يقترن شهر رمضان الفضيل بالموائد الرمضانية فيه، وأحد أبرز عناصرها الحلويات الرمضانية التي تجتمع مع باقي المأكولات في الصورة التقليدية للمائدة. وفي لبنان، لا يمكن الحديث عن الحلويات دون زيارة طرابلس - عاصمة الشمال - الشهيرة بصناعة الحلويات، وخصوصا في هذا الشهر الفضيل. »ورد الشام« و»القطايف« و»كربوج الحلب« و»زنود الست« و»البصمة« تسميات لحلويات رمضانية تحل ضيفة شرف على المائدة الرمضانية، كإحدى الطقوس الغذائية التي أوجدها الأجداد، وكانت تصنع بداية في المنازل من قبل ربة المنزل قبل أن تنتقل إلى محال الحلويات لتصنع وتباع فيها. كما أن هناك أنواعا معينة من الحلويات تصنع في شهر رمضان، وتلقى إقبالا يتراجع في باقي آيام السنة، وهي تأخذ طابقا تراثيا مثل »ورد الشام« و»البصمة« و»كربوج الحلب«.. تسميات تعود إلى الاجداد الذين بدأوا تحضير هذه المأكولات. وفي مدينة صيدا - جنوب لبنان - تلك المدينة العريقة بتراثها وتاريخها، لرمضان فيها قصة تشبه ألف ليلة وليلة، لاتنام معها المدينة حتى مطلع الفجر، فلياليها تنبض بصوت المسحراتي الذي يجوب شوارع وأزقة المدينة، مستخدما طبلة تعرف ب »البازة«، يمسكها بيده اليسرى، وبيده اليمنى سير من الجلد، أو خشبة يطبل بها وقت السحور، مع بعض الأناشيد والتسابيح تحث الناس على إحياء وقيام ليالي الشهر الفضيل. ومع انقضاء الشهر الكريم يطوف المسحراتي على بيوت الناس فيجود كل حسب طاقته بشيء من المال إكراما له على إيقاظهم. أحد الذين تعودوا على أداء هذا الدور تحدث عن عمله بالقول إنه من ضمن التراث الإسلامي ويأتي تكليفا من البلدية. بدوره أشار أحد المواطنين إلى أن ظاهرة المسحراتي مشهورة كثيرا في صيدا، وهي تعيد إلى الاذهان صورة من تاريخ الماضي الجميل عن ليالي رمضان. للإشارة تعتبر ظاهرة المسحراتي من آثار الواقع الجميل في التراث العربي والإسلامي، وهي من العادات الرمضانية المنتشرة في كثير من الدول العربية، بدأت بمصر في بداية العهد الاسلامي، عندما لاحظ والي مصر »عتبة بن إسحاق« أن الناس لا ينتبهون إلى وقت السحور، ولا يوجد من يقوم بهذه المهمة آنذاك، فتطوع هو بنفسه لهذه المهمة فكان يطوف في شوارع القاهرة ليلا لإيقاظ أهلها وقت السحر وكان ذلك عام 238 هجرية، ثم تطور الأمر في العصر العباسي وبالتحديد في بغداد زمن الخليفة »الناصر لدين لله« حيث كلف شخصا يدعى أبو نقطه، للقيام بمهمة السحور وإيقاظ الخليفة شخصيا، ومع الايام أصبحت تقليدا يلازم الليالي الرمضانية، إلا أنها بدأت تعرف تراجعا كبيرا في هذا العصر الحديث نظرا لدخول التقنية الحديثة من منبهات وساعات صوتية على حياة الناس.