فرض نقطة بيع حليب واحدة عبر البلديات يعيد الفوضى للواجهة البلاد - حليمة هلالي - يبدو أن التعليمات الرسمية وتحذيرات الأطباء والمختصين للمواطنين بضرورة التزام منازلهم تفاديا لانتشار أوسع لفيروس "كورونا" لم يكن لها صدى كبيرا عليهم، ففي عز أزمة تفشي الفيروس القاتل والإجراءت الكبيرة التي قامت بها الحكومة من تعليق للرحالات وغلق المعابر البرية والمقاهي وتوقيف وسائل النقل وفرض الحجر على المسافرين، يرفض بعض المواطنين البقاء في منازلهم واتباع التعليمات التي من شأنها أن تحد من انتشار الفيروس وانتقاله، حيث عرفت اليوم ، مختلف مناطق الوطن تجمعات وطوابير، وحتى قيام بعض العائلات بأعراس وولائم وزردات وكأن هذا الفيروس بعيدا عنهم وهم محصنون منه، غير آبهين بخطورته وفتكه بالأشخاص، مثلما يحدث في كبرى الدول، على غرار الصين، إيطاليا، إسبانيا وإيران التي بلغت نسبة الوفيات عندهم أرقام خيالية. وثار اليوم، مستخدمو قطاع الصحة من أطباء وممرضين من الطريقة التي يتعامل بها الجزائريون مع هذا الفيروس، وعدم انصياعهم للتعليمات الصغيرة، مثل عدم الخروج من دون سبب، وضرورة غسل اليدين والبقاء في المنزل . ولعل أبرز مشهد تم تداوله أمس، هو تلك الفيديوهات للمواطنين أمام طوابير الحليب ومراكز البريد، وحتى أمام المحلات والأسواق دون تركهم لمسافة الأمان. وفي هذا الصدد حذّر اليوم، رئيس الفيدرالية الوطنية لموزعي الحليب، فريد عولمي، في حديثه ل«البلاد" من أزمة جديدة تخص ندرة أكياس الحليب، مرجعا السبب لما أسماه سوء التسيير من طرف ملبنة بئر خادم، بسبب الخريطة الجديدة التي تم وضعها في العاصمة والمدن المجاورة، والتي تفرض بيع الحليب في نقطة واحدة بكل بلدية، علما أن بعض البلديات تحوى عددا كبيرا من السكان، وهذا ما خلق طوابير طويلة عبر نقاط بيع في العاصمة ونحن في عز تفشي فيروس "كورونا". وفي الوقت الذي حذّر فيه وزير التجارة، كمال رزيق، التجار والمضاربين من عواقب استغلال الظرف العصيب الذي تمر به البلاد في اختلاق الأزمة التموينية والمضاربة بالأسعار بالموازاة مع الاجتياح الخطير الذي تعرفه جائحة فيروس "كورونا" القاتل عبر مختلف دول العالم، لا تزال بعض الجهات تفرض منطقها على المواطنين وتخلق الندرة بممارسات بالية. وقال عولمي، سنشهد طوابير طويلة من طرف المواطن لنيل كيس حليب، هذه المشكلة التي تم خلقها راجعة لتقليل نقاط البيع عبر المدن الكبرى، وتحويل الأكياس إلى مناطق خارج العاصمة، على غرار مدينة بوفاريك بالبليدة، التي تم وضع 3 إلى 4 نقاط بيع فيها، مفيدا أن هذا الإجراء قامت به ملبنة بئر خادم على حساب المواطنين الآخرين، مضيفا أن مشكل التسيير لا زال قائما، وسنشهد أزمة ندرة هذه الأيام. وحسب عولمي، فإن الفيدرالية قامت بتعليق إضرابها المزمع إجراؤه بعدما تلقت دعوة من وزير التجارة كمال رزيق، الذي حثهم على تأجيل الإضراب لفائدة الصالح العام، خاصة أمام مخاوف تفشي فيروس "كورونا"، مؤكدا أنه قام بتأجيل الإضراب إلى آجال أخرى. وكشف عولمي أن الموزعين عبر 32 ولاية قدموا شكاويهم للفدرالية، مؤكدا أن جملة من المطالب تم رفعها للوزارة الوصية ولا تزال لم تنفذ إلى غاية اليوم، ما دفع الموزعين للتفكير في شن إضراب لكن ليس على حساب المواطنين. وأضاف عولمي أن بعض الموزعين ملزمون بالتنقل بين الولايات بالنظر إلى عدم وجود ملبنات في كل الولايات، في حين أن الهوامش الحالية لا تغطي كلفة النقل على هذه المسافات الطويلة، غير أنه أكد ضرورة أن يلتزم الموزعون بضمان وفرة أكياس الحليب المدعم بالسعر المحدد لفائدة المستهلكين والتحلي بالمهنية، مؤكدا أن مشكل الهوامش