وجه الشاعر اللبناني ذائع الصيت إسكندر حبش انتقادات لمواطنه «الكوريغراف» عبد الحليم كركلا بعد عرض «ملحمة القدر» الذي قدمه بالجزائر العاصمة بمناسبة افتتاح احتفاليات الذكرى الخمسين لاسترجاع الاستقلال. وقال حبش في مقاله الأسبوعي بجريدة «السفير» اللبنانية الصادرة أمس، وتحت عنوان «كركلا الجزائري» إن الجزائر تبدو في السنوات الأخيرة كأنها «المسرح» الجديد الذي يشكل المكان الذي انتقل إليه الفنان اللبناني عبد الرحيم كركلا، ليصوغ فيها بعض رؤاه المسرحية وتجاربه. إذ قدم في هذا البلد، في السنوات الأخيرة، عددا من استعراضاته الخاصة، أي حاول أن يقدم أعمالا جديدة تتعلق بالبيئة الجزائرية، لا أن يعيد تقديم بعض أعماله التي سبق له أن قدمها في لبنان. وظهر هذا الانتقال، وفق حبش، كأنه يشكل سهولة فائقة، إذ لا حرج عند الفنان اللبناني، في محاولة الدخول إلى بيئة مختلفة ليتكلم عليها، وليقدم فيها تصوراته الخاصة. ورأى الناقد أن ثمة سؤال حقيقي لا بدّ أن يطرح نفسه فعلا حول الأعمال التي يقدمها كركلا في السنوات الأخيرة، وهي أعمال يبدو أنها لا تتوقف عن الانحدار، على العكس من أعماله الأولى التي جعلت منه اسما مرموقا في مناخ هذا النوع من الأعمال الفنية. وقال أيضا «ثمة عدة جاهزة، لا بدّ من أن تثير البصر.. المكان الأوحد الذي يلفت المشاهد هو الأزياء التي ينجح في تركيبها بشكل كبير، أما بقية الأمور فلا بدّ من أن تثير الكثير من الأسئلة. والأدهى أن عمله هذا يذهب كثيرا إلى المسرح حتى ليبدو الرقص كأنه يقع في المرتبة الثانية، بينما من المفترض أن يشكل صلب العمل بأسره.. فكركلا هو كوريغراف قبل أي شيء آخر، والمسرح عنده ليس سوى الإطار الذي يحضن العمل». ومن هنا، يقول إسكندر حبش، جاءت فعلا بعض مشاهد الرقص متينة، لكن العمل بأسره لم يعرف كيف يستمر في هذا الحيز ليتحول إلى أثر حقيقي، بل تلهى ببعض التفاصيل التي لا علاقة لها بصوغ رؤية متكاملة، بل شعرنا لفترات طويلة، بأن ما يجري ليس سوى تصويرا لبعض الخطابات السياسية التي عرفتها الجزائر من عهد النضال إلى اليوم. أي تقع المشهدية أسيرة هذا الخطاب السياسي المباشر ليذكرنا ببعض الأعمال التي تبدو كأنها خارجة من رحم الفن السلطوي. من ناحية أخرى، تساءل الناقد اللبناني قائلا «ماذا تريد تجربة كركلا مؤخرا سوى البهرجة والاستعراض المجاني، في كثير من الأحيان، الذي لا يحمل أي عمق فني وفلسفي؟ وحين لا يبدو كذلك، ما الذي يفرق أعماله عندها عن أي عمل لأي فنان عادي؟ ولماذا يريد خوض تجربة المسرح بينما يمكنه أن يبرع أكثر في تصميم الرقص؟.. أسئلة لا يعرف إجابة عنها سوى الفنان نفسه، وإن كانت المناسبة التي عمل عليها تستحق أكثر بكثير».