نباش ل"البلاد": هذه مقترحاتنا للحكومة لتفادي أي أزمة البلاد - آمال ياحي - سيحال آلاف العمال التابعين لمصانع تركيب السيارات على البطالة في غضون الأيام المقبلة، على خلفية قرار الحكومة بتقليص حصص هذه المصانع من التجهيزات الموجهة للتركيب، ويطالب وكلاء السيارات الحكومة بالتعجيل في استيراد السيارات الأقل من 5 سنوات، بغرض توفير مناصب شغل للعمال المسرحين، ولمواجهة أزمة مرتقبة في العرض بسوق السيارات، بفعل تراجع عدد السيارات المنتجة محليا. دعا رئيس الجمعية الوطنية لوكلاء السيارات، يوسف نباش، السلطات إلى الإسراع في إصدار النصوص التنظيمية المتعلقة باستيراد السيارات الأقل من 5 سنوات قبل وقوع أزمة محتملة خلال الفترة المقبلة، موازاة مع الشروع في تقليص عدد السيارات المركبة محليا. وقال المتحدث في تصريح ل "البلاد"، إن التدابير التي اتخذتها الحكومة لوقف استنزاف مصانع تركيب السيارات لأموال الخزينة العمومية في محلها، لكن تداعياتها ستظهر في غضون الأيام المقبلة، متوقعا تراجع عدد السيارات المركبة محليا إلى 60 ألف سيارة على الأكثر، بعدما كانت هذه المصانع تنتج ما يقارب 4 أضعاف العدد المذكور بأسعار جد مرتفعة. في سياق متصل، أضاف نباش، أن الشروع في استيراد السيارات، سواء كانت جديدة أو مستعملة، سيسمح بمعالجة النقص المسجل على مستوى الحظيرة الوطنية للسيارات، والناجم أساسا عن توقيف الاستيراد منذ 4 سنوات، مشيرا في هذا الشأن، إلى أن عملية استيراد السيارات الجديدة كانت تؤمن للخزينة العمومية ما قيمته مليار و500 مليون دولار سنويا، في مقابل جلب 300 ألف سيارات جديدة، في حين أن مصانع التركيب استهلكت 3 ملايير و600 مليون دور لصناعة دون أن تنعش الخزينة بدولار واحد. وحول قضية التسريح المرتقبة لعمال مصانع التركيب، تأسف المسؤول النقابي ذاته، لإحالة المئات على البطالة الإجبارية، غير أنه يرى إمكانية تدارك الوضع بإعادة توظيف هؤلاء في ورشات إصلاح في إطار خدمات ما بعد البيع التي ترافق إجباريا إجراء استيراد السيارات المستعملة، بمجرد دخوله حيز التنفيذ، وذكر بالمناسبة بحادثة تسريح 120 ألف عامل في 2015، على خلفية "القرار الخاطئ" الذي اتخذته الحكومة في عهد وزير الصناعة الأسبق، بوشارب عبد السلام، بتوقيف استيراد السيارات الجديدة، واستبداله بمشروع مصانع لتركيب السيارات، ساهمت بشكل كبير في تآكل احتياطي الصرف، إلى أن تدخلت السلطات لضبط نشاط هذه المصانع التي لم تحقق أي فائدة كما قال للخزينة العمومية. وستشرع مصانع تركيب السيارات المحلية، بداية من هذا الأسبوع، في اتخاذ الإجراءات الرامية لتقليص عدد العمال عقب التدابير المتخذة من قبل الحكومة في شكل تحجيم قيمة الواردات الوطنية، من خلال تحديد حصص كمية لوكلاء السيارات خلال المعاملات المتعلقة باستيراد الهياكل والتجهيزات الموجهّة لتركبيها على مستوى المصانع المحلية، على خلفية الارتفاع الكبير للفاتورة الإجمالية الوطنية خلال الأشهر القليلة الماضية، وعدم استفادة الخزينة العمومية من أي مدخول نتيجة الامتيازات الممنوحة للمستوردين، في شكل إعفاءات من تسديد الرسوم الجمركية. وكما توقعته تحاليل الخبراء، ستلجأ مصانع تركيب السيارات حسب مصادر مطلعة إلى عملية كبيرة لتسريح العمال، وبالتالي إحالة المئات من الموظفين على البطالة الإجبارية، وتقدم هذه المصانع التبريرات في كون العديد من مناصب العمل تعطلت في الفترة الأخيرة جراء تقلص النشاط والإنتاج بشكل كبير، كنتيجة لعدم سماح الحكومة للوكلاء إلا باستيراد حصة معينة من الهياكل والتجهيزات لا يمكن استيراد ما يفوقها مهما كانت الظروف، الأمر الذي يجعل العمال المطالبين بالقيام بمهام معينة في سلسلة الإنتاج متوقفين عن النشاط إلى إشعار آخر، على الرغم من أن صاحب العمل يكون مجبرا على تسديد أجورهم، ما يجعله يتحمل تبعات القرارات الحكومية. وبهذا الخصوص، أشارت مصادر متطابقة، إلى أن عملية التوظيف تمت على أساس وضعية معينة، خططت وفقا لها الأهداف المراد تحقيقها في مجال حجم الإنتاج وتسويق السيارات على الصعيد المحلي، والتوجه إلى التصدير نحو الأسواق الخارجية والإفريقية بالدرجة الأولى، وهو الأمر الذي لا يمكن تصوره في القرار الحكومي الأخير المتعلق بتحديد كوطة استيراد لكل متعامل، وهو المنطلق الذي تبرر من خلاله المصانع لجوءها إلى التخفيف من تكاليف الأجور عبر إنهاء عقود مجموعة كبيرة منهم. وتبعا لهذا، ستقوم المصانع المحلية لتركيب السيارات، على خلفية حماية نفسها من الإفلاس، بخطتين في عملية تقليص عدد العمال، الأولى تتمثل في عدم تجديد العقود المنتهية إلى فترات أخرى كتسوية قانونية، والاكتفاء بالقول للموظفين المعنيين بهذه العملية، بأنّ الإدارة ستتصل بهم لاحقا في حالة الاحتياج إلى خدماتهم، أما الطريقة الثانية فسيلجأ من خلالها الوكلاء إلى التفاوض مع العمال وفتح باب فسخ العقود عبر التفاوض وبالطرق الودية، مقابل تعويض مادي متفق عليه بين الطرفين. وفي كلا الحالتين، فإن آلاف العمال سيجدون أنفسهم بداية من الأسبوع المقبل، محالين إلى البطالة، ومن ورائهم الآلاف من الأسر التي يعولونها، بصرف النظر عن الإسقاطات الأخرى على القرارات المتخذة من قبل الحكومة في إطار مكافحة الفساد التي جرّت العديد من رجال الأعمال، ومن بينهم أصحاب مصانع التركيب إلى السجن، وهو ما يطرح تساؤلات كثيرة تتعلق بالطريقة التي سيتم بها تجسيد الوعود التي أطلقها رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، في خطابه الأخير، حين أشار إلى تكفل الحكومة بحماية العمال والحفاظ على مناصب العمل، على خلفية المتابعات القضائية التي مست المتعاملين نتيجة تورطهم في قضايا الفساد.