تَوزَّعَ تموقع الأحزاب الجديدة على النمط السابق نفسه، الذي توجد عليه الأحزاب القديمة، فهناك من هو موالٍ للسلطة والحكومة وكل ماله علاقة بمؤسساتها، وهنالك من اختار وسطية التموقع· أما الطرف الثالث فاختار المعارضة دون قطع شعرة معاوية التي يحرص الجميع على سلامتها، هذا المشهد جعل البعض يتساءل عن القيمة المضافة التي جاءت بها الأحزاب الجديدة؟ وهل هي قادرة على النجاح في استقطاب الكتلة الصامتة التي تعتبر الرقم الأكثر إثارة للجدل الانتخابي؟ إذا تمكنت الأحزاب الجديدة من سحب المقاطعين والناقمين والغاضبين من مسلسل التزوير والتهريج السياسي، فإنها تكون قد نجحت فعلا في قلب المفاهيم السياسية التقليدية في الجزائر، القائمة على رتابة المشهد السياسي وفشل الطبقة السياسية في استقطاب الناخبين المقاطعين، وإذا نجحت الأحزاب السياسية في إغراء الناخبين وجذبهم نحو صناديق التصويت، فإن العملية السياسية ستعرف تعدد ألوان النقاش السياسي، وستظهر قوى جديدة يمكن لها أن تشكل جبهة للتغيير الهادئ بما يتوافق والخصوصية الجزائرية، حيث الرأي العام يتفادى خوض المغامرة، مادامت الفرصة متاحة للمواطنين من أجل السير في رواق هذا التغيير الهادئ، على أن السلطة مطالبة بعدم المغامرة هي الأخرى، ونقصد بها تلك التي دأب رجال·· صادقوا الإدارة ما عاهدوها عليه أن يزوّروا ويزوّروا ·· أما إذا فشلت الأحزاب السياسية الجديدة في إخراج الغاضبين والمقاطعين والناقمين، ونالت من الوعاء التشكيلات السياسية التي سبق أن انتمى إليها مؤسسو الأحزاب الجديدة، فإن هذه التجربة لن تعمّر طويلا ما دامت التركيبة الانتخابية لم تتغير، وهذا لن يكون سوى دوران في حلقة مفرغة···