تشتهر فالمة بتحضير الهريسة التي تعد إرثا تناقلته الأمهات عن الجدات في وصفة لا يعرف مقاديرها إلا من أخلطت يدها في الزيت والحار الأحمر، وبإضافة الشواء تكون مائدة العيد جاهزة بنكهة مميزة وحارة· وتقول حبيبة موظفة إن تزامن العيد مع فصل الشتاء يجعلها تصاب بنوع من الإرباك، بسبب ضيق الوقت وكثرة الاستعدادات من تهيئة المنزل وتنظيفه وتحضير الوسائل اللازمة لذبح الأضحية والمواد الضرورية لإعداد الأطباق التقليدية، مضيفة أنها تعلم جيدا مدى تعلق أفراد عائلتها بالهريسة التقليدية أو ”المتولة” التي تعتبر شرطا أساسيا لاكتمال المذاق اللذيذ للشواء· لذا فهي لا تتهاون في إعدادها مسبقا· من جهته أكد محمد أستاذ جامعي أن الهريسة المعلبة الموجودة في السوق لا تعجبه، لذا فهو يقوم سنويا بتحضير كمية من الهريسة التقليدية بنفسه لتجنب أي سوء تفاهم قد يحدث بينه وبين زوجته التي لا تحب ”أكل الحار” قائلا ”إن تناول وجبة من الشواء المحضر على الجمر أو الحطب أو طاجين الطين بقليل من الهريسة الممزوجة بزيت الزيتون يشعره بالمتعة والسعادة والارتياح”· وحول كيفية إعداده لمعجون الهريسة، يقول إنه يشتري عدة كيلوغرامات من الفلفل الأحمر ينزع منه البذور والرؤوس ويتركه يجف تحت الشمس لعدة أيام ثم يقوم بغليه جيدا لمدة تتراوح بين نصف ساعة أو ساعة ويهرسه ويضيف له التوابل التي تتكون أساسا من الملح والثوم والكروية والفلفل الأسود· وأضاف أنه يتحكم في جرعة ودرجة حرارة المستحضر بواسطة زيادة كمية من الفلفل الحلو وزيت الزيتون· وبالنظر إلى أن إعداد ”الهريسة المنزلية” يمر بحلقات عديدة ويأخذ نوعا من الوقت بما يصعب المهمة على بعض ربات البيوت العاملات، فقد وجدت كثير من النساء الماكثات بالبيوت الفرصة لكسب قليل من الدخل المالي عن طريق تحضير كميات كبيرة ووضعها في قوارير وقنينات بلورية وعرضها للبيع· والنسبة للسيدة، جهيدة ماكثة بالبيت، فإن هذا المنتوج المنزلي ساعدها كثيرا على توفير مبالغ مقبولة من المال تعوض بها دخل زوجها المتواضع، مشيرة إلى أنها في البداية كانت تبيع منتوجها إلى جيرانها وأقاربها لكنها بمرور الوقت وسّعت من نشاطها بعدما تلقت عروضا كثيرة من أصحاب محلات بيع المواد الغذائية والواجهات الكبيرة· ورغم تخوف البعض من الاستعمال المفرط للهريسة والحار بصفة عامة، كونه يسبب في نظرهم بعض الأمراض منها القرحة المعدية واختلال في عمل الأمعاء، فإنه على النقيض من ذلك يقول محبو ”الحار” إن هذا الأخير يمتاز بخصائص طبية ويسمح بتنشيط الدورة الدموية ومكافحة البكتيريا والجراثيم ويريح الأعصاب إضافة إلى ”فتح الشهية طبعا”·