مصدر الأموال معلوم وهوية المُورّدين والمقاولين مجهولة! كريم حجوج أحيت بلدية وهران، مجددا، طقوس ما يسمى بزواج المتعة بالمال العام من خلال برمجتها للعديد من المشاريع الخاصة بالتهيئة العمرانية على مستوى أغلب الأحياء والقطاعات الحضرية في سابقة لم يسبق لمصالح الأخيرة أن شهدت مثلها بعدما تجاوز عدد هذه المشاريع 40 مشروعا تتشابه جميعها في نوعية الأشغال والموردين وربما حتى المقاولات، والتي تتعلق أساسا بتغيير بلاط الأرصفة والقيام بحملات طلاء مجموعة من المدارس الابتدائية في سيناريو متكرر أزعج عددا كبيرا من المواطنين الذين تساءلوا عن المنطق التي تعتمد عليه هذه الأخيرة في تسيير المال العام، ولماذا تلجأ إلى هكذا مشاريع تلتهم ملايير لا تعد ولا تحصى، في الوقت الذي تعاني فيه أقسام أخرى ذات أولوية من شلل تام، كما هو الحال بالنسبة لقسم النظافة الذي تحول إلى شبه ملحقة تابعة لبعض الخواص! تشهد مختلف المصالح التقنية والتموينية والمالية لبلدية وهران هذه الأيام حركة دؤوبة غير عادية مردها الأساسي تلك الاستفاقة الغريبة التي دبت وسط مسؤوليها ومنتخبيها بشكل مفاجئ للغاية، وقبل 3 أشهر فقط على انتهاء هذه العهدة أكبر بلدية، ربما، في منطقة الغرب الجزائري، حيث أطلقت مجموعة جديدة من مشاريع التهيئة العمرانية، تقول أغلب المصادر إنها تجري بعيدا عن أعين الرقابة على خلفية أنها من نوعية المشاريع الصغرى التي تقل تكاليفها عن تلك المبالغ الضخمة التي تلزم كل البلديات بالرجوع إلى قانون الصفقات العمومية، وما يتضمنه من معايير مضبوطة تحسب الصغيرة قبل الكبيرة. وعلمت مصادر «البلاد» أن برامج البريكولاج الجديدة المتكررة هذه، كانت قد ضبطت مؤخرا قبل المصادقة على الميزانية الخاصة بالبلدية والتي أثارت حفيظة عدد من المنتخبين الذين رفضوا استفادة بعض الأقسام والمصالح من أغلفة مالية كبيرة وبصورة غير عقلانية كما هو الحال بالنسبة لقسم الثقافة، وهي نفسها الاحتجاجات التي سقطت في الماء مباشرة وتمكنت هيئة المجلس من تمرير هذه الميزانية بالطريقة التي هندسها المسؤول الأول عن قسم المالية! وما يثير في هذه المشاريع العمرانية من دهشة وحيرة لدى شريحة واسعة من المواطنين أنها استهدفت الأشغال نفسها التي سبق أن برمجتها السلطات المحلية في وقت سابق، سواء في عهدة الوالي السابق أو الذي كان قبله في ذات المنصب، حيث انصب مجملها في نزع البلاط القديم واستبداله بآخر جديد في صورة مقززة لمشاعر كافة الغيورين على المال العام بولاية وهران، خاصة أن هذه الأخيرة كانت قد استفادت من ميزانية ضخمة في سنة 2009، إضافة إلى أموال باهظة شاركت بها مؤسسة سوناطراك بهدف القيام بنفس الأشغال التي تجري في الظرف الراهن. وبمقابل هذا السخاء الذي تبديه مصالح بلدية وهران في صرف أموال طائلة على مشاريع مستهلكة جدا، يقف مسؤولوها موقفا متناقضا جدا مع بعض الأولويات التي ترتبط مباشرة بمصالح المواطنين كملف النظافة والقسم المشرف عليه بشكل مباشر. حيث تحولت أغلب ماكنات العمل به وكذا شاحنات النظافة إلى عربات مشلولة لا تؤدي أي خدمة للصالح العام، بشكل أجبر بلدية وهران على إبرام العديد من الاتفاقيات مع مؤسسات خاصة تنشط في مجال النظافة للقيام بنفس أشغال هذا القسم مقابل أموال باهظة تصرف شهريا من خزينتها. وهي الوضعية التي تدفع بأغلب المتابعين لحال بلدية وهران إلى التساؤل عن خلفية إحجامها عن توظيف هذه الأموال التي توزع مجانا على بعض المقاولين والموردين باسم تهيئة العمران، في صيانة الآليات المتوقفة عن النشاط على مستوى قسم النظافة أو استعمالها على الأقل في تنظيف مجاري المياه والبالوعات التي تتسبب في كل فصل شتاء في كارثة حقيقية يدفع ثمنها المواطنون. ... اذهبوا إلى بلدية وهران فخزينتها لا تظلم فقيرا! الغريب فيما تقوم به مصالح بلدية وهران هو اعتمادها على بعض التقاليد الغامضة التي جعلت دائرة الشكوك تتوسع حول جميع المشاريع التي تبرمجها سواء خلال هذه العهدة الانتخابية أو في التي سبقتها، لاسيما أن عددا كبيرا من الموظفين وحتى عامة المواطنين يدركون أن عددا كبيرا من هذه المقاولات التي تنشط باستمرار داخل أسوار البلدية منذ زمن بعيد تربطها علاقة «عضوية» مع بعض المدراء النافذين وحتى بعض المنتخبين وأيضا مع النقابيين. وهي الحالات التي لم تتفجر إلا مؤخرا في ظل الملف القضائي الذي حركته السلطات ضد المدير السابق لقسم التهيئة العمومية بخصوص قضية استغلاله النفوذ وتمكينه إحدى قريباته من الاستفادة من مشروع هدم بعض السكنات الهشة بحي بلانتير، قبل أن يستفيد من البراءة في هذه القضية التي أعاب عدد كبير من المواطنين مسألة تحريكها إلا بعد صدور قرار من قبل الوالي أحال من خلاله المسؤول من منصبه في الوقت الذي لا تستبعد بعض الأوساط أن يكون لنشاط مؤسسات أخرى ذات علاقة بمسؤولين نافذين في البلدية ضلع فيما تشهده، في الوقت الحالي، مختلف الأحياء والقطاعات الحضرية التابعة لبلدية وهران.