التقته "الشروق اليومي" في غزة، قيادي بارز في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، تحدث عن عدة قضايا.. عن موقف الحركة المنفرد برفض الانضمام إلى حكومة الوحدة الوطنية، بل رفض المشاركة في أي حكومة ترضى عنها إسرائيل.. اتسع الحديث ليشمل تجربة حماس في السلطة، وكيف دخلت حماس الحكم على أمل المزاوجة بين السلطة والمقاومة، لتصل في الأخير إلى استحالة الجمع بينهما.. عن البرنامج المرحلي، وما يتداول عن تنظيم القاعدة في فلسطين، وعن استنساخ تجربة حزب الله والوضع في العراق، والكثير من النقاط طلبنا توضيحها، فأجاب حبيب وكان هذا الحوار. - لماذا ترفض حركتكم المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية؟ موضوع رفض المشاركة في الوحدة الوطنية سينقلنا إلى الوراء قليلا، لنجيب على سؤال لماذا رفضنا المشاركة في انتخابات المجلس التشريعي؟، نحن في اعتقادنا أننا كفلسطينيين وفي قطاع غزة، رغم انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلية، لانزال تحت الاحتلال، بكل مظاهره، وطبعا عندما يكون هناك احتلال يجب ان ينصب جهد كل الشعب الفلسطيني باتجاه المقاومة، أما موضوع المشاركة، في البداية نحن لسنا ضد المشاركة من حيث المبدأ في الانتخابات وممارسة العملية الديمقراطية، لكن حتى تتم وتثمر هذه الممارسة ويكون لها نتائج ايجابية على أرض الواقع، لا بد في تقديرنا أن يتوافر أمران ضروريان، السيادة، والحرية، وهذا غير متوافر الآن على الصعيد الفلسطيني، بفعل الاحتلال وتأثيره، لذلك نقول أن الانتخابات والسلطة الفلسطينية التي أنشئت في إطار أوسلو، جاءت لتخدم المشروع الأمريكي الصهيوني، ولا يمكن أن نكون جزءا من هذه العملية، لا يمكن أن نكون جزءا من حكومة ترضى عنها إسرائيل وأمريكا، عندما تتوافر هذه الشروط الموضوعية من سيادة وحرية، نحن في الجهاد الإسلامي سنكون جزءا من النظام السياسي الفلسطيني. - لكن الواقع وقضاياه الاجتماعية والاقتصادية يتطلب التعامل مع الحكومة، هل انتم تطالبون بالعودة إلى مربع الاحتلال الأول؟ من الممكن أن تتم معالجة هذه الأمور عبر إدارة محلية، لا تسمى سلطة ولا يحسب على الشعب الفلسطيني أن له سلطة ورئيسا ورئيس وزراء، هذه المسميات في حقيقة الأمر نشعر أنها مسميات جوفاء لا تساوي شيئا، وليس لها تأثير على ارض الواقع، كما ينبغي أن يحدث، لذلك نحن آثرنا أن نحترم أنفسنا وان لا نكون جزءا من سلطة هذه مواصفاتها. - في رأيكم لماذا هذا التوافق السريع والمفاجئ بين حركتي حماس وفتح حول حكومة الوحدة الوطنية؟ نحن نعتقد أن هناك مصلحة مشتركة الآن، وحكومة الوحدة الوطنية تحقق مصلحة لكل من حماس وفتح، وأيضا مصلحة للشعب الفلسطيني حتى نكون واقعيين وصادقين، لذلك نرى تقاربا وحوارات جادة وحقيقية، ووعدنا الرئيس بإنجاز حكومة الوحدة الوطنية قبل نهاية الشهر الجاري. - تقييمكم لتجربة حماس في السلطة؟ حماس لها اجتهادها، لكننا كنا نود ونحبذ لو أن حماس مارست المعارضة من خلال المجلس التشريعي، ولم تقحم نفسها في سلطة لا تملك شيئا على أرض الواقع، اجتهاد حماس كان على أساس التغيير والإصلاح، ولكن بسبب فقدان السلطة لمواصفات السلطة الحقيقية لم يتحقق لها المبتغى. وحماس دخلت السلطة على أمل المزاوجة بين السلطة والمقاومة، لكن الوضع الفلسطيني ومعطياته، جعل الأمر صعب، واعتقد أن حماس توصلت أن الجمع بين السلطة والمقاومة أمر صعب. - بعد قرار جامعة الدول العربية الأخير، هل يمكن القول بأن هناك تغييرا على مستوى القرار الرسمي العربي؟ في تقديرنا الأصل يجب ألا يكون العرب جزءا من الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني، وطبعا هذا الأمر شكل نقطة سوداء في تاريخ النظام العربي الرسمي كشريك في جزء من الحصار، ولكننا نقول أن القرار الأخير يصب في الاتجاه الصحيح، ونثمن هذا الموقف، ونريد ترجمة هذا الموقف بشكل عملي من اجل فك الحصار. - موقفكم من المرحلية في الصراع، بتحرير الأراضي التي احتلت عام 67 أولا؟ نحن نعرف أن صراعنا طويل وممتد وسيكون صراع أجيال، وهذا الصراع لا يحسم في جولة أو جولات، لكن يجب التمسك بالحقوق والثوابت ولا حرج أن يكون هناك محطات لالتقاط الأنفاس، ومحطات نستجمع قوانا كشعب، وإذا كان المقصود بالمرحلية التنازل عن بعض الحقوق والتمسك يبعضها الآخر، نحن نرفض هذا الشكل من المرحلية، الحقوق لا تتجزأ. - هل يسعى الجهاد لاستنساخ تجربة حزب الله في فلسطين؟ تجربة حزب الله تجربة غنية وممتازة، لكن الواقع اللبناني يختلف عن الواقع الفلسطيني كثيرا، لبنان لها عمق سوريا الذي أمد حزب الله بالسلاح، وهناك العمق الإيراني الذي ساهم أيضا بكل أشكال العون، أما في الواقع الفلسطيني فدول الجوار هي التي تفرض الحصار على الشعب الفلسطيني وهي التي تمنع إمدادنا بأبسط مقومات الحياة، فنحن نتمنى أن نتعلم ونستنسخ تجربة حزب الله، لكننا ندرك أن الواقع الفلسطيني والمقاومة في فلسطين غيرها في لبنان من حيث الظروف الموضوعية. - (مقاطعا) هل تعني أن الجهاد الآن ضمن تحالف سوريا، إيران، حزب الله، وضد الدول التي توصف بالمعتدلة؟ نحن موقفنا من أي دولة سواء إيران أو غيرها، هو بمدى قرب الدولة وبعدها عن قضية فلسطين، ونحن لسنا أسرى لأي قوة أو نظام، فلدينا قرارنا المستقل وعلاقاتنا تزداد وتتباطأ بناء على موقف الدول وتأييدها لحقوق شعبنا الفلسطيني. - هل القاعدة متواجدة في غزة؟ في ظل الحصار، وعدم تحمل المجتمع الدولي والعربي مسؤولياته، فكل الخيارات والاحتمالات ممكنة على صعيد الواقع الفلسطيني، عندما يراد لشعبنا، الذبح، والحصار والتجويع، من الممكن أن يكون إنتاج لهذه الظواهر، فعلى المجتمع الدولي والنظام العربي أن يتحركا لفك الحصار والوقوف بجانب الشعب الفلسطيني لاسترداد حقوقه والوقوف بصدق، حتى لا تنتج حالة من التطرف واللاعقلانية بأبعاد لا يعرف أحد تأثيراتها، مع العلم أننا نختلف كثيرا كحركة الجهاد الإسلامي مع القاعدة، فنحن ضد التكفير، التعصب، نحن نلتزم بالوسطية والإسلام المجاهد والمقاوم. - كيف راقبتم أحداث العراق؟ نراقبها بقلق شديد، حيث استطاعت أمريكا تقسم العراق طائفيا، وتسعى لتقسيمه جغرافيا، والشروخات التي تسجل كنجاح للمشروع الأمريكي، ومن هنا كان لزاما على الدول العربية والمعنية أن تتحرك لإنقاذ العراق بما له من ثقل عربي وإسلامي من الخسارة وفقدانه. - هل يوجد تنسيق بينكم أو اتصالات مع المقاومة العراقية؟ لحد الآن لا توجد اتصالات بين المقاومة العراقية وحركة الجهاد الإسلامي، ونحن كحركة عملياتنا محصورة داخل فلسطين، وهذا لا يعني أننا نرفض الحوار والتنسيق مع كل الحركات الجهادية الإسلامية، بما أننا نواجه عدوا واحدا، هو المشروع الأمريكي والصهيوني في المنطقة، فلو عرض علينا مثل هذا التنسيق فنحن بكل تأكيد لن نمانع. - هل أوقفت الجهاد خيار العمليات الاستشهادية؟ الجهاد لم يوقف العمليات الاستشهادية. كل الخيارات مفتوحة أمام الحركة، دفاعا عن النفس والأرض والعرض، كل فلسطين ساحة للعمل الجهادي، وفي حال استطعنا أن ننفذ تلك العمليات سننفذها. - كيف راقبتم التغييرات في البيت الأمريكي وتقدم الديمقراطيين؟ نحن لا نعول لا على الجمهوريين ولا على الديمقراطيين، فالديمقراطيون كانوا على مدار تاريخهم أكثر تأييدا للكيان الصهيوني، ولكن هذه الإدارة الجمهورية في إطار المحافظين الجدد، هي لعنة على أمريكا، وأسوأ إدارة أمريكية، والذي حدث هو هزيمة للجمهوريين وبوش ولمشروعهم في المنطقة، ولا يعني ذلك أننا نعول على أحد الطرفين، وهذا مؤشر على أن الهيمنة الأمريكية إلى تراجع وانحسار، فالمشروع الأمريكي يتعثر في العراق رغم بعض النجاحات وأصبح في تعداد المشاريع الفاشلة، وهذا نذير خير ومؤشر، على العرب والمسلمين وحركات المقاومة أن تستغل هذا التراجع. - متى ستكون الجزائر محطة لزيارة الجهاد الإسلامي؟ سيكون ذلك إن شاء الله، ولدينا برنامج تنقل عبر العواصم العربية والإسلامية، فالجزائر وكل الدول العربية هي عمقنا، ونحن أقوياء بهم إن شاء الله ولا نستغني عنهم، خاصة ونحن نخوض معركة الأمة ضد الهجمة البربرية التي تقودها أمريكا وإسرائيل. وليس لدينا أي حساسية من أي نظام عربي، نحن نحدد موقفنا من أي نظام بمدى قرب هذا النظام من فلسطين وقضيتها. حوار: عامر أبو شباب / غزة