رسم المشاركون في الندوة الدولية التي عقدتها مجموعة عمل مؤسسة ”المورد” العربية الثقافية أمس بجمعية ”الجاحظية” في العاصمة، صورة سوداء عن واقع قطاع الثقافة في الجزائر· وقالت الناشرة الجزائرية آسيا موساي في افتتاح الندوة التي خصصت للحديث عن ”السياسة الثقافية في الجزائر”، إن المنهج العام الذي يسير القطاع وفقه يعتمد على سياسيات قديمة لم تتغير منذ السبعينيات، هدفها تطبيق نظرة الدولة فقط في غياب أي دور للقطاع الخاص في هذا المجال· وأوضحت هنا أن التشريعات والقوانين المتعلقة بالثقافة لم تقدم شيئا بل ساهمت في عودة الأمور إلى الوراء، و تكريس الثقافة الرسمية التي تحمل في كل مناسبة شعارا معينا، فلا هي حداثية ولا تقليدية، بل مجرد مزيج يفتقد إلى الهوية والخصوصيات· وقال المتحدثة إن هذه الثقافة ليست موجهة إلى النخبة، كما أن المواطن البسيط لا يشعر بأنها موجه إليه، وذلك في إشارة إلى حجم الضياع وغياب الرؤية الذي ترزح فيه· وقالت موساي في هذا الإطار، إن المسرح مثلا تراجع منذ أن وضعت الدولة يدها عليه، وإن قطاع النشر يسير في فوضى عارمة، فصار النشر مهنة لمن لا مهنة له، وإن الدعم يقدم للناشرين والجمعيات وفق منطق ”المال مقابل الولاء”، مما تسبب في غياب ما يعرف ب”المثقف النقدي” الذي طالبت بتمكينه من العودة من خلال تغيير هذه الممارسات· ومن جانبه، توقف الباحث والخبير في مجال ”السياسات الثقافية” عمار كساب، عند مفهوم السياسية الثقافية الذي قال إنه مجال جديد لم تنجز حوله دراسات وأبحاث، موضحا أن السياسة الثقافية لا تولد من العدم، فهي تمثل استراتيجية وجب التفكير فيها، وهيكلتها والتأسيس لها، فهي تستمد مادتها من المقومات الإيديولوجية للوطن، وتمثل مجموعة تعريفات وآليات تضعها الدولة، من خلال التفاعل مع المجتمع المدني، بما يساهم في تنشيط قطاع الثقافة· ورأى المتحدث أنه لا توجد سياسة ثقافية واضحة في الجزائر بالشكل الذي تسمح بدعم المبدعين في شتى المجالات، وذلك رغم توقيع الجزائر على اتفاقيات دولية في هذا الجانب من بينها اتفاقية حماية أشكال التنوع الثقافي سنة .2004 وقدم كساب إحصائية تقول إن الجمعيات الثقافية في الجزائر لا تحصل سوى على نسبة 09,0 بالمائة من ميزانية القطاع·
من ناحية أخرى، عدد الروائي سمير قسيمي مشاكل قطاع الثقافة في نقاط من بينها، أن الثقافة تمثل أولوية ثانية، وتكريس ”عقلية البازار”، ومركزية النشاط الثقافي، وعدم تقديم تقارير مالية عن التظاهرات التي تنظم بما فيها المعرض الدولي للكتاب· وقال المتحدث إن القطاع يسند إلى السياسيين الذي يتحكمون فيه وكأن المثقف لا يعنيه الأمر، مضيفا ”أكبر مشكل واجه الثقافة الجزائرية هو عدم الاعتراف بعناصرها”، على حد تعبيره·