يشهد مجمع سوناطراك سيطرة بعض المؤسسات المناولاتية الخاصة لقطاع الخدمات كالتموين والفندقة والحراسة والنقل، وتعالت مؤخرا الأصوات المطالبة بكسر هذا "الاحتكار" الذي يقف مباشرة وراء كل انتفاضة عمالية رغم ان المجمع يصرف أموالا طائلة على شركات المناولة تذهب الى جيوب أصحاب هذه الشركات في مقابل خدمات "رديئة" تقدم في مناطق نائية لا بديل للعمال عنها. وبخلاف شركات اقتصادية كبرى لا تزال سوناطراك تعتمد بشكل أساسي على خدمات هذه المؤسسات الخاصة سواء على مستوى الورشات أم قواعد الحياة لكن الثابت من بقاء سيطرة هذه المؤسسات بهذه الفروع عبر إبرام صفقات بشكل دوري هو وجود رجال أعمال وأصحاب نفوذ يتحكمون بهذه الصفقات لصالحهم ما جعل الأوضاع تبقى على حالها لسنوات طويلة إلى غاية يومنا هذا. وقد أصبح هذا الموضوع يثير الكثير من التساؤلات لاسيما في ظل بقاء هذه المؤسسات الخاصة مسيطرة على المجالات المذكورة بالرغم من إنشاء فرع تابع لشركة سوناطراك في العام 2017 مكلف بتسيير خدمات الفندقة، غير أن مسؤولي المجمع قاموا بحل هذا الفرع قبل أن ينطلق نشاطه في الميدان لأسباب مجهولة، علما أن سوناطراك لها ما يزيد على 100 فرع عمومي تحت وصايتها يقدم لها لها خدمات المناولة في مجال التنقيب والأشغال الكبرى. تعالت مؤخرا الكثير من الأصوات على مستوى المجمع وخارجه من أجل إعادة النظر في إستراتيجية التعاقد مع شركات المناولة تقوم بتقديم وتسيير مختلف الخدمات في مجالات عديدة على غرار النقل والحراسة والتموين وكل الخدمات المتعلقة بالفندقة، وكان بمقدور المجمع حسب الخبراء الاستغناء عن شركات المناولة في هذا المجال الحساس أو على الأقل مراجعة دفتر الشروط قبل إبرام صفقات جديدة حتى لا يكون 80 الف عامل تابعين للمجمع تحت رحمة شركات مناولة لا يهمها إلا الكسب ولا يحاسبها أحد خاصة بعد أن أصبحت متحكمة في زمام الأمور. وطالبت العديد من الجهات من مسؤولين وإطارات من نقابات وعمال الطاقة بسوناطراك بإنهاء احتكار بعض شركات المناولة الخاصة حيث أكد أمين عام فيدرالية عمال البترول والغاز والكمياء، طواهرية حمو، في تصريح ل«البلاد" أن مشروع فرع متخصصا في الخدمات الفندقية والحراسة والنقل كان سيحل الكثير من المشاكل ويجنب مسؤولي المجمع "صداع" الاحتجاجات في كل مرة، مشيرا إلى أن النقابة راسلت المديرية العامة بهذا الشأن ودعت إلى كسر احتكار شركات المناولة بناء على شكاوى العمال من رداءة الخدمات متسائلا: إذا كان من المعقول أن تفوز شركة المناولة بصفقة إطعام 6 آلاف عامل موزعين على قواعد حياة مختلفة. في سياق متصل قال المتحدث إن وضع العمال التابعين لشركات المناولة كارثي حيث إنهم يتقاضون أجورا زهيدة وفقا لعقود عمل مؤقتة لا تتجاوز 11 شهرا، كما أنهم لا يتمتعون بنفس حقوق الشركة الأم وهذا الأمر مخالف لما هو معتمد دوليا الأمر الذي دفعنا الى مراسلة القائمين على المجمع بمراجعة دفتر الشروط عند اجراء المناقصة وفرض شروط على صاحب الشركة المناولة بخصوص حقوق الرعاية الصحية والتنقل للعمال شأنهم شأن الموظفين المحسوبين على سوناطراك. واستغرب المصدر كيف يتم منح أموال ضخمة لشركات المناولة دون ادنى اعتبار لليد العاملة التي تنجز الخدمات وأعطى مثالا على الفرق بين أجور أعوان الأمن التابعين لسوناطراك وزملائهم في شركات المناولة رغم تشابه المهام، ونفس الشيء بالنسبة لباقي العمال الذين يقطنون في غرف لا تتوفر على شروط المعيشة ولا يملكون المال للتنقل الى شمال البلاد لرؤية أهاليهم وكلها عوامل تؤثر على نفسية المعنيين وتؤدي في النهاية الى الاحتجاجات وهي فاتورة باهظة يدفع ثمنها المجمع. وعاد طواهرية الى أهم انشغالات العمال التابعين لشركات المناولة على غرار المطالبة بإدراج منحة المنطقة الحارة ودعوا إلى تحسين ظروف قواعد الحياة من مأكل ومشرب ومبيت غرف فردية وغيرها من المطالب كالحق في العلاج والتعويضات المرضية والأعياد الدينية والوطنية. من جانبه أكد الخبير الطاقوي والرئيس المدير العام السابق لمجمع سوناطراك عبد المجيد عطار اللجوء في اتصال مع "البلاد" إلى أن المناولة ولو كانت ضرورية بسبب اهمية تفرغ المجمع للمهام المنوطة به وهي التنقيب عن النفط والاستكشاف، غير أن "احتكار" شركات المناولة لقطاع الخدمات سيكون له لا محالة أثر سلبا على مردودية العمال، مشيرا إلى أن التعامل بنظام المناولة لتأمين خدمات الفندقة والإطعام والأمن في قواعد النشاط والحياة ما فتئ يزداد منذ التسعينيات كخيار لا مفر منه في سوناطراك لكن الشروط التي تؤطر العملية لم تكن في المستوى المطلوب حيث فتح الباب على مصراعيه لهيمنة وتغول بعض شركات المناولة الخاصة. وبخصوص الحركات الاحتجاجية التي نظمها عمال شركات المناولة على خلفية هضم حقوقهم ومطالبتهم بحق الإدماج، أفاد عطار بأن هذا المطلب صعب التحقيق ولكن بالإمكان تحسين الظروف المهنية والاجتماعية في ظل البيئة الصعبة التي يمارسون فيها نشاطهم، مؤكدا على ضرورة القضاء على الاحتكار لأن التهاون في الإطعام والإيواء على مستوى المنشآت الصناعية لا سيما في وسط الصحراء يجلب المتاعب للمجمع والحل الوحيد حسب قوله في خلق تنافس بين شركات المناولة حتى لا تهيمن الشركة. كما يرى المتحدث أهمية إلزام اصحاب شركات المناولة بتحسين مستوى الاجور لعمالهم ولو كانوا يشتغلون بعقود مؤقتة حتى يكون وضعهم شبيها بالعبيد لأن هذا الشعور يضعف مردوديتهم.