أخيرا وبعد ربع قرن من الحرمان والمنع، عادت منطقة سيدي عيسى المتاخمة للحدود الجزائرية المغربية، إلى أحضان أهلها بعد أن كانت ممنوعة على الجزائريين بفعل قرار إداري مجحف، مما دفع المغاربة إلى حرثها واستغلالها.ب.عبد السلام سيدي عيسى تقع غرب بلدية البويهي الحدودي، هي أرض فلاحية خصبة تتقاسمها الجزائر والمغرب يقع بها ضريح الولي الصالح سيدي عيسى الذي أصبح اليوم جزءا من التراب المغربي، كونه كان قبل نحو قرن بحسب شهادة الجزائريين، جزءا من التراب الجزائري. وقد أدى قرار إداري صدر مطلع الثمانينيات إلى منع التجول في المنطقة وتصنيفها ضمن دائرة المناطق الحساسة التي يمنع حرثها واستغلالها، وبمرور الوقت زحف المغاربة شيئا فشيئا على منطقة سيدي عيسى التي تحولت من عشرية الثمانينيات إلى نهاية التسعينيات إلى جزء من التراب المغربي. وفي تلك الفترة كان من الصعب على الجزائريين دخول المنطقة الممنوعة بقرار ولائي، مما طرح عشرات الأسئلة ونتيجة لتطور الأحداث بالمنطقة تم طرح الملف على مختلف السلطات وعلى أعلى المستويات، مما سمح بعودة الحياة إليها ودفع بعدد من الفلاحين المغاربة للعودة إلى نطاق الحدود المشتركة بين الجزائر والمغرب وهو ما أثلج صدور سكان الشريط الحدودي بعد قرابة ربع قرن من التوتر، حيث سمح قرار ولائي برفع كل أشكال المنع والتضييق على المراعي والأراضي بالشريط الحدودي لبلدية البويهي دائرة سيدي الجيلالي. منتخبان يفجران الملف بين الجزائر والمغرب في ربيع سنة2000 قام عضو المجلس الشعبي الولائي عبد الكريم بوزيدي عن حزب جبهة التحرير الوطني رفقة المحامي خلخال عبد القادر عضو المجلس عن حركة الإصلاح وعدد من المراسلين الصحفيين، بزيارة المنطقة الممنوعة تزامنا مع إثارة الصحافة الجهوية لتلك القضية. اتصلنا يوم أمس الأول بالمحامي خلخال عبد القادر الذي ابتعد منذ 5 سنوات عن الأضواء وسألناه عن ملف سيدي عيسى بعد 8 سنوات من تفجيره أمام السلطات الجزائرية والمغربية، خلخال ابتهج كثيرا للنتائج الإيجابية المحققة اليوم بالنسبة لسكان المنطقة، واعتبر أن نضال المنتخبين لابد أن يكون في العمل على حل مشاكل المواطنين بعيدا عن المكاتب والصالونات. وكان عضو المجلس الشعبي الولائي سابقا قد طرح القضية رفقة عضو الآفلان أمام المجلس الشعبي الولائي في دورته الربيعية لسنة ,2000 مما أدى بالتالي إلى تولي السلطات المحلية والولائية للملف، حيث عاينت اللجنة الولائية للأمن المنطقة، انطلاقا من دوار أولاد سيد الحاج، مرورا بمنطقة سيدي عيسى المتاخمة للشريط الحدودي وتم الاتفاق على ضرورة أن يتم رفع كافة الحواجز المتعلقة بمنع الفلاحين والمواطنين من استغلال أراضيهم التي استولى عليها مغاربة نتيجة الفراغ الذي خلفه غياب السكان ومنعهم لأسباب قيل أنها أمنية وتدخل في إطار مكافحة التهريب، لكن وجهة نظر السكان كانت أقوى لأن منعهم من التنقل على طول تلك المنطقة أي سيدي عيسى، أدى إلى زحف الفلاحين المغاربة على تراب الجزائر واستيلاء بعضهم على قطع أرضية وضمها للتراب المغربي. الملف تمت معالجته على أعلى المستويات من طرف رئاسة الجمهورية والحكومة التي كلفت السلطات الولائية بمعالجته وبالتنسيق مع قيادة حراس الحدود تم رفع كافة أشكال المنع على السكان بعد إخطار الجانب المغربي بتجاوزات