مسيرة شعبية تطالب بالتشغيل وتندد بتحول الحي إلى خزان للحرفة والإجرام عاشت أمس بلدية البوني في عنابة على وقع احتجاجات عارمة اندلعت بحي سيدي سالم الشعبي المعروف بكونه أكبر بؤرة للهجرة السرية في شرق البلاد. وقد اختار الشباب البطال مقر الفرع البلدي بالحي المذكور لتفجير شحنة الغضب الملتهبة، حيث تمت محاصرته ومنع الموظفين من الالتحاق بمناصب عملهم وتخريب أجزاء منه، فيما صعد عشرات من المتظاهرين إلى سطح المقر الإداري وقاموا بطعن أنحاء متفرقة من أجسادهم بالسكاكين والسيوف والتهديد بالانتحار الجماعي عن طريق حرق أنفسهم بالبنزين، مطالبين بحضور الوالي لتخليصهم من شبح البطالة. وقد أخذت الأوضاع مجرى آخر عقب تدخل قوات مكافحة الشغب التابعة للأمن الوطني التي رافقت تنقل رئيس البلدية لمحاورة المنتفضين، حيث تم رشقه بوابل من الحجارة مما أدى إلى إصابته بجروح بليغة على الرأس، نقل على إثرها على جناح السرعة إلى مصلحة الاستعجالات بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد. وتأتي موجة الاحتجاج، حسب مصادر محلية، عقب تماطل السلطات المحلية في الرد على طلبات العمل التي أودعها البطالون لدى مصالح البلدية ومديرية التشغيل، حيث صبّ المحتجون جام غضبهم على المجلس البلدي ووكالة التشغيل المحلية بالبوني المتهمتين حسبهم بارتكاب تجاوزات جسيمة في عملية توزيع الحصة التي استفادت منها البلدية في إطار تشغيل الشباب ضمن آليات جهاز الإدماج المهني، وكذا عدم الالتزام بتشغيل الآلاف بعد طمأنتهم بالوعود أثناء الحملة الانتخابية للرئاسيات الماضية. وفي الموضوع يقول أحد الشباب، الذي التقيناه في موقع الاحتجاج، إن ''آليات الإدماج المهني أثبتت فشلها بسيدي سالم بدليل استمرار تدفق الشباب على الحرفة كلما تحسنت الأحوال الجوية وسط لامبالاة من السلطات المحلية''. ويضيف آخر ''كفانا صمتا على وفاة إخواننا في عرض البحر، نحن هنا نعبر عن إرادة شعبية بضرورة منحنا فرصة للعمل لتجنب التفكير في الهجرة السرية أو حتى اقتحام عالم الإجرام''. ولم تتوقف الحركة الاحتجاجية عند مدخل البوابة الرئيسية للفرع البلدي، بل أقدم الشباب الغاضب على الخروج في مسيرة جابت الشوارع الرئيسية للحي الشعبي الذي تقطنه أكثر من 51 ألف نسمة بشكل شلّ المنطقة العمرانية بأكملها وحرم أصحاب المركبات من الدخول والخروج إلى سيدي سالم. وطالب المتظاهرون بفتح حوار مباشر مع السلطات الولائية لإيجاد الحلول، ورفعوا لافتات تطالب بالاستفادة من مختلف المشاريع التنموية، ومرددين في الوقت نفسه شعارات منددة بالطرق المعتمدة في التوظيف، إلى درجة اتهام بعض المسؤولين بتعاطي الرشوة مقابل تمرير ملفات التشغيل. وقد اتهم رئيس البلدية، في اتصال مع ''البلاد'' من قسم الاستعجالات بالمستشفى، محركي ''الانتفاضة'' بتعاطي الأقراص المهلوسة، واصفا ما حدث له بالسابقة الخطيرة في التعامل مع المواطنين، وذكر أن ''وضعه الصحي ليس بالخطير حيث يعكف على إجراء الفحوصات اللازمة''. وإلى غاية تحرير هذه الأسطر يواصل ممثلون عن السلطات المحلية التفاوض مع المتظاهرين لإقناعهم بالعدول عن الاحتجاج مقابل دراسة أرضية مطالبهم. وفي الوقت الذي تحدثت فيه مصادر عن توقيفات في صفوف المحتجين عقب اندلاع مناوشات طفيفة مع قوات التدخل السريع، تحدث مصدر أمني عن أن الأمر لا يتعلق ب''اعتقال وإنما سماع بعض الغاضبين لنقل انشغالاتهم إلى السلطات المختصة''. يذكر أن حي سيدي سالم تحول في الفترة الأخيرة إلى خزان للجريمة والهجرة السرية، حيث شهد وقوع العديد من الجرائم والحوادث التي أدت بالسكان إلى الخروج في مسيرات احتجاجية مطالبة بالأمن في وقت سابق، كما خطف الأضواء بتحوله إلى نقطة إبحار أساسية لمئات الحرافة نحو جزيرة سردينيا.