات القضايا وأسبابها. لهذه الأسباب سرقت خديجة المجوهرات واستعملت سلاحا أبيض تعد جنحة السرقة من أكثر القضايا التي تتورط فيها النساء، حيث مثلت الأسبوع الماضي بمحكمة الشراقة امرأة فاقت سن الخمسين سنة متهمة بسرقة مجوهرات تخص أخت زوجها تحت التهديد باستعمال سلاح أبيض. وبررت (عائشة.ك) فعلتها أمام القاضي بأنه كان لها حق من ميراث زوجها لدى عائلته وأرادت أخذه عن طريق بيع المجوهرات التي قامت بسرقتها من أخت زوجها، وحين عرفت الضحية نيتها حاولت منعها فاستعملت سلاح أبيض مؤكدة أنها لم تكن تنوي إيذاءها بل استعملته من اجل تخويفها فقط لكي تستطيع الفرار وبحوزتها المجوهرات. كما أضافت المتحدثة أن لها 5 أطفال لم يبلغوا سن الرشد بعد، ما يجعلها محتارة في تأمين حاجياتهم، بعد وفاة زوجها منذ حوالي 10 سنوات، وكل ذلك مقابل ما وصفته ب«الثراء الفاحش" لعائلة الزوج. وأمام هذه المعطيات تأجل الحكم في القضية إلى جلسة أخرى. فتيات ينخرطن في جماعات أشرار والعائلة في قفص الاتهام أسمهان ونادية من الفتيات اللواتي لم تتعد سنهن 25 سنة، ورغم ذلك فقد تورطن في قضايا تتعلق بحيازة الأقراص المهلوسة والإخلال بالنظام والآداب العامة، وأرجعن ذلك إلى الظروف الاجتماعية لعائلاتهم. فأسمهان تعيش في عائلة متفككة مع زوج أبيها، بينما نادية قالت إنها طردت من بيت أهلها بعد طلاقها، ما جعلها تلجأ إلى الشارع، فتعرفت على أشخاص متورطين ومدمنين عرضوا عليها العمل معهم، واستمالة النساء من اجل شراء المخدرات و أغراض أخرى تتعلق بقضايا مشبوهة، وإن كانت الفتاتان قد عبرتا عن الندم حيال التهم الموجهة لهما، لكن هيئة المحكمة وضحت أن ظروف المتهمتين لا يمكن اعتبارها ذريعة لخرق القوانين. جميلات وثريات، لكن... بعض القضايا قد تتورط فيها النساء بسبب الحاجة للمال، لكن العديد من القضايا التي تعرض بالمحكمة يثبت المحامون أن المتهمة ليست بحاجة للمال، لكنها تقوم بذلك بدافع "التعود" وعادة ما تتعلق هذه القضايا بالمخدرات، فحاجة المرأة المدمنة للأقراص المهلوسة والمخدرات، وانخراطها في مجموعة للمتجارة بهذه السموم، يجعلها تبرر أفعالها بأنها "لا تستطيع الرجوع" عن هذا الطريق الذي بدأت فيه، فقد أصبحت حلقة من لعبة "خطيرة". واللافت للانتباه أن العديد من النساء المتهمات"الجميلات" يقفن أمام القاضي ويعترفن بكل جرأة بأنهن يستهلكن المخدرات، والكحول ويعلمن خطورة ذلك، لكن القليل منهن يعترفن بجنحة المتاجرة بالأقراص المهلوسة أو المخدرات، إلا أن هيئة المحكمة تثبت الجرم في حالة كانت الكمية المحجوزة بحوزة المتهمين كبيرة. ياسمين هي واحدة من اللواتي وجدت مصالح الشرطة بحوزتها كمية معتبرة من الأقراص المهلوسة في منزلها الفاخر، بإحدى ضواحي زرالدة، حيث أثبتت التحريات التي قامت بها المصالح الأمنية أن المتهمة تملك شقة وفيلا وقد ورثت مبلغا معتبرا من المال من والدها، ما يجعلها تعيش حياة مريحة، لكنها صرحت بأنها تقوم بذلك بدافع "البرستيج"، ومن أجل ملء الفراغ الرهيب في حياتها. المختص في علم النفس محمد فرجاني: يجب انتشال المرأة من عالم الجريمة لأنها عماد الأسرة صرح المختص في علم النفس محمد فرجاني ل«البلاد"، بأن تربية المرأة ودور العائلة في كبح الأغلاط التي تقوم بها الفتاة وهي صغيرة من شأنها أن تعلمها الطريق السوي، كما أضاف ذات المتحدث "الظروف العائلية غير السوية للفتاة، مثل العنف الأسري المسلط عليها الذي يؤدي غالبا إلى هروبها من المنزل، وأيضا حالات الطلاق كلها تؤثر بشكل مباشر في نفسية المراهقات والنساء، وتجعلهن ميالات إلى العنف والجريمة، في ردة فعل للانتقام من المجتمع"، حيث يتبدد لديهن الخوف من العواقب، خاصة إذا لقين تشجيعا من أفراد آخرين ممتهنين لعالم الجريمة"، حيث يقوم هؤلاء باستغلال عواطف المرأة "المهزومة" أو إغرائها ماديا، وبحكم طبيعة المرأة الحساسة فإنها تنجرف بسهولة وراء كل هذه المغريات. ودعا محمد فرجاني إلى تكاثف الأدوار من أجل إخراج المرأة من "مستنقع الجريمة" كونها هي مربية الأجيال، فكيف ننتظر منها أن تربي جيلا صالحا إذا كانت تغرق في عالم السرقة والمخدرات؟ وحذر المتحدث بالخصوص من انجراف الفتيات القاصرات وراء عصابات تجارة المخدرات والأقراص المهلوسة، فذلك يؤثر بشكل كبير على تكوين عائلة سوية وتربية أطفال سيكونون في المستقبل مواطنين صالحين.