يفصلنا عن تاريخنا الشامخ وعن صرخة معتصمة بمعتصم، لبى نداء الرؤية بمجرد أن أرّقت مضجعه، مسافة ألف قرن من النخوة الضائعة والكرامة المهدورة، فبين المرأة التي استنهضت صرختها همم أمة جريحة تمكنت من دك قلاع ''عمورية'' عاصمة الروم المحصّنة في ساعات معدودة استجابة لقميص عفيفة قدّ من قبل، وبين حجاب ''مروة'' الشهيدة التي عرى استشهادها أمة الخذالى، تكمن معضلة معتصمين من ورق وعرق نسميهم، لغوا، حكامنا الميامين ممن تحجبوا في غرف نومهم بمجرد أن بلغهم بأن ''مروتهم'' ومروءتهم، قد قتلها عربيد ألماني لأنها لم تكشف له عن شعرها وكرامتها.. مقتل الدكتورة المصرية مروة الشربيني بألمانيا، لفه الصمت الرسمي وجنازة شهيدة الحجاب كانت جنازة أمة حوّلها الخذلان العربي إلى مستبعدة أو ''أمة'' لا يمكنها أن ترقى إلى مستوى وقيمة ''الذبابة'' التي تعرضت إلى اغتيال وحشي متلفز من طرف أوباما، لتثور لأجل حقوقها ثائرة الجمعيات المدافعة عن حقوق الحشرات، ويفرض على أوباما الاعتذار لعائلة الذبابة في تحمل لمسؤوليته الكاملة عن الجريمة الفظيعة في حق الفقيدة.. مقتل ''مروة'' بعشرين طعنة غادرة، لا حدث، واغتيال ذبابة غير ''متحجبة'' حدث دولي، وموت حفيد فخامة المعتصم بكرسي مصر في حادث قدري، مأتم ومحزن أمة، واغتيال دكتورة في ريعان وجودها بلا ذنب إلا حجابها، رقم جديد لجنازة قديمة عن مستصرخات لا معتصم لهن.. فبالله عليكم ماذا لو كانت ''مروة''حفيدة من أحفادكم، فهل كان دمها وحجابها سيراق ويضيع هدرا؟