انتخب حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية أمس، محسن بلعباس رئيسا جديدا للحزب بعد إعلان سعيد سعدي التنحي عن رئاسة الحزب الذي ترأسه مدة 22 سنة، وذلك بعد أيام فقط على إعلان الحزب عدم المشاركة في التشريعيات المقبلة المزمع إجراؤها في العاشر ماي المقبل· وجاء اختيار المناضل محسن بلعباس وهو أحد أكثر الأشخاص المقربين من الدكتور، بعد انسحاب ثلاثة مرشحين لرئاسة الحزب، حسب ما أفادت به مصادر حزبية من المشاركين بالمؤتمر الرابع للأرسيدي· وتم انتخاب النائب عن ولاية الجزائر والمكلف بالاتصال على مستوى الأرسيدي محسن بلعباس، بإجماع المؤتمرين بعد إعلان سعدي المتوقع بعدم رغبته في الترشح لتمديد بقائه في المنصب الذي شغله على رأس الحزب منذ 23 سنة· وقال سعدي إن قراره ”جاء بعد تفكير عميق بناه على أساس رفض اختزال الحزب في أشخاص”، وأشار في خطاب مطول ألقاه أمام مناضلي الأرسيدي المشاركين في أشغال المؤتمر بالقاعة البيضاوية ”ليس هناك سعدي واحد والأرسيدي ليس أشخاصا إنه مبادئ وأفكار ونضالات”، مؤكدا أن قرار التنحي هدفه كسر التقاليد السياسية قائلا ”سأكسر التقاليد السياسية نحن لا نبني أحزابا لأشخاص ولكن نبني أحزابا ديمقراطية”· ووجه سعدي لمناضلي الحزب خطابه وطلب منهم أن يضعوا الثقة في الإطارات الجديدة التي كونها الحزب ”لديكم هيئات في الحزب ولديها القدرة على مقاومة الضغوط والرجال موجودون والنساء”· واعتبر قيادي سابق في الحزب تحفظ عن ذكر إسمه، رفض سعدي خلافة نفسه بعد افتكاكه أربع عهدات متتالية داخل الأرسيدي، أنه مجرد زوبعة إعلامية أراد من خلالها هذا الأخير إرسال رسالة إلى المنتقدين في الداخل بتغييبه مبدأ التداول على المنصب رغم ادعائه قيادة لواء الديمقراطيين في الجزائر، وذلك عبر ترك المجال أمام الإطارات الشابة لتسيير الحزب· ويجري الحديث خارج مقر الأرسيدي أن سعدي اتخذ قراره هذا بعد إحساسه بتراجع مصداقيته في الشارع وبين مناضليه وكذلك حتى داخل الأوساط التي كان يدعي قربها منه في السلطة· في حين يرى مناضلون سابقون انشقوا عن الأرسيدي أو جرى فصلهم بسبب مواقفهم المخالفة لتوجهات سعدي وسياسته في تسيير شؤون الحزب، أن تنحي سعدي ما هو إلا مناورة سياسية أراد من خلالها هذا الأخير الابتعاد عن الواجهة لممارسة كافة صلاحياته في الكواليس· وتعرض الأرسيدي إلى انتكاسة كبيرة بعد إقصاء عدد من إطاراته على خلفية رفضهم ممارسات سعدي وطريقة تسييره لشؤون الحزب· كما شكل خروج عدد من نواب الحزب على بيت الطاعة على غرار طارق ميرة وعلي براهيمي وغيرهم ونشرهم غسيل الحزب ضربة موجعة لسعدي· من جهته، وصف النائب المنشق علي الإبراهيمي إعلان سعدي التنحي عن رئاسة الأرسيدي بأنه ”مسرحية هزلية” حاول من خلالها إضفاء نوع من المصداقية على ممارساته· واتهم الإبراهيمي الدكتور سعدي بتفريغ الحزب من إطاراته وكفاءاته، وانتقد بشدة اختيار محسن بلعباس لرئاسة التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وقال ”من يكون محسن بلعباس هذا؟ هو مجرد مناضل لا يملك أي كفاءة”، مضيفا أن سعدي سيبقى المسيطر الفعلي على الحزب مستغلا بذلك ضعف وعدم كفاءة خليفته الجديد· وشهد الحزب نزيفا حادا في إطاراته منذ تأسيسه، بداية باستقالة المحامي المخضرم مقران آيت العربي الذي كان أوّل من عارض صراحة ممارسات الدكتور سعيد سعدي في الأرسيدي، حيث لم تمر فترة طويلة على تأسيسه حتى أعلن الطلاق مع الحزب رفقة 50 من الأعضاء المؤسسين·