يحل نهار اليوم في واشنطن وزير الخارجية، مراد مدلسي، في زيارة وصفت بالهامة، بالنظر الى أهمية العلاقات التي تربط البلدين، والملفات الإقليمية والدولية المشتركة بين الطرفين، فبدعوة من نظيرته، هيلاري كلينتون، ينتظر أن يلتقي مدلسي مع عدد من كبار الإدارة الأمريكية، لتناول العديد من المسائل العالقة بين البلدين، خاصة تلك التي تراكمت إبان إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش، والتي لم يستطيع البلدان خلالها الخروج من دائرة التعاون الأمني والاستخباراتي في إطار محاربة الإرهاب، وكذا التجاذب المسجل بينهما على خلفية القاعدة العسكرية " افريكوم " التي ركزت إدارة البنتاغون على ضرورة تجسيدها في أحد الأقطار الإفريقية، في حين لاقى المشروع معارضة شديدة من طرف عدد من دول المنطقة على غرار ليبيا والجزائر. ويرى المراقبون أن النوايا الأمريكية في الانفتاح على القارة السمراء عبر عدد من البوابات الافريقية، على غرار منطقة المغرب العربي، والجزائر على وجه التحديد، يقابله تمسك جزائري بضرورة بناء تلك العلاقات على مقياس ندي يحترم مصالح الطرفين، ويبتعد عن روح الهيمنة والتفرد في إطار تقاسم النفوذ بين القوى الفاعلة في العالم، وهو ما يمكن تجسيده في الظرف الراهن، في ظل التوجهات الجديدة لإدارة الرئيس باراك اوباما، الرامية إلى إعادة ترميم الصورة الأمريكية في العالم. ووصف بيان أصادرته الخارجية الجزائرية الزيارة ب"المهمة" وقال: " إنها تندرج في سياق تعزيز الشراكة المتينة القائمة بين الجزائروالولاياتالمتحدة، وتعكس مرحلة نوعية جديدة نحو التكثيف المتعدد الأشكال للعلاقات القائمة بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعلمية". وأضاف البيان أن الزيارة تدخل في اطار تعزيز التشاور والحوار المنتظم، مشيرا إلى الزيارات التي قام بها مؤخرا إلى الجزائر عدد من المسؤولون الأميركيين، على غرار نائب كاتب الدولة المكلف بشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان، ومساعدة نائب كاتب الدولة للدفاع، فيكي هودليستون، وأخيرا قائد القوات الامريكية في أفريقيا "أفريكوم" الفريق أول ويليام وارد. وذكر البيان أن مدلسي، سيجري "محادثات جوهرية" مع كلينتون حول العلاقات الثنائية التي عرفت تقدما ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى التشاور حول المسائل السياسية الدولية "البالغة الأهمية" مثل الوضع في المغرب العربي والساحل الإفريقي والشرق الأوسط، ومكافحة الإرهاب والنزاعات في إفريقيا. وأشار البيان إلى أن وزير الخارجية سيجري أيضا مباحثات مع مسؤولين آخرين بينهم جيفري فيلتمان، نائب كاتب الدولة المكلف بشؤون الشرق الأوسط، وروبيرت هورماتس، نائب كاتب الدولة المكلف بالشؤون الإقتصادية والطاقوية والزراعية، بالإضافة إلى مسؤولين آخرين بمجلس الأمن القومي ومسؤولين في ديوان نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن. كما سيلتقي مدلسي، مع عدد من الشخصيات البارزة في الكونغرس الأميركي، بينهم أعضاء في لجنة الجزائر بالكونغرس، بالإضافة إلى اجتماع سيعقده مع أعضاء مجلس الأعمال الجزائري- الأميركي وممثلين عن الجالية الجزائرية المقيمة هناك. وأكد البيان أن الإصلاحات التي نفذتها الجزائر وتحديث اقتصادها بالإضافة إلى قرب إبرام اتفاقية "السماء المفتوحة" مع الولاياتالمتحدة، من خلال فتح خط جوي بين العاصمة الجزائرية ونيويورك، ستكون فرص قوية لإشراك كبريات الشركات الأميركية في الاستثمار، وإقامة شراكات جديدة تعود بالفائدة على كلا الطرفين. ويشار إلى أن الولاياتالمتحدة، سجلت للمرة الرابعة على التوالي، لقب الزبون الأول للجزائر إذ بلغ حجم المبادلات بين البلدين أكثر من 21 مليار دولار العام 2008 ، وهو ما صار يقلق بعض القوى الاقليمية كفرنسا، التي صارت تتوجس خيفة من تراجع نفوذها الاقتصادي والتجاري والسياسي في الجزائر، امام المد الصيني المتنامي بقوة، وكذا الانفتاح الأمريكي، حيث صار مشروع اتفاقية " السماء المفتوحة " بين البلدين، تشكل تهديدا مباشرا لفرنسا، بما أنها ظلت تهيمن طيلة العقود الماضية على مختلف الأنشطة، فكل ما يجري في الجزائر يمر عبر باريس.