المغاربة، وهو ما أدى إلى استرجاع الأراضي الفلاحية ومنع زحفهم على التراب الجزائري وهو ما اعتبره العديد من سكان منطقة أولاد سيدي الحاج عودة لكرامة الجزائريين القاطنين على الشريط الحدودي. عدنا والعود أحمد.. صباح يوم الأربعاء دخلنا منطقة سيدي عيسى التي سبق وأن زرناها قبل نحو 9 سنوات عندما كان الجدل قائما بشأنها، المنطقة تغيرت بشكل تام وفي الوقت الذي كانت عنوانا للمناطق الجزائرية التي يتطلب دخولها الحصول على ترخيص أمني وإداري لعبورها أو الإقامة فيها لساعات، أصبحت اليوم ورشة كبرى تضم إلى جانب مشاريع شركة المناجم الصينية التي تعمل على حفر آبار لعمالها بالمنجم، تحوي اليوم على أكبر مشروع لاستصلاح الأراضي الفلاحية وغرس الأشجار، وفي الوقت الذي كانت تفتقد فيه لمياه السقي الفلاحي والشرب، فإن منطقة سيدي عيسى تحوي اليوم على 6 آبار للسقي الفلاحي بعد استصلاح 48 هكتارا من أصل 147 هكتارا موجه لغرس أشجار الزيتون، فيما تجاوز الغلاف المالي المخصص لهذه العملية ال20 مليار سنتيم. ويستفيد سكان منطقة أولاد سيد الحاج بالدرجة الأولى من امتيازات هذا المشروع الجديد الذي قطع شوطا هاما في حفر الآبار في انتظار ربطهم بشبكة لتوزيع مياه السقي وإقامة ساقية بطول 10 آلاف متر على امتداد كافة الأراضي الفلاحية هذه المشاريع يمكن أن تغير من وجه المنطقة التي ظلت مبتورة عن باقي أجزائها. ويرى العديد من الذين اتصلنا بهم من سكان تلك الجهة، أن هذه الإجراءات سمحت لهم باستعادة ا جزائريتهمب لأن منعهم من استغلال منطقة هي جزء من ترابهم، شكّل لهم عقدة شك، من منطلق أن خلفية تلك القرارات التي تم اتخاذها كانت قائمة على مخاوف ممارستهم للتهريب في الوقت الذي كانت مناطق أخرى من تراب الولاية الحدودية تهرب كل شيء نحو المغرب دون أن تجد رادعا في ذلك الوقت. ويقول أحد السكان لم يبق في المنطقة من رائحة المغاربة غير شبكة الاتصالات التي تطغى على قوة التغطية لكافة المتعاملين في مجال الاتصالات بالجزائر. وغير بعيد عن الخط الفاصل بين الجزائر والمغرب بسيدي عيسى اقتربنا من مشروع إنجاز مركز للمراقبة التابع لعناصر حراس الحدود الذي يوجد في مرحلة متقدمة من الإنجاز ويرتقب الانتهاء منه مع منتصف السنة الجارية، بينما تراءت لنا وعلى مسافة قريبة جدا منازل المغاربة في الجهة الأخرى من الشريط الحدودي. فيما لاحظنا وجود أعين مغربية تراقب تحركاتنا على مقربة من الحدود طيلة تواجدنا بالمنطقة. سكان منطقة أولاد سيدي الحاج غير البعيدة عن سيدي عيسى، عبروا عن ابتهاجهم برفع كافة أشكال المنع من الجهة التي ظلت ممنوعة عليهم مما جعل المغاربة يزحفون على جزء منها بل ويطمعون في التوسع أكثر. ويطالب أولاد سيدي الحاج بغرب بلدية البويهي، بتوفير بعض الخدمات كقسم مدرسي لأبنائهم للتقليل من تنقلهم نحو مقر البلدية وتعبيد الطرقات المحاذية لقريتهم التي أنجزت حديثا بفضل برنامج البناء الريفي، حيث استفاد سكان هذا الدوار من سكنات ريفية• وفي هذا الشأن يرى رئيس الجمعية الفلاحية لبلدية البويهي، أن مساعدة السكان على الاستقرار أدى إلى حل الكثير من المشاكل التي كانت مرتبطة بالفراغ الموجود في الكثير من المناطق الحدودية على أساس أن المواطن هو عين الوطن الساهرة• فهل نعود إلى سيدي عيسى ذات يوم لرؤية ثمار أشجار الزيتون؟