ينظم معهد العلوم الاجتماعية والإنسانية، قسم العلوم الإسلامية بالعاصمة اليوم وغدا، أشغال الملتقى الوطني الثاني ”جهود الفقهاء الجزائريين في خدمة المذهب المالكي”· يهدف هذا اللقاء، وفق المنظمين، إلى صياغة مقترحات في الإفادة من المذهب المالكي والنهوض به وفق مناهج علمية واضحة بعيدة عن النزعة العاطفية القائمة على المشاعر والتغني بمآثر السابقين، واقتراح صيغ لوضع الاختيار المذهبي في المحل الذي يليق به في المناهج الدراسية باعتماد جهود الجزائريين في هذا المسلك، الكشف عن دور الاجتهاد الفقهي في المذهب المالكي ومقتضيات التنمية في الجزائر· كما يسعى إلى إحياء مآثر أعلام الفكر الديني والفقهي منه على وجه الخصوص، كعلماء ومثقفين وقدوة للأجيال الحاضرة والمستقبلة بجهدهم واجتهادهم وخدمتهم لدينهم ولمصالح وطنهم· وتكمن الأهمية العلمية والعملية للملتقى، حسب الورقة العلمية، في اختيار الجزائريين منذ القدم للمذهب المالكي كمسلك للممارسة الفقهية له أكثر من دلالة في الموروث الفكري والثقافي للمجتمع الجزائري، ذلك أن أصول المذهب المالكي كانت رائدة في المزاوجة بين النقل والعقل، والربط بين الرواية والدراية· وراعت إلى حدود بعيدة أوضاع الناس وأعرافهم على نحو يرفع الحرج ويزيل المشقة، ثم كان لهذا المذهب مشرب واسع في موارد الرأي، وجهود صالحة في مراعاة المصالح واعتبار مقاصد التشريع وأهدافه· وتقول الورقة العلمية للملتقى إنه بناء على هذا، استفرغ فقهاء الجزائر عبر القرون وسعهم في نشر المذهب المالكي والتمكين له، وكان لهم الحظ الموفور في العلم والمعرفة وسعة الأفق والحجج القوية، مما يترجم صدق النصرة وقوة العزيمة وسلامة المسلك· وأوضحت أن الانتماء إلى المذهب المالكي لا يعني الركون إلى الموروث الفقهي المذهبي والجمود عند مسائله، وإنما يقتضي أن يكون الانتماء دافعا إلى الإثراء والرقي بالبحث لتنمية المجتمع والرفع من مستواه في الأداء الديني الشامل عقيدة وفقها وأخلاقا· من ناحية أخرى، جاء في تقديم الملتقى أن إحياء هذا الرصيد الفقهي، ثم استثماره يقتضي مسحا شاملا لمفردات أبحاث وأعمال فقهاء الجزائر منذ دخول المذهب المالكي إلى هذا الوطن إلى غاية أيامنا هذه· ويعطي هذا المسح الشامل تصورا واضحا للباحثين ويدفع أقلامهم إلى تلمس المعالم المضيئة للاجتهاد الفقهي في الجزائر وفقا للمذهب المالكي، وإبراز دور أعلامه في التمكين له ومواجهة التعصب برحابة صدر·