هو حاليا قيد الدراسة على مستوى وزارة التجارة حيث ستراجع من دون رفع السعر المقنن. إجراءات الوزارة لم تمنع "الشيوخ" من غزو مراكز البريد شهدت أغلب مراكز البريد عبر ولايات الوطن طوابير طويلة من طرف المواطنين، الذين ضربوا تعليمات وإرشادات الأطباء ووزارة الصحة بخصوص خطورة التجمعات وتأثيرها على تفشي فيروس "كورونا"، الذي ينتقل عبر الملامسة أو في الهواء. ويبدو أن الجزائريين يواصلون استهزاءهم بهذا الداء الذي فتك ب 11 شخصا لحد الآن، وخلف إصابات تعدت 91 شخصا. ورغم النداءت التي أطلقها المختصون بضرورة البقاء في المنزل والحملات التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، على غرار "ريح في دارك" والتعليمات التي أسداها رئيس الجمهورية بخصوص منع التجمعات وتفاديها، إلا أن بعض الجزائريين يواصلون في تماديهم بإلحاق الأذى بغيرهم عن طريق تشكيل تجمعات والتوجه للأسواق اليومية ومراكز البريد وتشكيل طوابير وكأن هذا الوباء عادي ولا يضر بهم، في الوقت الذي تشير أرقام منظمة الصحة العالمية إلى أن عدد الإصابات بفيروس "كورونا" المستجد "كوفيد 19" بلغ نحو 234 ألف إصابة، وتوفي 10 آلاف شخص من الفيروس في العالم. ففي الوقت الذي تتزايد الأرقام عالميا ووطنيا تتزايد معها النداءت لضرورة إقرار السلطات العمومية لإجراءات أكثر صرامة لكبح تحركات المواطنين وتقنينها إلى أقصى درجة من الحيطة والحذر، بعدما أثبتت نصائح "أقعد في دارك"، أنها لا تفي بالغرض في ظل تفشي نقص الوعي لدى شرائح واسعة من الجزائريين الذين يتعاملون مع هذه الطوارئ الصحية بنوع من الاستهزاء واللا وعي غير آبهين بخطورته. ومخافة انتشار هذا الوباء عبر بعض الولايات بعدما سقطت تعليمات وزارة الصحة وكل النداءت أمام مراكز البريد والأسواق التي شهدت إقبالا منقطع النظير، بادر مجموعة من الشباب بذراع بن خدة بولاية تيزي وزو، بتنظيم عملية سحب المتقاعدين لمعاشاتهم بمركز البريد المتواجد بالمنطقة، وقاموا بتوفير كراسي تبعد عن بعضها البعض بحوالي متر حتى لا يحدث احتكاك بين المواطنين الذين تعدت أعمارهم 75 سنه إلى 80 سنة. من جهته، اتخذ بريد الجزائر إجراءً احترازيا يسمح للزبائن، لا سيما فئة المتقاعدين بسحب منحهم عن طريق لوكالة أو التوكيل، في إطار مكافحة انتشار وباء "كورونا" على مستوى مكاتب البريد، لاسيما خلال أيام تسديد المنح والأجور. ويسمح الإجراء الجديد للمتقاعدين الذين لا يرغبون في التنقل إلى مكاتب البريد ب«تفويض شخص آخر من خلال وكالة للقيام بعملية السحب مكانهم بهدف تقليص تنقلات الأشخاص المسنين الذين يعتبر وضعهم الصحي هشا"، حسبما أعلن عنه بيان لبريد الجزائر، يوم الجمعة. ولهذا الغرض يتعين على الشخص المفوض تقديم استمارة وكالة بريد الجزائر "كوفيد 19"، تحمل توقيع الشخص المتقاعد، مع الأخذ بعين الاعتبار تطابق التوقيع مع ذلك المسجل على مستوى بريد الجزائر، حسبما تمت الإشارة إليه. ومن جهته، أسدى وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية تعليمات بعدم قطع خطوط الهواتف ولا الأنترنت، خلال هذه الفترة التي تمر بها البلاد.وجاء في بيان الوزارة، أنه تم سحب 26 مليار دينار من 399 مكتبا بريديا يوم 18 مارس، وكذا 6 ملايير دينار سحبت من الموزعات البريدية في الفترة نفسها.كما وجّه الوزير رسالة مفادها رسالتي للآبائنا "أبقوا في بيوتكم، وسنوفر لكم طرقا سهلة لسحب أموالكم". وأكد الوزير في رسالته، وصلنا إلى سقف قياسي في العمليات البريدية والسيولة موجودة، لهذا نطمئن الجميع، مشيرا إلى أن هناك عمليات عن بعد يمكن استغلالها عن طريق "النت" دون التنقل إلى مقرات البريد.