في تاريخ العمل السياسي والحزبي في الجزائر، لم يحظ حزب قيد النشأة بمثل الاهتمام السياسي والإعلامي، الذي يحظى به، اليوم، حزب الوزير السابق عمار غول، الذي سيخرج إلى العلن رسميا منتصف سبتمبر القادم. ورغم أن مؤسسي الحزب لم يتحدثوا كثيرا في وسائل الإعلام عن مشروعهم الجديد، إلا أن انطباعا عاما بدأ يتشكل لدى المهتمين والمراقبين بأن «تاج» سيكون حزبا «كبيرا»، لسبب واحد هو أنه سيكون «مختلفا» عن غيره من الأحزاب والتنظيمات التي تعج بها الساحة السياسية في البلد! هذا «الاختلاف» يجد تفسيراته في اعتبارين اثنين يتوقع لهما أن يصنعا «الفارق» بين الحزب الجديد وغيره. أولهما شخصية الوزير عمار غول، الذي لن يخطئ كثيرا من يضعه واحدا من أنجح الوزراء الذين عرفتهم الجزائر في تاريخها السياسي الحديث. نقصد النجاح الملموس الذي يقف عليه المواطنون بأنفسهم، وليس النجاح الذي تتحدث عنه التقارير الكاذبة والمراسلات الإدارية التي لا أثر لها في الواقع! ولذلك تصنف إنجازات قطاع الأشغال العمومية بكونها فخر «العهدة البوتفليقية» بلا منازع! وربما هذه الصورة التي يحملها المواطنون عن الوزير غول هي التي تشرح كيف انتصر الرجل في الانتخابات التشريعية الأخيرة في عاصمة الجمهورية، وجاء أولا قبل قائمة الأفلان االتي قادها المرشح الذي يرأس البرلمان اليوم ! أما الاعتبار الثاني الذي يتوقع له أن يؤدي بالحزب الجديد إلى إخراج صورة مختلفة عن المألوف فهو أن مؤسسي «تاج» تجاوزوا عقدة الإيديولوجيا، والبناء العقدي للأحزاب الذي يحُول دون ممارسة السياسة على أسس علمية مدنيّة، وهنا يبدو هذا الوعي لدى «الجماعة الجديدة» لافتا، باعتبار أنها جاءت من حزب إسلامي، ولد بدوره من رحم فكرة دينية إصلاحية! فنجاح مؤسسي «تاج» في الخروج من عباءة الإيديولوجيا والتبعية للغائب يعد من أهم الرهانات التي تتوقف عليها صورة الحزب الجديد لدى المجتمع الذي طالما تقاذفته مراجع متضاربة بين الديني الإصلاحي والوطني المحافظ والديمقراطي العلماني، ما أدى إلى إحداث قطيعة واضحة بين الجمهور والعمل السياسي، تؤكدها أرقام المشاركات الانتخابية، حتى وصل الأمر في التشريعيات الأخيرة إلى أن الأوراق الملغاة كانت أكبر من الأوراق التي حصل عليها الأفلان، صاحب الأغلبية شبه المطلقة!