تستعد عديد الأحزاب السياسية بمختلف انتماءاتها إلى خوض غمار الاستحقاقات المقبلة التي بدأت تسيل لعاب الطبقة السياسية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالانتخابات التشريعية التي ستسمح لهذه التشكيلات السياسية باعتلاء قبة المجلس الشعبي الوطني، في الوقت الذي سيتكفل فيه المجلس الجديد بتعديل معمق للدستور، والذي سيتم على إثره تشكيل الحكومة من الأغلبية الفائزة في البرلمان، بين وطنيين، لائكيين وإسلاميين، الصراع بدأ يحتدم في انتظار اعتماد أحزاب جديدة ستظهر قريبا في المشهد السياسي. شرعت أحزاب كثيرة في حملة انتخابية غير معلن عنها، ساعية وراء ذلك إلى استقطاب أكبر عدد من الأصوات المؤيدة لها، وذلك استعدادا لانتخابات أقل ما توصف به أنها مصيرية، وبظهور تشكيلات سياسية »قيد التأسيس« تنتظر اعتمادها من طرف وزارة الداخلية والجماعات المحلية، زاد الخناق على الأحزاب التقليدية التي تجد نفسها أمام عراك حقيقي للحصول على حصتها من الوعاء الانتخابي الذي يتنبأ البعض بتشتته بين أحزاب كثيرة وتيارات متضاربة، بالإضافة إلى مشكل العزوف الانتخابي وهو الرهان الذي ستجد الأحزاب نفسها مرغمة على كسبه وعليها أن تخصص جزء مهما من حملاتها الانتخابية لمعالجته. وبانسحاب حركة مجتمع السلم من التحالف الرئاسي بقي كل من حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي ينشطان في إطار تحالف لا يتعارض مع روح المنافسة على مقاعد المجلس الشعبي الوطني، فالتحالف لا يعني الذوبان على حد ما صرح به بعض مسؤولي الحزبين المصنفين ضمن التيار الوطني، أما بالنسبة لحمس فقد اختارت العودة على التيار الإسلامي، وذلك لعدة عوامل لعل فوز الإسلاميين في بعض الدول المجاورة يبقى من أهمها، ناهيك عن ظهور أحزاب إسلامية منافسة في المشهد السياسي. بدورها باقي الأحزاب الوطنية كالجبهة الوطنية الجزائرية والأحزاب اللائكية واليسارية وغيرها من الأحزاب الجديدة التي ظهرت تسعى إلى التموقع في خريطة سياسية يصعب التكهن بصورتها النهائية، والتي ستفضي بتشكيل مجلس شعبي وطني وحكومة يرى البعض أنها ستكون ائتلافية لا محالة بسبب تشتت الوعاء الانتخابي الذي سيمنح أصواته لعديد التشكيلات السياسية. ويبقى أن هذا الحراك السياسي الذي تعج به الساحة الوطنية في الوقت الراهن هو نتاج مباشر لعملية الإصلاحات السياسية التي أطلقها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة السنة الماضية والتي ألح من خلالها على ضرورة ضمان نزاهة الانتخابات انطلاقا من حياد الإدارة وتسليم مفاتيح الرقابة والمتابعة للسلطة القضائية، وهي العوامل التي قد تساهم إلى حد ما في كسب ثقة المواطنين والتخفيف من نسبة العزوف الانتخابي. أما بالنسبة للمنافسة السياسية، فقد حمست الكثير من الأحزاب السياسية وحتى منها التي لم تعتمد أمرها، وبذلك يكون العد التنازلي للانتخابات التشريعية المقررة في شهر ماي المقبل قد بدأ.