إذا كنا قد استبشرنا اقتراب التخلص من التبعية الفرنسية، بعد أن قطع كورونا حبلها السري عندنا، فهل يكون الرهان على التنين الصيني فكرة صائبة، أم أنها لا تختلف في شيء عن الرهان الخاسر في الماضي، على الاتحاد السوفياتي؟. يبدو التوجه ناحية الصين، والانخراط في منظومة طريق الحرير الاقتصادية، أمرا واضح المعالم في السياسة التي تتبعها حاليا الجزائر، وقد ازدادت وتيرة هذا التوجه مع تفشي وباء كورونا، وهو أمر لا يقتصر بالطبع على الجزائر لوحدها، بل على عدد كبير من دول العالم، التي بدأت تخرج من العباءة الأمريكية، وبدأت معها متغيرات كبيرة تحصل في السياسات الدولية، لعل من أبرز معالمها شروع أمريكا في التخلص من الناتو والهيئات الدولية كمنظمة الصحة العالمية، وتخلص بريطانيا من الاتحاد الأوربي، ومؤشرات تفكك هذا الاتحاد الذي أظهر هزاله أمام أزمة كورونا، واصطف كالقطيع في طابور طويل للحصول على معدات الحماية الصحية من التنين الصيني. هذا يعني : أن العالم سيشهد إعادة تشكيل جذرية، تتبوأ فيه الصين مكان الريادة ربما لوحدها أو مناصفة مع أمريكا، لكن في غياب رؤى محلية بديلة، تمتلك خطة الاستقلالية وبرنامج الاقلاع الاقتصادي الخاص، فسنكون بالضرورة رقما صغيرا في منظومة صينية، لن تكون بالضرورة أفضل من المنظومة الدولية السابقة، بدليل ما عاناه مسلمو الروهينغا من اضطهاد شيوعي صيني. إن ثمن التبعية كبير مهما كانت الجهة المتبوعة، ذلك أن الجهة التابعة ستفقد قدرتها على التحرر إذا رضيت من البداية بمنطق العبودية.