لعلّ الخبطة الكبرى التي تلقتها أوربا من قبل التنين الصيني إنشاء بكين لمركز شاسام هوس للدراسات "طريق الحرير " في 2015 الممتد من آسيا إلى أوربا مرورا بشانغاي و وصولا إلى غاية الحدود بين اسبانيا و المغرب ، و تتوخى الصين من وراء خطة التوجه غربا الرد على محور الولاياتالمتحدة - آسيا بعد أن قررت واشنطن إعادة التوازن تجاه منطقة آسيا والمحيط الهادئ التى تتضمن عنصرا عسكريا كبيرا ، يهدف بشكل واضح لردع هيمنة الصين. و في نيّة الصين أيضا التوغل في أوربا من خلال إقامة قواعد تجارية تمتد إلى إقامة قاعدة صناعية تزاحم بها دول الإتحاد الاوربي مجتمعة و تنافس الولاياتالمتحدة في هذا الفضاء ، رغم أنّ كثيرا من الدول الأوربية التي يعبر الطريق أقاليمها يبدو لها أنّها المستفيد الأكبر من حجم الاموال التي تستثمرها الصين . هذه القوة الآسيوية الناشئة بسرعة البرق تعتمد سياستها الخارجية على عدم إثارة انتباه واشنطن لتكون العدو الأول للولايات المتحدة المتخوّفة من الخطر الأصفر وقد كان من الطبيعي حينها ألا تثير الصين غضب الولاياتالمتحدة وأن تعمل على تهدئة مخاوفها وتصبح الخطر الأول وتحل محل الاتحاد السوفيتي ، و تشد عديد الدول الرحال للارتماء في أحضان الصين لاعتبارات عديدة منها حجم الأموال الضخمة التي تضخها الخزينة المركزية للمشروع الذي صار حقيقة كما أنّ هذه الأخيرة تصنّف الأولى عالميا في مجال النمو و احتياط العملة الأجنبية و ثاني أكبر منفق عسكريا وجذبا للاستثمارات والثالثة في التجارة الدولية والرابعة من حيث الناتج المحلي ، والخامسة من حيث عدد الرؤوس النووية ، كما إنها من الدول التي لها برنامج فضاء متقدم و رغم أنّ حجم المبادلات بين الصين و الإتحاد الأوربي قد بلغ في 2015 ما معدله 1.7 مليار دولار و ملياري دولار في 2016 فإنّ الاموال الصينية العائمة في السوق الأوربية لا يعرف لها حجم ، و هي الأموال التي تأتي من المناولة و عدم التصريح بالنشاطات الصناعية و التجارية و العقارية التي تقوم بها عديد الشركات الصينية في كل أوربا و لم تجد معها حملات المراقبة و التحري الضريبي نفعا غرم أن كثيرا من المؤسسات الأوربية تشارك المشاريعَ الصينية في المناولة و الخدمات الثانوية في قطاعات العقار و المواد الاستهلاك واسعة الانتشار كما أنّ أموال الصين تستثمر في سوق العقارات في لندن وسيدني وفانكوفر و تنتهج الصين في مخطط " الاستحواذ " على أوربا طريقة خاصة حيث بدأت بأوربا الشرقية و هي الحلقة الأضعف في الاتحاد الأوربي ووجدت في الخطة استجابة آلية حيث عقدت عديد الصفقات مع المجر و بولونيا و من أوربا الشرقية وصل التنين إلى أوربا الغربية فوقّعت باريس مع بكين اتفاقية أولوية التعاون فى أسواق الطرف الثالث ، و التركيز على مشاريع البنية التحتية . و في الظرف الراهن تنتهج فرنسا ما يشبه غض النظر عن تهرب المؤسسات الصينية على أراضيها و التي لا تعلن عن نفسها و نشاطها و عمالها بالشكل المطلوب و هدف فرنسا من وراء ذلك الغرف من المال الصيني إلى حين و هي تعلم أنّ الاقتصاد الصيني يؤشِّرعلى اتجاه واحد ألا وهو الصعود. و قد حقق نموًّا وصل به إلى مصاف ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم ، كما نمت أسواق ضمن هذا السياق لتصبح مراكز مهمة في الاقتصاد العالمي. وبهذا لم تكن الصين تنمو فقط بل حققت بهذا أيضًا اندماجًا في قلب الاقتصاد العالمي .