بعض رؤساء المصالح الاستشفائية يصبون الزيت على النار استأنف أمس الأطباء المقيمون عملهم داخل المستشفيات في أجواء مشحونة ومتوترة، بسبب رفض رؤساء المصالح التأشير على الوثائق الإدارية المطلوبة لالتحاق الأطباء بمناصبهم. فيما تشير الإخبار الواردة من بعض الولايات إلى تصرفات غير لائقة في حق الأطباء زادت شعورهم بالإذلال، خاصة وأن تجميد حركتهم بعد 8 أشهر من الإضراب لم يتبعه بعد أي رد فعل من جانب وزارة الصحة. وكان متوقعا بعد رضوخ 13 ألف طبيب مقيم لشرط وزارة الصحة الرامي إلى وقف الإضراب كسبيل للجلوس إلى طاولة الحوار، تعرض هؤلاء لشتى انواع الاهانة من قبل عدد من رؤساء المصالح والتي لخصها اطباء مقيمين في تأخير التوقيع على وثائق العودة لما يترتب عنها من أثر مالي، أي الاجور أو إلزام بعض الاطباء المقيمين الدخول إلى قاعات العمليات الجراحية وهو ما اعتبره المعنيون بمثابة استفزاز لمشاعرهم، مؤكدين أن عودتهم إلى العمل لا تعني أنهم في موقع ضعف، بل إنهم قادرين على الدفاع عن مصالحهم حتى وإن استدعى الامر الدخول في إضراب عن الطعام. من جهتها، نددت مصادر من النقابة الوطنية للاساتذة الاستشفائيين، بتصرفات بعض رؤساء المصالح الاستشفائية واعتبرتها حالات معزولة لا ينبغي الالتفات اليها باعتبار أن النقابة وجهت نداء تهدئة لجميع منخرطيها بعد أن اعلن الاطباء المقيمين على تعليق الاضراب الذي صوتت عليه 10 كليات كانت مع استئناف العمل وتجميد الإضراب، على أمل أن تبرمج وزارة الصحة موعدا لتنسيقية الأطباء المقيمين، لعقد جلسة عمل بينهم وبين وزير الصحة، مختار حسبلاوي باعتبار أن الوزارة اشترطت على الأطباء المقيمين وقف الإضراب، كسبيل وشرط وحيد للجلوس إلى طاولة الحوار. وحسب مصادر "البلاد"، فإن عددا كبيرا من الاطباء المقيمين لم يتمكنوا امس من تسوية الاجراءات المتصلة باستئناف العمل. مع العلم أن عدد المقصيين من المصالح الاستشفائية بلغ حدود 800 طبيب مقيم. فيما لا يزال منتسبي هذا السلك لحد الساعة يترقبون أي دعوة من الوزارة تحدد جلسة حوار جديدة بين الطرفين. وحسب اصداء من تنسيقية الاطباء المقيمين، فإن الوزارة لم تخبرهم بإي شي فيما اذا كانت تنوي برمجة اجتماع قبل نهاية الاسبوع الجاري. ومعلوم أن الفريق المدافع على قرار تعليق الإضراب يراهن على عودة الحوار مع الوزارة الوصية مباشرة بعد صدور قرار التجميد وكذا تجنب إقصاء المزيد من المقيمين في ظل استمرار رؤساء المصالح في هذا المسار. فيما لم يتجرع العديد من الأطباء المقيمين الرافضين لخيار العودة إلى العمل، توجه تنسيقيتهم المستقلة لإعلان قرارها بوقف الإضراب الذي يدخل شهره الثامن دون أن يتحقق أي شيء من المطالب المرفوعة منذ نوفمبر الماضي، حيث عبّرت شريحة واسعة من المقيمين الرافضين لخيار العودة للعمل قبل الحصول على مطالبهم التي كانت السبب الرئيسي في دخولهم في حركة احتجاجية منذ 14 نوفمبر، معتبرين قرار وقف الإضراب بمثابة إعلان فشل للحركة وخضوع لضغوطات الوصاية. ويتخوف المقيمون الرافضون لوقف الإضراب من الندم مستقبلا، خاصة وأنهم واجهوا العديد من الصعوبات طيلة 8 أشهر في سبيل الحصول على مطالبهم التي يصفونها بالمشروعة، ووصلوا بحركتهم الاحتجاجية إلى أعلى درجات التصعيد، ما يجعل احتمالية تكرار هكذا مسيرة بعيدا كل البعد. بينما يؤكد المتفائلون من الأطباء المقيمين بأن وقف الإضراب لا يعني وقف الحركة الاحتجاجية، وأن عودتهم للإضراب ستكون متاحة في أي وقت. ويرفع الأطباء المقيمون لائحة المطالب المهنية منها والاجتماعية، ممثلة في إلغاء إلزامية الخدمة المدنية، ومراجعة القانون الأساسي للطبيب المقيم، وعدم الجمع بين الخدمة المدنية والخدمة الوطنية، مع تعويض مبدأ الخدمة الإجبارية بمعايير تحفيزية. فيما قرر عمداء كليات الطب إلزام رؤساء المصالح الاستشفائية بفرض عقوبات بيداغوجية في حق الأطباء المقيمين، تصل إلى درجة إلغاء السنة الدراسية لطلبة الطب المضربين عن الدراسة لاستحالة استدراك الدروس الضائعة، وتفادي التلاعب باعتماد السنة لطبيب لم يدرس ويكشف عن المرضى من دون تلقيه لتكوين في تخصصه، باعتبار أن الأطباء المقيمين دخلوا في إضراب غير مشروع منذ ثمانية أشهر. كما هددت الكليات بفصل كل طبيب يتخلف عن اجتياز امتحان الدراسات الطبية المتخصصة. وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، قد قررت منح رخصة استثنائية للأطباء المقيمين الذين قاطعوا الدورة العادية بسبب الإضراب، حيث سيكون بإمكانهم التسجيل في الدورة الاستدراكية المبرمجة بين 1 و19 جويلية القادم. فيما يؤكد الاطباء على ضرورة احترام الشروط القانونية المطبقة في هذه الحالات ذات صلة بفترة المراجعة ودورة استدراكية. علما أن الفصل في هذه النقطة أجل إلى ما بعد استئناف الحوار.