من لم يزر المرادية أو ”الغولف” من رؤساء ومسؤولين كبار فإنه لم يزر الجزائر· لكن من يقول ”المرادية” يعتقد أنها الجنة ولكنها في المقابل تعتبر النار بالنسبة لبعض السكان، فهم أيضا لا ينفصلون عن مشاكل يعيشها المواطن الجزائري ويطالبون أيضا السلطات بتحسين أوضاعهم، وخصوصا السكن· بحي ميموزة أزمة السكن··· هاجس حوّل حياة العائلات إلى جحيم· مشكل آخر طرحه سكان البلدية وتحديدا بحي ميموزة ل”البلاد” خلال الزيارة التي قادتها إلى هذه المنطقة، حيث أكد العديد منهم أنهم يعيشون مشاكل حادة في هذا المجال· وقد اكتشفنا أن أزمة السكن تعتبر مصدر قلق السكان وشعورهم بالإحباط واليأس، اكتشفنا خلال زيارتنا أن السكان يعيشون حقيقة أزمة سكن حادة بدليل تواجد عائلات لا حول ولا قوة لها، قست عليهم الحياة، شرّدتهم سنوات الثورة التي أتت على الأخضر واليابس، وقهرهم المسؤولون لما ضربوا بمطالبهم عرض الحائط، هي حال سكان بلدية المرادية· كيف لعائلات تعيش تفاصيل حياتها بعيدا عن العنوان ”بيت قابل للسكن” تعاقبت العهدات وتعاقب المنتخبون لكن دون أي تحسن يلحظ في أزمة السكن ونقص المرافق الترفيهية·
”المزوق من برا و اشحالك من داخل”
عائلة تتكون من أربعين شخصا يعيشون داخل فيلا، هكذا تظهر من الخارج لكن من الداخل وجدنا ثلاثة أجيال، أجدادا وأبناء وأحفادا، حيث استقبلنا ”محمد” وهو أحد أبناء البيت أنه يعيش هنا منذ خمسين سنة، في بيت ليس ملكا للجميع بل هو عبارة عن إرث سيتقاسمه ثمانية أخوة يعيشون مع أبنائهم، حسب المتحدث لكل من الأخوة لديه غرفة ومطبخ، وأن عشرة أشخاص من شباب الحي فضلوا الهجرة السرية ”حرافة” وواحد منهم ابن محمد الذي سافر منذ حوالي سنتين بسبب غياب فرص العمل وأزمة السكن التي في كل مرة يقولون إن البلدية ستسوي الأمر لكن لا حياة لمن تنادي····”
ما يلفت الانتباه هو شعور فئة الشباب الجامعيين الذين أنهوا دراستهم الجامعية منذ سنوات باليأس وخيبة أمل، كونهم لم تتح لهم فرصة الحصول على شغل بعد مشوار دراسي مليء بالطموحات لعيش مستقبل أفضل· وفي هذا الصدد، أكد كريم متحصل على شهادة الليسانس في الترجمة ”إن الحصول على شهادة جامعية هو الحلم الوحيد الذي راودني منذ صغري، كنت أعتقد أنه بعد تخرجي من الجامعة سأحقق بعض أحلامي وطموحاتي وأعيش مستقبلا زاهرا، لكن الواقع أراد عكس ذلك، فأنا بطال خائب الأمل”·
من جهة أخرى عبّر العديد من سكان بلدية المرادية عن استيائهم وتذمرهم إزاء نقص المرافق الترفيهية، سواء الرياضية أو الثقافية، حيث يطالب شباب المنطقة السلطات المعنية وعلى رأسها مديرية الشباب والرياضة لولاية الجزائر بضرورة الالتفات إليهم والاهتمام بانشغالاتهم، وذلك من خلال إنجاز مرافق رياضية وفضاءات للعب ومراكز للتسلية، تضع حدا للمعاناة اليومية التي يعيشونها·
الشباب يريد مرافق
من جانبهم أوضح البعض من شباب البلدية ”البلاد” أنهم يحتارون كثيرا في اختيار المكان المناسب لقضاء أوقات فراغهم، في ظل انعدام المنشآت الرياضية والترفيهية، رغم أن الأحياء تعرف كثافة سكانية عالية، حيث أكدوا أن أحياء البلدية تشكو نقصا فادحا من هذه المرافق الحيوية والملاعب الجوارية، والتي من شأنها أن ترفع عنهم الغبن، وتمكّنهم من إظهار طاقاتهم الإبداعية، خاصة أن بلديتهم تضم عددا كبيرا من الشباب البطال بكل مستوياتهم· في هذا السياق، أكد المتحدثون أن أغلبهم يلجأ إلى قضاء أوقات الفراغ بالمقاهي، حيث تعتبر هذه الأخيرة المتنفس الوحيد لهم للعب أو متابعة المباريات وحتى مشاهدة الأفلام· في حين يلجأ بعضهم إلى البلديات المجاورة لممارسة رياضتهم المفضلة، وهذا بالانضمام لإحدى القاعات الرياضية الأمر الذي يتطلب الوقت والمال·
كما تطرق السكان إلى مشاكل أخرى يعانيها الشباب الذين لم يجدوا متنفسا لهم بسبب غياب المرافق الترفيهية بالأطفال إلى اللعب في الطرقات والأرصفة، معرضين حياتهم لعدة مخاطر· وعليه، يطالب سكان بلدية المرادية السلطات المحلية التدخل العاجل من أجل برمجة بعض المشاريع الترفيهية والثقافية، نظرا للتهميش الكبير الذي طال هؤلاء الشباب، على حد تعبيرهم، مما جعلهم يعانون من البطالة والعديد من المشاكل الاجتماعية التي نغصت عليهم حياتهم وحولتها إلى جحيم· كما أن توفر مثل هذه المرافق من شأنه أن يشكّل فضاء آخر للترفيه عن أطفال هذه البلدية المحرومة، على حد تعبير بعض المواطنين الذين التقيناهم·