قبل أن أعرف بأن نائبا من نوابنا الأشاوس قام بإنزال خاطف بمطار هواري بومدين تم على إثره الإغارة على وجه شرطي بلكمة برلمانية محصنة، كنت أظن أن دور البرلمان انتهى وأن آخر تشريع أصدرته جماعة ''زياري'' بعد تمديد وتهذيب الدستور. أنها أعادت معاشر النمل إلى مساكنهم لإحصاء حصاد عام من رفع الأيادي ومن إشهار المسدسات في وجه المارة، لأصطدم بالمفاجأة بعدما علمت بأن من يرفع يده في البرلمان خاضعا لشهوة ''الاستنعام'' من النعامة، يمكنه أن يتحول إلى صقر يتقن اللكم والنقر إذا ما كان الخصم شرطيا بسيطا لا حول له ولا قوة ولا قانون يحميه من شر النعام المستأسد في المطارات وبجوار المقاولات ومشاريع الحصانة البرلمانية، والتي تمكن صاحبها من صفة نائب ومقاول في نفس الزمان والمكان .. كنت أرى أن زعيمة حزب العمال تتجنى وتبالغ بنعت البرلمان بشتى أوصاف الخطر وكنت أعتبر أن حنون تسترزق معارضة على حساب زملائها في رضاعة ''بزول'' زياري، وكان مبرري أن وصيفة بوتفليقة، مصابة بحول في عينيها لأنها تغاضت عن الولاة وعن رؤساء الدوائر وكذا عن مشائخ ''بن صالح'' واكتفت بالتحرش بزياري، لكن بعد تكرر مشاهد إشهار المسدسات البرلمانية المحصنة ضد البسطاء وضد أجراس راقصات الملاهي وكذا بعد حادثة النائب الإسلامي الملاكم، فإن حنون محقة وزياري ورجاله على ظلال وانحلال مبين .. وكما أن الأنفلونزا لم تعد تستثن خنزيرا ولا طيرا هاته الأيام، فإن جنون البقر البرلماني أصبح ظاهرة تشريعية في بيت زياري، بالإضافة إلى أن السادة النواب لم يفيدوا من انتخبوهم، إن وجدوا، سوى بتمثليهم في مشاريع مقاولتية باسم ''الهانم'' أو ابنها وربما جارها المدلل، فإن نفس السادة المحصنيين بثلاث مائة ورقة من فئة ''قرن الغزال'' كل نهاية شهر، قد فقدوا كل معنى لوجودهم بعدما انتهت مهمة رفع أياديهم ليبحثوا لهم في وقتهم الضائع عن حلبة ملاكمة ولو كانت مطارا يعيدون عبره ما فقدوه في غزوة ''حنين'' بعدما عراهم موسم جني المغانم والغنائم..