أرى.. أننا لسنا ملزمين أحيانا.. بتبيان جدوى الإسلام لغير المسلمين.. فقد نضيع أوقاتا ثمينة في محاولات فاشلة وعقيمة.. وقد يكون هذا صحيحا عندما يتعلق الأمر بمن يمتلك أحكاما نمطية مسبقة عن الإسلام.. أو لا يرغب أصلا في معرفة الحقيقة.. فإلى وقت قريب كان من شبه المستحيل أن تقنع أمريكيا أو أوروبيا.. كائنا ما كانت مكانته.. أن الربا رديف الخراب.. وأن الحكمة من تحريمه مهما كان معدل الفائدة واضحة.. وهي حماية الناس من جشع المرابين.. ومن الإفلاس. كان يجب أن ننتظر عام 2008.. حتى تنزل الصاعقة على الرؤوس.. ويهتز الغرب في عمومه.. على وقع زلزال عنيف.. لم ينبثق من باطن الأرض.. بل صدر من من أقبية البنوك.. فالدول التي سمحت للبنوك بالتحكم في شرايين اقتصادياتها.. أضحت واقفة على حافة الانهيار.. وعلى وقع الهلع الذي انتاب أصحاب القرار.. تم توجيه الأصبع نحو متهم وحيد: الفائدة. لم يختلفوا هذه المرة بشأن الجاني.. بل اتفقوا على أنه الإقراض الربوي.. وإذ انداح محيط الموجة ليستوعب الاقتصاد برمته.. فقد أوشكت دول على الإفلاس (اليونان، إسبانيا، البرتغال، إيرلندا…).. وانفلت مارد التضخم والبطالة والانكماش من قمقمه. ماذا سيفعلون لامتصاص الصدمة؟ لا حل سوى تخفيض معدل الفائدة (الولاياتالمتحدةالأمريكية: 0.25٪، كندا: 1٪، اليابان: 0.1٪، المملكة المتحدة: 0.5بالمائة، سويسرا: 0٪، هونج كونج: 0.5بالمائة، الاتحاد المالي الأوربي: 0.75بالمائة)،.. وهذا يعني بكل بساطة.. التطبيق الضمني لحكم الشريعة الإسلامية.. بجعل معدلات فائدة تقترب من الصفر. طبعا.. هم لا يستطيعون التخلص من ربقة البنوك الربوية تماما.. فاليهود قد أحكموا قبضتهم على كل شيء.. وتحكموا في خزائن هذه الدول.. لكنهم ولأول مرة يعترفون ولو على مضض.. بأن الربا نار تأكل كل ما يقترب منها.. كما سمحوا لأنفسهم أن ينصتوا لمن يقول لهم: إن النظام المالي الإسلامي هو الملاذ الوحيد للنجاة من الخراب. لندع الغرب يتخبط في طوفانه الربوي.. ونسأل: هل استفادت الدول الإسلامية شيئا من هذا الدرس القاسي؟ الجواب: إن معدل الفائدة في أكبر بلد عربي وهو مصر الإسلامية يبلغ 9.25 بالمائة.. وهو شأن باقي البلدان العربية والإسلامية.. إلا من بعض التجارب المحتشمة. في عشرينيات القرن الماضي.. سنت أمريكا قانونا لمنع إنتاج وتداول واستهلاك الخمور.. وحاولت تطبيقه قبل أن تتراجع عنه تحت ضغط الواقع.. فهل أدركنا نحن المسلمين.. وأعني بالدرجة الأولى حكوماتنا أن خلاصنا في شريعتنا.. وأن العودة إلى الأصل فضيلة.. أم إن الشيطان يلعب في كل الأماكن؟