لم تأتِ انتخابات العاشر ماي بولاية الشلف، التي أسفرت عن فوز الآفلان بستة مقاعد والأرندي بمقعدين والتيار الإسلامي الممثل في قائمة الجزائر الخضراء بثلاثة مقاعد والتحالف الوطني الجمهوري بمقعدين، بجديد، اللهم بعض التفاصيل الصادمة حقا، فلا أحد مثلا كان يتوقع أن تصل نسبة رفض المشاركة إلى هذا الرقم المهول 60 بالمائة، ليكون بذلك أهم حدث أسفرت عنه هذه الانتخابات هو اتساع رقعة الرافضين للعملية الانتخابية برمتها، وبالتالي المشهد السياسي كما هو عليه في الوقت الراهن. بالفعل يُعتبر رقم 60 بالمائة من عدم المشاركة مهولا وإذا ما تم الإعلان عن عدد الأوراق الملغاة (نسبة الامتناع تفيد بذلك)، فسيتأكد أن العملية الانتخابية برمتها كانت مضيعة للجهد والمال والوقت، كيف ذلك؟ لا شك أن ثمة من بين القراء لجريدة «البلاد» مَن ما يزال يتذكر، أن التشرذم الحزبي الذي عرفه حزب الأفلان في الولاية ذاتها وهجرة شبه جماعية لمناضليه نحو التقويميين والأحرار والحركة الشعبية الجزائرية وجبهة الجزائرالجديدة، جعل الكثيرين يتكهنون بنهاية الحزب العتيد وأن النتائج ستكون في غير صالحه، مثلما هو الحال للأرندي الذي عرف بدوره هجرة أشبه بالجماعية نحو تشكيلات سياسية جديدة منها الحركة الشعبية الجزائرية وصوب الزحرار بطبيعة الحال، لكن النتيجة التي أسفرت عنها الانتخابات، أبقت الوضع على ما هو عليه، من خلال اقتسام الآفلان والارندي حصة الأسد من المقاعد واكتفاء قائمة التكتل الخضراء بثلاثة مقاعد فقط، ليكتمل المشهد السياسي عند فوز الجمهوري الوطني بمقعدين بقيادة محمد حموني، شخصية رياضية وابن مدينة الشلف، في الوقت التي كسفت فيه شمس الاحزاب الجديدة التي خرجت خالية الوفاض، وبذلك تكون الوعود التي طمأنت الناخبين بأن خصوم الآفلان لن يصلوا إلى الحكم قد صدقت، ما جعل كثيرين يشكون في نزاهة الانتخابات ويجمعون على رسم تساؤلات غريبة في نتائجها الأخيرة. فالكثير من المتتبعين لمجريات العملية الانتخابية كانوا يميلون إلى طرح صعود أحد من الأحرار وبروز لافت لرئيس بلدية تاوقريت يوسف بكوش، متصدر قائمة جبهة المستقبل الذي استطاع حصد أكثر من 10 ألاف صوت، وظهور الإسلاميين بالنظر الى نجاح عملهم الجواري في استقطاب العشرات من الناخبين إليهم، لكن كان مثيرا حقا أن تفرز الانتخابات التشريعية اختفاء كاملا للاحزاب الجديدة، عدا الوطني الجمهوري الذي حالفه ترتيبه يوم الاقتراع وعودة قوية للأفلان الى الواجهة بالأغلبية الساحقة حيرت السواد الأعظم من الناخبين، إلى جانب فوز الأرندي بمقعدين في الوقت الذي عاش هذا الأخير أحلك ظروفه في عز أيام الحملة الانتخابية وانقسامه الى أجنحة عديدة على خلفية حرب الترشيحات. فنتائج الأرندي في تشريعات العاشر ماي، جعلت المتتبعين يستفسرون عن هوية الوعاء الذي منح لحزب أحمد أويحي هذه الكمية الهامة من الأصوات التي مكنته من الفوز بمقعدين واستعادة موقعه بقوة في الساحة المحلية وزيادة عدد مقاعده مقارنة بانتخابات 2007 التي لم تكن حليف الأرندي الذي اكتفى وقتئذ بمقعد واحد.