تواصل الحكومة الصينية، رد الجميل للجزائر، عرفانا بالهبة التي قدمتها الحكومة الجزائرية للصين الشعبية لمواجهة الوباء العالمي كورونا، الذي اجتاح العملاق الأسيوي بشكل مذهل، وبعد شهر ونصف من المساعدات الجزائرية، قدمت الصين مرة أخرى، مساعدات طبية إضافية، حسب بيان صادر عن السفارة الصينية. وأكد البيان، أن سفير الصين في الجزائر لي ليان خه، جدد سعي الحكومة الصينية لدعم الجزائر وتعضيد العلاقات الثنائية وتقاسم المحنة الوبائية سويا لمواجهة هذا العدو غير المرئي. وأكد السفير الصيني، أنه منذ انتشار الجائحة العالمية، تتكاثف الجزائروالصين في مكافحة الفيروس، مضيفا أن الجزائر الصديقة قدمت في عز الأزمة الوبائية، مساعدات طبية طارئة تضمنت كمامات وقفازات ونظارات واقية للشعب الصيني وهو الموقف الذي لا تنساه الصين، التي بادرت من منطلق عقيدتها الفكرية إلى مضاعفة المساعدات للجزائر، من مبدأ أن من يساعد الصين يلقى مضاعفة أكثر، لافتا إلى أنه منذ تفشي الوباء في الجزائر، لم تدخر الحكومة الصينية ومؤسسات هذا البلد، في تقديم الدعم للجزائر من خلال التبرع بعدة دفعات من المستلزمات الطبية . وفي هذا السياق، كشف السفير الصيني، عن هبة تضامنية جديدة إلى الجزائر، تجسيدا لروابط الصداقة الأخوية المتميزة بين البلدين، والتي تعكس جهود الصين لتطبيق مفهوم مجتمع ذي مستقبل مشترك للإنسانية، وتشتمل هذه المستلزمات الجديدة على 20 طنا من المساعدات الطبية، من بينها كمامات طبية وكمامات FFP2 وكواشف وأجهزة تنفس اصطناعية وغيرها من المستلزمات الطبية. وأعرب السفير الصيني عن أمله في أن تساعد هذه المستلزمات الطبية الجزائر على مكافحتها لكوفيد-19، مبديا مطلق ثقته أن الجزائر ستنتصر على فيروس كوفيد، 19 عاجلا أم آجلا. وقبل أيام قلائل، هبطت في مطار الجزائر الدولي، طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية الجزائرية قادمة من بكين وعلى متنها فريق طبي صيني. كما حملت الطائرة معدات وقاية وتحليل وأجهزة تنفس، بقيمة 420 ألف يورو، تتمثل في هبة من شركة البناء الصينية العملاقة "سي أس سي إي سي" باسم الدولة الصينية. كما قدمت الحكومة الصينية في 15 أفريل الجاري مساعدات طبية إلى الجزائر لمواجهة الجائحة الوبائية وهي عبارة عن أقنعة جراحية وملابس واقية طبية ومعدات فحص. الصين تعي أن الجزائر البوابة الرئيسية لإفريقيا ويلاحظ أن هذه الدينامية في العلاقات بين الجزائروالصين، ليست وليدة اليوم، بل امتدادا تاريخيا عمره 60 سنة، يرتبط بمواقف سياسية من كلا الطرفين وحتى ببعض المبادئ المتأصلة كرفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول. وبرأي مراقبين للعلاقات الثنائية بين البلدين، فإن الصين تعتبر قوة اقتصادية عالمية، وذات وزن وتأثير كبيرين على الساحة السياسية الدولية بحكم أنها عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، وقد ناصرت الجزائر منذ عقود طويلة حتى قبل استقلال الجزائر واليوم أصبحت لها مكانة متميزة في الجزائر التي تربطها بالصين علاقات تقليدية. كما أن هذا العملاق الأسيوي، يعي أن الجزائر هي البوابة الرئيسية لإفريقيا، وعملت بالتالي على توطيد العلاقات الأخوية مع الجزائر، بالرغم من كل المؤامرات التي تهدف إلى تسويد المساعدة الصينية وتقويض التعاون بين الجزائروالصين من خلال إثارة الخلافات بين البلدين مصيرها الفشل. ويرى المحلل السياسي أحمد أوكيلي، أن فرنسا عملت المستحيل لقطع الطريق أمام الصين، لأن تطور العلاقات بين البلدين، سيُنهي مفهوم "الجزائر هي الحديقة الخلفية لفرنسا" وسيقضي على المصالح الفرنسية في الجزائر، من منطلق أن فرنسا لا تحاول إقامة علاقات متوازنة مع الجزائر، بل تريدها أن تكون مجرد تابع ومستهلك لما تنتجه فرنسا، مضيفا أنه منذ وصول الرئيس عبد المجيد تبون إلى قصر المرادية تكونت إرادة سياسية قوية، لتمتين العلاقات مع الصين. كما يرى الأستاذ الدكتور إدريس بولكعيبات بجامعة قسنطينة في تصريح ل "البلاد"، أن الجزائر فضلت تشبيك علاقاتها مع الدول القوية والوازنة في الساحة الدولية، لافتا إلى أن علاقة الجزائربالصينوروسيا وجنوب إفريقيا عريقة وتقليدية واختارت الجزائر بعد تحقيق الاستقلال التعاون مع الصينوروسيا في المجال الاقتصادي والتسليح، مؤكدا أن مصدر السلاح الجزائري اليوم هو روسيا. وبخصوص الشق الاقتصادي، قال المتحدث، إن الصين تحظى بنصيب الأسد في المشاريع العملاقة في الجزائر بقيمة ناهزت 500 مليار دولار من الاستثمارات العمومية في الجزائر وهو ما يشكل عمق التعاون الثنائي بين البلدين، مستفيضا في القول اليوم تبدو روسياوالصين كلاعبين قويين في المرحلة المقبلة بعد تجاوز الوضع القائم، إذ أنهما الدولتان اللتان تبديان تماسكا في هذا الإعصار والجزائر تبدو في رواق جيد لأنها تقع على هذه الجبهة منذ الاستقلال و إن كانت دولة الصين براغماتية في تعاملاتها مع كل الدول. التقارب الصينيالجزائري يقلق باريس في تقرير حديث، أبدى مجلس الشيوخ الفرنسي قلقه وانزعاجه من تقارب الصينوالجزائر على الصعيدين السياسي، التجاري والاقتصادي والفضائي، وجاء التقرير الفرنسي من 183 صفحة ، وتم إعداده باسم لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والقوات المسلحة، وجاء فيه أنّ العلاقات الثنائية الصينيةالجزائرية، عرفت تسارعًا لافتًا في المدة الأخيرة. ولم يغفل تقرير مجلس الشيوخ الفرنسي توطيد العلاقات الجزائريةالصينية في مجال البنى التحتية والمنشآت، محاولا تسويد صورة العلاقات باختلاق سيناريوهات للطعن في المؤسسات الصينية الناشطة في عدة قطاعات حيوية في الجزائر.