على الرغم من أن الكتاب الديني وشبه المدرسي لايزال يتربع على عرش الكتب الأكثر استقطابا للقارئ الجزائري في الصالون الدولي للكتاب خلال طبعته الحالية على غرار السنوات الماضية، إلا أن الكتاب السياسي هذه المرة وجد له حيزا كبيرا في دائرة الاهتمام لدى شريحة معينة من القراء، وهوما اعتبره البعض انعكاسا طبيعيا لثورة المفاهيم والمعلومة التي رافقت حراك الشارع العربي فيما يعرف ب«ثورات الربيع العربي». خلال جولة في جناح دور النشر اللبنانية توقفت «البلاد»، عند «مركز دراسات الوحدة العربية» للنشر الذي شارك بألف عنوان من الكتب الحديثة في الصالون الدولي بطبعته الحالية، من بينها مائة عنوان جديد بين المترجم والمؤلف، إذ لاحظنا بعد اطلاعنا على مختلف الكتب ذات القيمة الفكرية والأدبية المعروضة أمام القارئ الجزائري، أنه لم يكن هناك فرض لأي قيود على عناوين الكتب المشاركة لدار «مركز دراسات الوحدة العربية» التي تعتبر من أهم دور النشر العربية التي كان من بين مؤسسيها شخصيات سياسية جزائرية كبيرة على غرار الراحل عبد الحميد مهري وكذا السياسي الأخضر الإبراهيمي. ومن بين العناوين التي لفتت انتباهنا ولاقت إقبالا لافتا من قبل زوار معرض الجزائر الدولي هذا العام، كتاب «ظاهرة الفساد السياسي في الجزائر» للأستاذ محمد حليم ليمام، الذي ينطلق في بداية كتابه من فرضية مفادها أن الفساد في الجزائر ليس فسادا عرضيا ظرفيا أو مجرد خلل وظيفي يعانيه النظام السياسي، بل هو الأداة والمنهج اللذان يستند عليهما لاستمرار واستقرار المنظومة الحالية. ويبني الكاتب قراءته تلك على جملة من المكونات التي استند عليها من البيئة الجزائرية ومعطيات الواقع واعتمادا على القراءات والإحصاءات المتوافرة حول الجزائر، حيث خلص الكاتب إلى أن الفساد رافق العملية السياسة منذ الاستقلال وأن النخبة الحاكمة عملت على فرض الجهوية ومنطق النفوذ لأصحاب المال في الصراع على السلطة. من جهته، أكد ممثل دار نشر «مركز دراسات الوحدة العربية» خالد دعيبس، في تصريح ل«البلاد»، أنهم لم يلاقوا أي عوائق أو منع لإدخال عناوين تتحدث عن الفساد في الجزائر، مستدلا بكتاب «ظاهرة الفساد السياسي في الجزائر»، كما أكد أن هذا الكتاب هو أول أطروحة ماجستير يقوم «مركز دراسات الوحدة العربية» بنشرها في شكل كتاب نظرا لأهميتها ونزولا عند رغبة الكثير من القراء. ومن العناوين التي لاحظنا إقبالا كبيرا للقراء الجزائريين عليها من زوار جناج المركز، فقد شملت كتاب «العنف السياسي في الوطن العربي» للكاتب توفيق إبراهيم، والذي تحدث فيه عن مظاهر العنف السياسي في بعض البلدان العربية ومردها إلى غياب الديمقراطية واستمرار احتكار السلطة. كما كان من بين العناوين الحاضرة بقوة والتي لاقت إقبالا واسعا لدى القارئ الجزائري كتاب «الصراع العربي الإسرائيلي»، الذي يحوي مائة سؤال ومائة جواب «لبيدرو برييجر» الصحفي والأستاذ الجامعي لمادة علم الاجتماع بجامعة بيونس أيريس الحكومية، حيث يعد هذا الكتاب أول عمل أكاديمي في الأرجنتين. كما كان من بين العناوين اللافتة لانتباه الزوار كتاب «روح التغيير في الوطن العربي»، الذي هو عبارة عن حلقات نقاش عقدها مركز دراسات الوحدة العربية حول أوضاع الثورة والحراك الاجتماعي في تونس ومصر المغرب وسوريا، إلى جانب مشاركة دار النشر بعنوان الثورة والانتقال الديمقراطي في الوطن العربي، حيث تضمن هذا الكتاب وقائع الندوة التي أعدها مركز دراسات الوحدة العربية بالتعاون مع المعهد السويدي بالإسكندرية الذي انعقد في تونس بمشاركة ثمانين باحثا وباحثة من أقطار الوطن العربي يمثلون اتجاهات فكرية متنوعة وثقافات مختلفة، كما كانت هناك كتب أخرى تتحدث عن الدور التركي في الدول العربية ومصالحها الإستراتيجية النامية بالمنطقة على غرار عنوان «الدور التركي تجاه المحيط العربي»للباحث محمد نور الدين الذي يقدم صورة شاملة لواقع العلاقات التركية-العربية. وما ميز مشاركة دار «مركز دراسات الوحدة العربية» للنشر هذه السنة عرضها للكثير من العناوين الجديدة والمهمة التي لقيت إقبالا كبيرا لدى القراء الجزائريين الذين تهافتوا عليها لاقتنائها على غرار الأستاذ مصطفى الذي التقيناه بدار النشر ذاتها وهو يحمل العديد من الكتب إذ قال لنا: «أنا أستغل فرصة وجود دور نشر عريقة كمركز دراسات الوحدة العربية، إذ نجد لها عديد الإصدارات الجديدة والقيمة ذات المستوى العالمي التي لا نجدها بأي مكتبة من المكتبات الجزائرية». وعن أسعار الكتب قال المتحدث إنها متفاوتة حسب نوع الكتاب وقيمته الأدبية والفكرية «لكن المتحدث أكد أن القارئ الجزائري الذي يحب التثقف بالكتب القيمة يجب عليه خصم جزء من ميزانيته لتوجيهها لاقتناء الكتب التي يجب أن ينتقيها بعناية.