عبد السلام بارودي مجلس الشعب المصري الذي كان يسعى لمنع مرشح فلول النظام السابق من الترشح وفق قانون العزل السياسي، هذا المجلس وجد نفسه معزولا قانونيا وسياسيا، وأصبح العزل يهدد مرشح الإخوان محمد مرسي، وهي حالة لا تحدث إلا في مصر، لأنها البلد الوحيد الذي سلم ثورة شبابه للعسكر، عندما اعترف الميدان ونقصد ميدان التحرير بشرعية المجلس العسكري الفاقد لكل أسس قانونية تعطيه حق قيادة مصر،خصوصا وأن الأمر يتعلق بثورة شعبية جاءت لإزالة حكم فرعوني كتم أنفاس المصريين. لكن أخطاء سياسية ارتكبتها الأحزاب في مصر وأولها تحييد عناصر المجموعة المصرية لحساب مجموعة أو تيار سياسي واحد، ومثلما أدى تغييب الإسلاميين من واجهة الحكم إلى انقلاب موازين القوى في مصر فإن تغييب التيار الوطني في التأسيسية وغيرها أدى إلى تسلل الفلول نحو نقاط الضعف إلى أن تمكنوا من خصومهم بالضربة المريعة، وهنا تبدو مصر أمام حالة خاصة، البعض قال إنها تشبه الحالة الجزائرية مطلع التسعينيات، لكن المعاينة الحقيقية تؤكد وجود فرق كبير بين الحالتين، لأن الحالة الجزائرية لم تسقط نظاما بل جاءت كإفراز سياسي لحالة التغيير التي أتت بها الإصلاحات التي أعقبت أحداث الخامس أكتوبر 1988، بينما الحالة المصرية كان يمكن لها أن تذهب نحو التغيير الجذري لرموز النظام إلا أنها فشلت في ذلك وعجزت عن إتمام مسيرتها. كما أن الحالة الجزائرية لم تأت نتيجة ثورة بالمفهوم الذي نراه اليوم، لذلك فإن المصريين يوجدون في مأزق سياسي وأمني بالغ الخطورة بالنظر إلى أن الصراع الإيديولوجي عمره قرابة ال60 سنة بين الإخوان والعسكر، وهو يتشكل اليوم فيما حدث منذ الخميس الماضي، والخاسر فيما يجري بمصر اليوم ليس الإخوان فقط وإنما كل الذين خرجوا في ثورة 25 يناير إلى ميدان التحرير. مصر اليوم في حافة الهاوية، وليس لها من الخيارات الكثيرة المتاحة أمامها، وفي أحيان كثيرة كنا نعتقد أن الانتخابات التي تمت فيها هي النموذج العربي الأمثل، لكن تدخل العسكر وفلول النظام السابق ظل يفسد كل الأشياء الجميلة في الثورة المصرية، كما أن الرغبة في الانفراد بالثورة من لدن الكثير من الأطراف عجلت بوضع نتائج الثورة في ثلاجة قضت على خلاياها وأدت إلى شلل تام لم تقو معه على الرد. وإذا كانت مشكلة مصر مع العسكر والفلول، فإن مشكلة تونس مع السلفية الذين لم نسمع لهم صوتا ولا حتى صدى طيلة أيام حكم الهارب زين العابدين بن علي، ربما لأنهم كانوا لايزالون يعملون وقتها فتوى عدم الخروج على الحاكم، وبعد الثورة التونسية خرج أبناء التيار السلفي للشوارع في المدن التونسية الكبرى للمطالبة بتطبيق الشريعة التي سمحوا بتعطيلها طيلة فترة حكم الهارب بن علي، لذلك وكما للمصريين مشكلة مع العسكر فإن للتونسيين مشكلة مع عسكر الدين، وفي كلتا الحالتين الأمر لا يبعث على السرور. أما الوضع في ليبيا فمعقد جدا، ذلك أن الليبيين