- هناك أطراف تآمرت وعملت المستحيل لإفشال ملتقى وطار - لن نوقف جائزة “الهاشمي سعيداني” للرواية ونبحث عن ممول لها يعود رئيس الجمعية الثقافية “الجاحظية” محمد تين في هذا الحوار، إلى الحديث عن ظروف تنظيم الملتقى الدولي “الطاهر وطار” ووصف البعض له ب”الكارثة التي أهانت أب الرواية الجزائرية”، متوقفا عند استراتيجية الجمعية ومشاريعها في الفترة القادمة، وقضية الدعم المالي والجوائز.. حاوره/ أيمن السامرائي - يعيب البعض على “الجاحظية” تحولها من صناعة الفعل الثقافي إلى التنشيط فقط.. ما سبب هذا التحول؟ لنطرح سؤالا على من يقول هذا الكلام “ماهو الفعل الثقافي”.. وهل يمكن أن نحكم على جمعية مضت ثلاث أشهر فقط على مؤتمرها الذي أتى برئيس جديد خلفا للراحل الطاهر وطار.. أقول العكس، فنحن كثفنا الأنشطة الثقافية، ونظمنا حدثين هامين وهما تنظيم الملتقى الدولي حول أعمال الطاهر وطار بنجاح تام، رغم كل المناورات التي جرت حوله، ونشرع حاليا في طبع أعمال الملتقى، بالإضافة إلى إقامة الدورة الأخيرة لجائزة “مفدي زكريا” للشعر العربي التي جرت أيضا في ظروف عادية. وبعد المؤتمر انطلقنا بمشروع ثقافي يرتكز على عدة محاور من بينها الاعتناء بمختلف المجالات الفكرية والثقافية، لأن “الجاحظية” ليست جمعية أدبية فقط، بل تعنى بكل ميادين الثقافة، كما أن اللقاءات صارت تنظم مرتين في الأسبوع عكس السابق. - طيب.. ماهي المحاور الأخرى؟ الاعتناء بالشخصيات الجزائرية والمفكرين، خاصة هؤلاء الذين كان له باع طويل في الصحوة الإسلامية في المشرق العربي.. ودعني أقول هنا إن إخواننا المشارقة يركزون على مبدعيهم ومثقفيهم ويعتمون على الجزائريين، عكسنا نحن، وذلك رغم أن النهضة في المشرق وخاصة في بلاد الشام، كانت بفضل الجزائريين لأن نوعية الهجرة الجزائرية إلى بلاد الشام جاءت عادة إثر ثورات أصحابها على الاستعمار الفرنسي وكانت نوعية. وعمل المهاجرون الجزائريون على إرساء قواعد الحياة الفكرية والسياسية، ذلك أن كثرا من الأحزاب السياسية في المشرق تأسست بفضل الجزائريين. ومن هنا توجب علينا تسليط الضوء على تلك الشخصيات والتعريف بها للأجيال. - ماهي الندوات التي تعملون على تحضيرها حاليا؟ نعم.. سنقيم ندوتين في كل موسم، الأولى قررنا تخصيصها لموضوع “الأغنية العربية الملتزمة”، ستكون في شهر مارس المقبل، ومن المنتظر أن تشهد مشاركة نخبة من الأساتذة والباحثين لتقديم محارضات في هذا الجانب بالإضافة إلى استقدام فنانين من بينهم المصري أحمد نجم واللبناني مارسيل خليفة، بالإضافة إلى الجزائري “لفي دوبل كانون”. - هل ترى أن مغني “راب” فنان ملتزم؟ طبعا.. فمفهوم الالتزام لا يعني فقط الإنشاد الديني والأغاني الثورية والوطنية والحماسية.. كما أن “الرابط ليس فن المجانين كما ينظر إلى البعض، و”دول كانون”، أجده فنانا ذا ثقافة عالية ومتلزم بالغناء حول مواضيع هادفة تعنى بقضايا الشباب والمجتمع.. ونحن في “الجاحظية” نشجع أن يذهب الفن عامة في هذا الاتجاه.. وتمنيت طبعا لو كانت أغنية “الراي” هكذا بدل عملها على إبعاد الناس عن قضايا وطنهم بكلمات سوقية وسفيهة. - ماذا قصدت بالمناورات حول ملتقى وطار؟ عندما أعلنا في البداية عن هذا الملتقى أشير لنا بتنظيمه في قصر الثقافة “مفدي زكريا” بالعاصمة، وبعد أسبوع قيل لنا إن المكان محجوز من طرف رئاسة الجمهورية.. فأشير لنا بالذهاب إلى المكتبة الوطنية، واتفقنا مع موظفي وزارة الثقافة على كل شيء. ومع هذا تفاجأنا باتصال من وزارة الثقافة يخبرنا بأن المكتبة محجوزة لتنظيم الملتقى الدولي “فرانتز فانون”، وأشير لنا مرة أخرى بالتوجه نحو قاعة “الموقار” التي تتطلب سلسلة من اللقاءات والإجراءات. - وماذا فعلتم إذن؟ كنا أخذنا جملة من الاحتياطات.. وكلمنا قبلها رئيس بلدية “سيدي امحمد” مختار بوروينة الذي أشكره بالمناسبة على جميع التسهيلات التي يقدمها لنا، ولأنه لم يتخلف يوما عن مد يد العون لنا.. تحدثنا معه على أساس أن يكون الافتتاح في قاعة “سيرا ميسترا”، لتستمر الأشغال في المركز الثقافي “عز الدين مجوبي”.. لم نشأ تضييع الوقت ب”الجري وراء قاعة الموقار” ليلغى الملتقى. - اتفقتم مع بوروينة وصارت “الفضيحة” على حد وصف البعض.. ماذا حدث بالضبط؟ المشكل كان في رخصة تنظيم الملتقى التي تمنح من طرف مصالح ولاية الجزائر.. وطبعا نحن أودعنا الطلب في الوقت المحدد قانونا وهو 72 ساعة، واتفقنا مع مصالح الولاية على التقدم يوم الأربعاء صباحا لاستلام الرخصة، فأرسلنا مندوبا عنا الذي تفاجأ بعدم جاهزية الرخصة كون الموظف المكلف بالتوقيع كان غائبا ونائبه أيضا.. وتسبب هذا في تأخير موعد انطلاق الملتقى الذي كان محددا بالثالثة، بساعة كاملة.. حلت الرابعة والرخصة لم تجهز بعد.. وهنا قررنا الانسحاب من قاعة “سيرا ميسترا” والتوجه نحو “الجاحظية” لتنظيم الافتتاح على أن تستكمل الأشغال ب”عز الدين مجوبي”. - ما تفسيرك لما حدث.. فالملتقى اعتبر إهانة في حق وطار؟ أشك في براءة هذا التأخير.. فرغم احترامنا ل جميع الإجراءات القانونية والوقت.. لم تسلم لنا الرخصة.. كيف يمكننا أن نتفهم غياب موظف الولاية ونائبه معا وعدم وجود أي شخص مخول بالتوقيع.. وكيف يمكننا أن نتفهم وجود أشخاص أمام مدخل “سيرا ميسترا” يخبرون الضيوف الذين جاؤوا متأخرين بأن الملتقى ألغي رغم إعلاننا أمام الجميع عن التوجه نحو “الجاحظية”.. هناك طرف معين متآمر كان يريد إفشال الملتقى بأي شكل ووسيلة. لكن رغم ذلك نظم الملتقى بشكل عادي في مركز “عز الدين مجوبي”. - ما مصير جائزة “الهاشمي سعيداني” للرواية بعد رحيل وطار؟ أقول أولا إن جائزة “مفدي زكريا للشعر العربي” تنظم بشكل عادي جدا في ظل التزام الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة بتمويلها ورعايتها.. أما “الهاشمي سعيداني”، فأنت تعرف أن الراحل وطار كان يمولها شخصيا من خلال تخصيص عائدات إيجار شقة يملكها في العاصمة. وبعد وفاته آل هذا العقار إلى ورثته. - يعني أنك تعلن نهاية الجائزة؟ لا لم أقل هذا.. فنحن آثرنا التريث في الإعلان عن الجائزة في موسمها الجديد في انتظار إيجاد من يتكفل بجانبها المادي، وكنا التقينا الأسبوع الماضي بعائلة الراحل وطار، وتحدثوا معنا عن إمكانية إيجاد صيغة للمساهمة في تمويل الجائزة.. رغم هذا، فإن “الجاحظية” من حيث المبدأ، لن تتخلى عن الجائزة في جانبها المعنوي، وسنجري المسابقة حتى لو كان المقابل المادي الذي يمنح للفائزين رمزيا. - نحن على أعتاب الذكرى الخمسين للاستقلال.. هل تحضرون لأشياء بالمناسبة؟ نعم.. فهذه الذكرى مهمة في حياة الجزائريين وأي أمم.. وهي محطة لإجراء حصيلة لاستخلاص الدروس ورؤية المستقبل بشكل أفضل.. قررنا المشاركة في إحياء هذه الذكرى، حيث نظمنا إلى غاية الآن ندوتين ضمن هذا الإطار، وابتداء من شهر فيفري القادم، سننظم ندوة كل أسبوعين. - ألا ترى معي أن جيل الشباب لم يعد مهتما بتاريخ ثورة التحرير؟ للأسف هناك جانب من الصحة في هذا.. وذلك يرجع إلى وجود نوع من الإحباط لدى الأجيال الجديدة، وغياب رؤية حول كيفية تقديم التاريخ للشباب.. هناك كثير من العوامل والممارسات التي انعكست سلبا على تصرفات الشباب الذي صار يندفع نحو الانتحار في صورة تؤشر على حالة اليأس من المستقبل.. هو يرى أن لا أمل له.. وفي السباق كان عبارة تسليم المشعل مثلا تقال لأبناء الشهداء الذي وصلوا اليوم إلى سن التقاعد ولم يتسلموا شيئا “يضحك”.. ومن هنا، نحاول من خلال عملنا فتح بوابة للأمل لهؤلاء الشباب والمبدعين. - هل تخططون لإنشاء فروع للجمعية خارج العاصمة؟ شرعنا في ذلك في إطار ما يمكن أن أسميه ب”تنظيم الفعل الثقافي”.. فبالإضافة إلى إنشائنا هنا في المقر المركزي نوادي مختصصة في الشعر والسينما، في انتظار الموسيقى والرواية، كلفنا مثقفين في مناطق وقرى مختلفة في “الجزائر العميقة” لإنشاء نوادي جديدة سواء في مداشر أو هيئات تعليمية أو مؤسسات وغيرها، وذلك من باب البحث عن المبدعين والمواهب ودعمها، أينما كانت. - هل ميزانية الجمعية كافية لتنظيم كل هذا؟ وزارة الثقافة كانت تقدم لنا سنويا 50 مليون سنتيم، وفي السنتين الأخيرتين تلقينا 100 مليون، وطبعا تظل غير كافية حتى لتغطية المصاريف العادية. والغريب في الأمر أن الوزارة لم تقدم لنا المعونة المعتادة في السنة الماضية بذريعة وفاة الطاهر وطار “يضحك”، وذلك رغم أن الجمعية كانت قائمة وتواصل نشاطها بشكل عادي جدا. - لكن وزارة الثقافة ليست ملزمة قانونا بتقديم دعم؟ هذا صحيح.. فهناك فراغ قانوني هنا.. وعموما ليس هناك نص قانوني يحدد الميزانية العامة لقطاع الثقافة ونسبتها من ميزانية الدولة ككل، وزارة الثقافة طبعا، ترصد جزء من ميزانيتها السنوية للجمعيات التي تشتغل في القطاع، وتبقى غير كافية.