كانت قسنطينة في شهر رمضان تتميز بعادات وتقاليد مميزة تميزها عن باقي ولاية الوطن لم يبق إلا في ذاكرة أجدادنا وأبائنا وافتقدتها العائلات القسنطينية لى غرار ”بوطبيلة” أو جولات المدينة الذي حدثنا عنه أجدادنا بأنه شخص يطوف الشوارع والأزقة منبها الناس إلى وقت السحور، وهو مثل المسحراتي المعروف في المشرق العربي· ”بوطبيلة” كان يجول الأزقة القديمة مناديا أهل الحي الواحد تلو الآخر، لكونه ابن الحي، حيث ينادي باسم صاحب المنزل قائلا ”نوض تتسحر يافلان”، كما كان يستعمل الدف خلال مناداته· ومقابل خدماته تلك تقدم له حلويات· هذه الشخصية بقيت شيء من الماضي، افتقدتها شوارع وأزقة مدينة الجسور المعلقة وأصبحت تراثا معنويا مفقودا، شأنها شأن بعض الأكلات الشعبية التي كانت تميز شهر رمضان بقسنطينة على غرار أكلة المسفوف التي كان يحتضنها كل بيت قسنطيني عند السحور، وهو عبارة عن كسكسي مدهون بالزبدة يضاف إليه الزبيب والسكر· وعندما نتحدث عن الحلويات التي كانت تزين مائدة العائلات القسنطينية وهي ”النوقة” التي غابت عن صينية القهوة تاركة مكانها ”للجوزية” التي يقتصر استهلاكها على أصحاب الدخل الجيد فقط نظرا لغلائها، عكس ”النوقة” التي كانت تميز محلات بيع الحلويات بكل من السويقة، رحبة الصوف، الرصيف، الجزارين وغيرها من أحياء قسنطينة العريقة·
التغير في المجتمع القسنطيني مس كل الولاية وشمل حتى العلاقات الأسرية، خاصة مع تطور التكنولوجي وظهور الهاتف النقال أصبح الأشخاص يتواصلون مع بعضهم عبر الرسائل القصيرة عكس ما كان عليه في الماضي حيث كانت سهرات رمضان تميزها كثرة التنقلات بين الأقارب والجيران بعد الإفطار للسهر وتبادل أطراف الحديث، الشيء الوحيد الذي بقي من عادات وتقاليد مدينة الجسور هو أن المساجد لا تزال تعج بالمصلين المحافظين على صلاة التراويح·