لهم مشاكل حادة مع المسلحين والعسكر والسلفيين والتنظيمات الجهادية وكل الخليط السياسي والديني والعسكري، وهذا ما يبعث على القلق من نتائج الثورات التي لا تحسم أمرها بيدها وتترك الفراغات تلوى الفراغات بين اللحظة والأخرى لفائدة البقايا والفلول والانتفاعيين والانتهازيين، الأمر الذي يؤدي إلى انحرافات لا يمكن التكهن بنتائجها لكن يمكن التأكيد أنها خطيرة وخطيرة جدا على مستقبل البلدان والشعوب والأمر في النهاية ليس لعبة بين الصغار، إنه مصير أمم وشعوب وقبائل. “serif”R.�Qs-P `St-family:Nadeem;mso-hansi-font-family:Nadeem;color:black'باب القفة ومن زاوية رمضان ليرافع لجفاف امتد من زمن الفلاحة إلى زمن التضامن بعد الصحة، متحديا بذلك كل إطار عن احترام أدنى لعقولنا و«قففنا» الرمضانية المخرومة، وحين نرى ونرى أن ذات السادة لايزالون في ذات «المرعى» يُنظّرون ويستشرفون لمرحلة «ما بعد الناتو» ومرحلة ما بعد الانتخابات وما بعد «نوفمبر» جديد، قيل إنه ولد من رحم العاشر من ماي، حين نرى كل ذلك نتذكر مقولة الرئيس المغتال محمد بوضياف يوم اعترف بالفم والبؤس المليان، بعجزه عن العثور على عدد محدود من الكفاءات ومن الرجال الصادقين الذي يمكنهم أن يحملوا الوطن فوق رؤوسهم وليس في بطونهم، فإذا بالتاريخ يعيد نفسه، وإذا انتخابات ما بعد الناتو وما بعد «أعدوا لهم ما استطعتم»، تثبت أن «النظام» عجز عن إيجاد ثلاثين وجها وزاريا جديدا يخلفون ما هو مجرود من إفلاس وفشل حكومي جسدته ملامح المنتهية صلاحية استعمالهم، لينتهي الأمر بالشعب إلى الوقوف وجها لوجه أمام فجيعة أن الجزائر العظيمة لم تحبل طيلة خمسين عاما من الاستقلال ومن الخطابات ومن «الحمل» الكاذب إلا بتلك الطفرات البشرية التي تسمى بن بوزيد وولد عباس وأويحيى وبركات وغيرهم من وجوه مباركة ظهرت قبل مبارك مصر، لكن مبارك رحل ومصر رحلت، أما «مباركينا» فإنهم على نفس النهج خالدون وباقون ومستوزرون..
أكبر إهانة يمكن أن يتلقاها شهداؤنا الأبرار في عيد نصرنا الذي سقي بمليون ونصف من دمائهم الزكية، أن تقف نفس الملامح ونفس التجاعيد على قبور الغابرين لتقرأ على أرواحهم الطاهرة فاتحة الكتاب، في تلاوة لخمسين عاما، لايزال نفس شخوصها الذين احتكروا المشعل، يحتكرون قراءة فاتحة الكتاب، فهل هناك إهانة لذكرى الاستقلال أكبر من صفعة أن بوزيد، ومثله عشرات من «الزائدين» والمتزودين بالسلطة، قد قرأوا الفاتحة لخمسين ولخمس وعشرين سنة من تكرار «ولا الضالين»، فرغم الشيب والعيب وما يخفي «الغيب» من تهاو لوطن الكرام، إلا أن نفس المفلسين مازالوا يرفعون أيديهم مرددين، اللهم ارحم الشهداء، ترى متى يفهمون أن الشهداء مرحومون بمرسوم سماوي أما من يحتاجون الرحمة فهم نحن، التي تعني ناس وحيوانات ودواجن هذه البلاد .. فمتى ترحموننا أنتم.. فإننا الأولى بالرحمة من جميع الآفلين وجميع المستغفلين بكم وفيكم..؟